الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أبوظبي والخمسون عاماً القادمة من الحوكمة الخضراء

شيخة سالم الظاهري
21 مايو 2022 01:58

د. شيخة سالم الظاهري
عندما بدأت العمل مع هيئة البيئة - أبوظبي، منذ أكثر من عقدين من الزمن كباحثة طموحة في قطاع التنوع البيولوجي، لم أكن أتخيل أننا في يوم من الأيام سنطلق رؤية أبوظبي البيئية لـ 50 عامًا قادمة.
في 1 أبريل 2022، أطلقنا «المئوية البيئية 2071»، وهي رؤية بيئية شاملة ومشتركة لإمارة أبوظبي للخمسين عاماً القادمة، تؤكد على التطلعات الطموحة للهيئة وشركائها لجعل أبوظبي الأفضل عالمياً في الحفاظ على البيئة.
لقد أتاح لنا وضع هذه الرؤية الفرصة لتحرير أنفسنا من مجرد التركيز على الحاضر، إلى التفكير العميق في المستقبل بزاوية عرض 360 درجة لما نتخيله لبيئة الإمارة.
تضم المئوية البيئية ثلاثة مسارات لتحقيق ثلاثة أهداف لإمارة أبوظبي بحلول عام 2071، إمارة حيوية مزدهرة بالطبيعة؛ قوة خضراء تتصدى للتغير المناخي؛ ومُمَكّنات بيئية لقيادة المستقبل.
تتمثل رؤية المئوية البيئية في جعل أبوظبي الأفضل في العالم في مجال الحفاظ على البيئة، وتتماشى مع رؤية الإمارات المئوية 2071 لتكون أفضل دولة في العالم.
إن تحقيق هذه الرؤية الطموحة هو مهمة كبيرة، وإن لم تكن مستحيلة، وقد تم صياغة الرؤية عبر 12 ركيزة ورؤية تتوافق مع 33 هدفًا و76 برنامجًا مستقبلياً، تم تصميمها وتطويرها بالتعاون مع ثماني جهات حكومية، وبالتشاور مع القطاع العام والخاص والأكاديمي لعكس الخبرات والمجالات المتنوعة.
لقد تواصلنا أيضًا مع أفراد المجتمع لفهم طموحاتهم البيئية لإمارة أبوظبي بشكل أفضل. تلقينا أكثر من 1000 فكرة مشرقة من الجمهور.
تمثل طموحات إمارة أبوظبي، على المدى البعيد، حجر الأساس لرؤية المئوية 2071 على المستوى المحلي. وقد تم تحليل ما يقرب من 19 وثيقة من السياسات والاستراتيجيات الرئيسية على مستوى أبوظبي والإمارات، من رؤية أبوظبي إلى استراتيجيات وإجراءات الابتكار والطاقة، والغذاء والمياه والمناخ.
على الصعيد العالمي، وبالنظر إلى الاتجاهات الكبرى في المستقبل، نجد أنها مدفوعة إلى حد كبير بالتزايد المستمر في عدد السكان وحاجته إلى المزيد من الغذاء والماء والمأوى - كل ذلك ينتج المزيد من النفايات، مما يشكل عبء كبير على البيئة.
بحلول عام 2050، من المتوقع أن ينخفض ​​التنوع البيولوجي البري بنسبة 10%، وستفوق المواد البلاستيكية في محيطاتنا عدد الأسماك، وسوف نشهد تدهورًا عامًا في التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي، لسوء الحظ، لن تكون أبوظبي والإمارات في مأمن من هذه الاتجاهات العالمية المقلقة.
ومع ذلك، سنكون مستعدين للتعامل معهم بشكل استباقي. سوف نقوم بجهود حثيثة للمحافظة على الأنواع، في البيئة البرية والبحرية، لحماية تنوعنا البيولوجي وإعادة بناء واستعادة نظمنا البيئية.
سنقوم بإلغاء أي ممارسات صيد غير مستدامة من خلال لوائح أكثر صرامة لجعل مخزوننا السمكي مستدامًا، من أكثر من 62% في عام 2021 إلى ما يقرب من 90% يتم اصطيادها بشكل مستدام في العقدين المقبلين. وبالتوازي مع ذلك، سنقوم أيضًا بتطوير قطاع استزراع الأحياء المائية المستدامة لزيادة مساهمتها إلى 50% من إجمالي محصول الصيد البحري بحلول عام 2030.
سنقوم أيضًا بتوسيع شبكة الشيخ زايد للمحميات الطبيعية لضمان استمرارها في حماية التنوع البيولوجي في أبوظبي والأنواع المهددة والموائل والنظم البيئية. 
والأهم من ذلك أننا نريد عكس اتجاه تدهور الأراضي لحماية واستعادة التنوع البيولوجي البري من خلال دمج الأنظمة والتقنيات المبتكرة. على الصعيد العالمي، ما يقرب من 75 % من الأراضي متدهورة، وتشير التقديرات إلى أن زيادة التصحر وحده ستؤدي إلى نزوح أكثر من 135 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2050.
في غضون 50 عامًا، يجب أن تمتلك أبوظبي أنظمة مستدامة لإدارة التربة والمياه تدعم أشكال الحياة المختلفة. سنحدد إطارًا للاستخدام المستدام للأراضي مدعومًا ببرامج المراقبة التي تقلل من تدهور التربة.
سننشئ أيضًا نظامًا للحوكمة يأخذ في الاعتبار جميع المفاهيم والعلاقات المتبادلة بين المياه والبيئة والطاقة وعناصر الغذاء بناءً على الأبحاث وأفضل الممارسات. وسيتم دعم ذلك من خلال تتبع وحساب حركة المياه داخل وخارج الإمارة ضمن قطاعات محددة.
لتعزيز ريادتنا في إدارة جودة الهواء الخالية من الملوثات، تسعى الهيئة لتنفيذ نظام متكامل لمراقبة جودة الهواء ومراقبته في جميع القطاعات الاقتصادية.
من المحتمل أن يكون لتغير المناخ تأثير أكبر على صحة الإنسان في السنوات القادمة. وفقًا لأحد التقديرات، ستزيد الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة بنسبة تزيد على 250% بحلول عام 2050.
إن بناء قوة خضراء قادرة على الصمود في وجه تغير المناخ أمر أساسي لحماية المجتمع والبيئة والبنية التحتية. سننفذ تدابير التخفيف والتكيف لتطوير المرونة المناخية والتحرك نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050. كما يُعد إنشاء نظام بيانات ومعلومات ومعرفة لتغير المناخ لإمارة أبوظبي خطوة أولى حيوية في هذا الاتجاه. سيدعم النظام البحث العلمي، ويتنبأ بآثار تغير المناخ، ويعتمد على أطر تحليلية متقدمة، وسيتم دعم اتخاذ القرار من خلال نظام معرّف رقمي يقيس البصمة البيئية لكل فرد ومنظمة وقطاع.
بحلول عام 2060، لن يكون النفط هو المحرك المهيمن للطاقة. وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يقود الهيدروجين التحول من خلال تلبية ما يقرب من 25% من احتياجات الطاقة في العالم. سيؤدي التميز في العمل المناخي، والنمو الأخضر، والاقتصاد الدائري، والقيادة المستمرة في مصادر الطاقة المتجددة إلى دفع هذا التحول من النفط.
في غضون الخمسين عامًا القادمة، ستعيد أبوظبي تأكيد ريادتها في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة مع توافر الطاقة النووية، والوقود الحيوي، وأسطول الهيدروجين، والأسطول منخفض الكربون.
سنرسخ مكانتنا كقوة خضراء في جميع أنحاء العالم من خلال اتباع نهج يعكس رأس المال الطبيعي، وخدمات النظم البيئية، ويحفز الاستثمارات الخضراء. وبالمثل، سنعزز ريادتنا في الاقتصاد الدائري، وكفاءة الموارد، والحد من النفايات والانبعاثات من خلال إدارة النفايات، وفقاً لأحدث الممارسات وتشجيع إعادة الاستخدام للمساعدة في إغلاق حلقة الاستهلاك.
نتمنى أن تكون أبوظبي رائدة في مجال العمل البيئي من خلال تشكيل المستقبل، وإحداث التغيير، وتحقيق التميز في الأداء، وربط الأفكار والعقول والأنشطة والشركاء كأساس للقيادة البيئية التحويلية.
من خلال استخدام نظام تعليم وتوعية بيئي متطور يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والبرامج المستقبلية، سنعمل على تعزيز ودعم التعلم مدى الحياة والمراقبة الذاتية البيئية بين الأفراد والمؤسسات.
تتمثل أهداف «المئوية البيئية 2071» في تحقيق رؤية أبوظبي للتنمية المستدامة، وتأكيد ريادتها في الحوكمة الخضراء لمعالجة بعض المشاكل الأكثر إلحاحًا التي نواجهها اليوم. وستكون هذه الأهداف أيضًا تكريمًا مناسبًا لإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
أنا متحمسة للغاية لتحقيق هذه الآمال ومشاركة طموحاتنا لما سيشهده الجيل القادم بعد 50 عامًا من الآن. المستقبل الذي يعنيهم ونشكله نحن ليكون إرثاً بيئياً نفخر به.
الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©