الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الهاشميون.. 100 عام في خدمة الأردن

الهاشميون.. 100 عام في خدمة الأردن
11 ابريل 2021 06:22

جمال إبراهيم، أحمد مراد (عمان، القاهرة)

تاريخ حافل بالعطاء والإخلاص قدمته العائلة الهاشمية على مدار قرن من الزمان في خدمة المملكة الأردنية، والعمل على تطورها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً.
وقبل 100 عام من الآن، وبالتحديد في الحادي عشر من أبريل عام 1921، تأسست المملكة الأردنية الهاشمية على يد الملك المؤسس عبدالله الأول، الذي وضع اللبنات الأولى لمملكة عصرية قوية، وعلى نهجه ومسيرته سار ملوك العائلة الهاشمية في طريق بناء المملكة وتحديث المجتمع، وصولاً إلى الملك عبدالله الثاني، وولي عهده الأمير الحسين. 
وطوال هذه الفترة، تمكن ملوك الأردن النهضة بالمملكة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فانتقلوا بها إلى حالة مدنية أدهشت المراقبين، ليتربع الهاشميون في قلوب الأردنيين لما بذلوه في رفعة وطنهم.

  • الشريف الحسين بن علي
    الشريف الحسين بن علي

التأسيس
وتعود البدايات الأولى لتأسيس المملكة الأردنية الهاشمية إلى عام 1916، مع اندلاع الثورة العربية التي قادها الحسين بن علي، شريف مكة، بهدف تحرير الأراضي العربية من هيمنة العثمانيين، وعاونه ابناه الأمير فيصل الذي تولى فيما بعد عرش سوريا، والعراق في وقت لاحق، والأمير عبدالله الأول الذي تولى عرش إمارة شرق الأردن التي تحولت فيما بعد إلى المملكة الأردنية الهاشمية بعد استقلالها عن بريطانيا عام 1946.
وفي أعقاب الثورة العربية، جاء الأميرعبد الله الأول، إلى منطقة «معان»، إحدى أبرز المدن الأردنية حالياً، واستقر فيها لفترة زمنية، وخلالها التف حوله العرب وساندوه.

  • عبدالله الأول
    عبدالله الأول

وفي الثاني من مارس عام 1921، وصل الأمير عبدالله الأول إلى عمان، العاصمة الأردنية حالياً، وبدأ تشكيل نظام سياسي متكامل، مستغلاً خبراته السياسية، وما عُرف عنه من حنكة سياسية.
وفي الحادي عشر من أبريل عام 1921، اُعلن عن قيام ما يسمى بـ «إمارة شرق الأردن» بقيادة الأمير عبدالله الأول، وتأسست أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع، ونجح الأمير عبر محادثات مارثونية مع وزير المستعمرات البريطاني وقتها، ونستون تشرشل، والمندوب السامي البريطاني، هربرت صموئيل، في انتزاع اعتراف بريطانيا بتأسيس دولة في شرق الأردن.
بعدها واصل الأمير المؤسس، عبدالله الأول، جهوده برفقة مجموعة من القيادات الوطنية العربية، لبناء الدولة ومؤسساتها، وتمكن من إقامة أول نظامٍ حكوميٍ مركزيٍ في المنطقة، وعمل على توحيد المناطق الأردنية، وأعاد ترتيب شؤونها، ووضع اللبنات الأولى لدولة عصرية تقوم على الشرعية الديمقراطية من خلال إصدار أول قانون أساسي في الأردن عام 1928، وأجريت انتخابات لأول برلمان أردني في 1929. 
ويصف الباحث في التاريخ الأردني وليد سليمان، عبدالله بن الحسين قائلاً: «لقد كان شخصية فذة، متقناً لعدة لغات، وشاعراً ذا حسٍّ مرهب، ورؤية ثاقبة، ألف عدة كتب ورجل دولة من طراز فريد». 
وأوضح سليمان أن عبدالله الأول بذل جهوداً مضنية لإرساء دعائم الأمن والاستقرار، ثم النهوض والارتقاء المجالات كافة، زراعية واقتصادية وتعليمية وصحية وثقافية. 
وفي الوقت الذي كان فيه الأمير المؤسس يقود جهود التنمية في الأردن نحو بناء دولة حديثة، عمل أيضاً على تحقيق استقلال الأردن بشكل تام عن بريطانيا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نجحت جهوده في إبرام معاهدة لاستقلال الأردن مع الجانب البريطاني، وقعت في لندن في 22 مارس عام 1946، واُعلن في هذه المعاهدة عن تسمية الأمير عبد الله الأول حاكماً على البلاد.

  • الأمير عبد الله الأول مع رئيس الوزراء البريطاني تشيرشل عام 1921
    الأمير عبد الله الأول مع رئيس الوزراء البريطاني تشيرشل عام 1921

ويقول سليمان: «نالت إمارة شرق الأردن الاستقلال عن الانتداب البريطاني في 1946، وتحولت إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبح أميرها عبدالله الأول ملكاً، لتواصل المملكة في عهده نضهتها العمرانية والإدارية والاقتصادية والعسكرية الكبيرة». 
وتابع سليمان: «في غضون خمسة أعوام فقط، تحولت المنازل الطينية في عمان إلى منازل عصرية، ورصفت الطرق، وأنشئت المستشفيات، والبنوك وغيرها من المشاريع الكبرى». 
واستمرت جهود عبدالله الأول في ترسيخ أسس المملكة الأردنية سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، حتى استشهد في القدس في 20 يوليو العام 1951، وكان ذاهباً إلى صلاة الجمعة في المسجد الأقصى برفقة حفيده الحسين بن طلال.

  • طلال بن عبدالله
    طلال بن عبدالله

أول دستور
بعد استشهاد الملك المؤسس، عُين طلال بن عبدالله، ملكاً دستورياً للمملكة الأردنية الهاشمية، في 6 سبتمبر 1951، وحافظ على نهج الملك المؤسس، وواصل مسيرة بناء المملكة على أسس راسخة وقواعد متينة سياساً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، وحرص على ترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان.
وقبل أن يكمل عامه الأول في الحكم، نجح طلال بن عبدالله في إنجاز أول دستور أردني عام 1952، ومثل هذا الدستور مرحلة جديدة وحديثة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، وبداية حقيقية لتطور لافت للنظر في الحياة السياسية بالأردن، حيث رسخ مبدأ مشاركة الشعب في صنع القرار، وعزز دعائم الوحدة الوطنية والقومية، وأحدث قفزة هائلة في الحياة النيابية.
وخارجياً، حرص الملك طلال على توسيع علاقات الأردن بمحيطها العربي والإقليمي والدولي، وعمل على تعميق العلاقات مع السعودية وسوريا ومصر، ووُقعت في عهده اتفاقية الضمان الجماعي العربي.
وبسبب ظروف صحية لازمته، قرر الملك طلال التخلي عن الحكم لابنه الأكبر الحسين، وكان وقتها ما زال صغيراً، ومن ثم صدر قراراً دستورياً بتشكيل مجلس الوصاية في 11 أغسطس عام 1952، حتى يبلغ الحسين السن القانونية.
ويشير الباحث الأردني وليد سليمان إلى أنه رغم قصر فترة حكم الملك طلال، والتي استمرت لمدة عام واحد، إلا أنها كانت كافية ليسجل التاريخ إنجازاته، لا سيما الدستور الذي يتوافق مع النظم الديمقراطية، ويكفل الحقوق والحريات بما يتماشى مع القيم الأردنية الأصيلة. 

  • الحسين بن طلال
    الحسين بن طلال

النهضة الشاملة
تُوج الملك الحسين بن طلال ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية في عيد ميلاده الثامن عشر، وتحديداً في الثاني من مايو عام 1953، واستمر حكمه على مدى 47 عاماً، حقق خلالها نهضة شاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
وخلال مسيرة تنموية شاملة، عمل الملك الحسين على إقامة بنية تحتية اقتصادية وصناعية، حيث تطورت في عهده صناعات رئيسة، مثل الفوسفات والبوتاس والإسمنت، كما أسس شبكة من الطرق الحديثة في أنحاء المملكة.
وعُرف الملك الحسين برؤية حكيمة وخبرات سياسية واسعة، الأمر الذي ساعده على النهوض بالأردن، وتحقيق قفزات هائلة في مختلف المجالات، وبات الأردن في عهده دولة محورية على المستوى الإقليمي والدولي، وتحظى باحترام وتقدير من جميع منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي.
وعربياً، لعبت المملكة الأردنية الهاشمية في عهد الملك الحسين دوراً محورياً في أعمال وقرارات جامعة الدول العربية، وفي مجال دعم وحدة الصف والعمل العربي المشترك، ودعم القضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية. كما عمل على حل الخلافات العربية-العربية، وخلال أزمة الخليج الأولى بذل جهداً كبيراً لضمان انسحاب عراقي سلمي من الكويت، واستعادة الكويت لسيادتها، وصدر عن المملكة الأردنية ما عُرف بـ«الكتاب الأبيض» الذي حدد طبيعة الموقف الحقيقي والعقلاني للقيادة الأردنية من أزمة الخليج.
وعلى مدى سنوات حكمه التي اقتربت من نصف قرن، وضع الحسين بن طلال مهمة تحسين المستوى المعيشي للمواطن الأردني في مقدمة أولوياته، وكثيراً ما كان يردد شعاره الشهير: «الإنسان أغلى ما نملك»، واعتبر هذه المهمة الركيزة الأساسية لخطط المملكة التنموية، مع ضرورة توزيع مكتسبات التنمية لتشمل كل مناطق المملكة وجميع فئات الشعب الأردني.

مسيرة ديمقراطية
سياسياً، عمل الحسين بن طلال، والد العاهل الأردني الحالي الملك عبدالله الثاني، على تعزيز مسيرة الديمقراطية الدستورية في المملكة الأردنية التي شهدت في عهده طفرة حقيقية في الحياة السياسية من خلال ترسيخ قاعدة التعددية السياسية، وتأكيد نهج الشورى، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل المرأة سواء بالترشح أو الانتخاب.
وفي 1990، شكل الملك الحسين لجنة ملكية مثلت جميع أطياف الشعب الأردني لوضع مسودة الميثاق الوطني الذي عزز مبادئ التعددية السياسية في المملكة التي شهدت انتخابات برلمانية حرة نزيهة حظيت باحترام وتقدير جميع المراقبين الإقليميين والدوليين.
وبحسب الباحث الأرني وليد سليمان، عمل الملك الحسين طوال فترة حكمه على تحسين بلاده ورفع مستوى معيشة الأردنيين، كما ركز على بناء بنية تحتية اقتصادية وصناعية عززت نوعية حياة الشعب الأردني.
وأضاف: «في عهده أصبح التعليم الابتدائي إلزامياً ومجانياً، وانتشر التعليم في قرى وريف المملكة، لافتاً إلى أنه ركز أيضاً على تحسين التعليم العالي، حيث أنشأت عشرات الجامعات والكليات العامة والخاصة، كان أولها الجامعة الأردنية في عمان عام 1962.

رعاية المقدسات
حرص ملوك العائلة الهاشمية في الأردن عبر قرن من الزمان على رعاية المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وبدأ ذلك مبكراً للغاية، وبالتحديد في 1922 من خلال تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى، الذي تأسس كمنظمة إسلامية أهلية للحفاظ على تراث القدس ورعاية المقدسات الدينية.
وكان الملك المؤسس، عبدالله بن الحسين، أول من أطلق دعوة لترميم محراب زكريا، وإعادة ترميم المباني المحيطة.
ولم تقتصر رعاية الملك المؤسس على المقدسات الإسلامية، حيث ظل طوال الثلاثين عاماً التي قضاها في الحكم خلال الفترة من 1921 وحتى 1951 حارساً للمقدسات المسيحية أيضاً، وفي العام 1949 شارك بنفسه في إخماد حريق كاد أن يدمر كنيسة القيامة بمدينة القدس.
أما الملك الحسين بن طلال، فقد أصدر توجيهاته للحكومة الأردنية عقب توليه الحكم في مايو 1953 لترميم قبة الصخرة، وفي العام التالي شكل لجنة بموجب قانون خاص لإعمار المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف، وذلك من منطلق المسؤولية التاريخية للهاشميين تجاه المقدسات الإسلامية.
وتواصل الاهتمام الأردني بالقدس ومقدساتها في عام 1956 وعام 1959، وهو تاريخ بدء الترميم الثاني للمقدسات الإسلامية، وهو المشروع الضخم الذي موله الأردن، إلى جانب دعم قدمته بعض الدول الإسلامية الأخرى، واستمر الترميم الثاني حتى السادس من أغسطس العام 1964.
وعند تعرض المسجد الأقصى للحريق الشهير في 21 أغسطس العام 1969، أصدر الملك الحسين بن طلال أوامره بضرورة إعادة إعمار المسجد الأقصى، وتم إعادة تعمير كل من المسجد الأقصى، وقبة الصخرة المشرفة، وتبرع بمبلغ من ماله الخاص للجنة الإعمار.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©