الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

متعافٍ يروي تجربة التخلص من الإدمان بمساعدة "الوطني للتأهيل"

متعافٍ يروي تجربة التخلص من الإدمان بمساعدة "الوطني للتأهيل"
23 أغسطس 2022 13:39

خلفان النقبي (أبوظبي)
تبدأ دائماً رحلة الإدمان بدافع الفضول وحب التجربة، بجانب تصوير رفاق السوء للشخص بأن المخدرات مصدر للسعادة، وما إن يقع الشخص في براثنها حتى يكتشف الكذبة الكبرى، وتتدهور علاقاته بكل المحيطين به، ويحيل حياتهم جحيماً، إذ يكون كل هدفه التعاطي والإحساس لحظات بنشوة المخدرات. هذا ما حدث بالفعل لإبراهيم، الذي لم يفق من كبوته إلا عندما حكم عليه بالسجن، ليقرر موافقة الأهل باللجوء للمركز الوطني للتأهيل، الذي دخله بداية إرضاءً لزوجته، ظناً منه أنها فترة يعود بعدها ليواصل التعاطي، لكن ما إن دخل المركز حتى اختلفت النظرة تماماً، وشيئاً فشيئاً بدأ يستجيب للعلاج، ليمر بكل مراحله، حتى النفسية منها، ليعود إلى حياته وأهله وأبنائه، الذين وعدهم بتعويضهم عن كل لحظة قصر فيها بحقهم.
أدمن إبراهيم تعاطي الهيروين والأفيون والحبوب والحشيش وهو في الثانية والعشرين من عمره. يقول عن بداياته: كانت البداية من باب التجربة والتسلية والفضول، حيث كنت أسمع أن الحشيش والمخدرات تمنح شعوراً غريباً، وتشعر الشخص بالسعادة، كما أن إصرار أصدقائي على أن أجرب شجعني أكثر، فقلت في نفسي (خليني أجرب)، ولم أفكر في العواقب التي ستواجهني، أو ماذا سيحصل إذا دخلت في هذا العالم.
وأضاف: كان لي أصدقاء دخلوا عالم الإدمان، ولم أكن أعرف شيئاً عن المخدرات غير أنها ستجعلني سعيداً.. لم أكن أحسب أن الدخول في هذا العالم كارثة ودمار، فقد كان هدفي الوحيد التجربة والتسلية. يوضح إبراهيم: تعرضت للكثير من الضغوط النفسية بسبب الإدمان، فأنا إنسان متزوج لدي 4 أبناء، حيث حصلت لي عدة اضطرابات نفسية، فأصبحت شخصاً عصبياً وعدوانياً ولا أستطيع السيطرة على تصرفاتي، أو التحكم في سلوكياتي مع زوجتي وأبنائي الذين كانوا يخافون مني.. وزاد: كنت أقوم بضربهم، ولم تكن توجد علاقة بيني وبينهم كعلاقة أي رب أسرة بعائلته، فلم أكن أهتم بهم، وكان أكثر شيء يهمني ويسيطر على تفكيري هو ماذا سأتعاطى اليوم وأي مادة سأتعاطاها ومع من سأتعاطى. لم أكن أفكر في أي شيء يخص حياتي وعملي وأهلي وأسرتي بأي فائدة.
منوهاً: كانت علاقتي بأبنائي تزداد سوءاً كل يوم عن اليوم الذي قبله، ومرت على أيام لم تكن لدي إمكانات مادية لأشتري المواد المخدرة، فكنت أصب كل جنوني وغضبي على أبنائي وزوجتي، لدرجة أنه كانت تأتيني أفكار أن آذي أبنائي، وفي يوم مسكت ابني وأردت أن ألقيه من الشباك، ولولا تدخل زوجتي لكنت ارتكبت جريمة وذنباً لن أكن لأسامح نفسي عليه طول العمر، كنت دائماً ما أجعلهم في توتر وقلق وحالة استنفار وطوارئ. واستدرك: كان ينتابني إحساس بالسعادة وقت التعاطي، لكن بعد فترة بدأت الأمور تأخذ مجرى آخر، وبدأت العوارض النفسية والجسدية تظهر عليّ، بالإضافة إلى السلوكيات السيئة والتصرفات العدوانية التي أخذت تظهر يوماً بعد يوم. وعن أبرز صور تعرض لها من معاناة قال: إن دخولي إلى هذا الجحيم وتفاصيله اليومية هو المعاناة بحد ذاته، كنت أريد أن أترك التعاطي، ولكن لم أستطع، فلم تكن لدي العزيمة والشجاعة على التوقف وكنت أرى نظرة الخوف والحزن في أعين أبنائي، ولم أستطع فعل شيء لهم، فقد كان الإدمان يسيطر علي وعلى تصرفاتي وسلوكياتي، ولم أكن أستطيع التحكم في نفسي، غير الحوادث والسرقات والسلوكيات غير السوية التي ندمت على كل يوم كنت فيه أنانياً وفكرت في نفسي وإسعاد ذاتي فقط، كنت أسير وراء ملذاتي والفواحش التي نهى الله عنها، وأضر صحتي وجسدي وأؤذي أبنائي وأهلي وأهملهم، وكنت مصدر حزن وتعاسة لهم.
وعن كيفية اتخاذ القرار الحاسم بضرورة العلاج، يوضح إبراهيم: حكم على بالسجن في قضية، عندها كانت لي وقفة مع نفسي، فتوضأت وصليت ونويت التعافي والعلاج وبدء حياة جديدة بعيدة عن الإدمان. وأضاف: لجأت إلى المركز الوطني للتأهيل، بعد مبادرة من الأهل وتشجيعهم لي على العلاج في المركز، وبصراحة وافقت في البداية دون اقتناع تام، بل قلت في نفسي سأذهب وأرضي عائلتي وهناك بالمركز سيعطونني دواءً وسأقضي فترة بسيطة وسأخرج وأعود إلى التعاطي، لكن بعد دخولي للمركز اختلف تفكيري كلياً.
منوهاً: قدم لي المركز جميع الخدمات العلاجية والصحية والوقائية، وكنت أخضع لتحاليل وفحوصات بشكل دوري ودائم، وتحت إشراف طبي مهم وعظيم، فالعلاج بالمركز يمر بمراحل تختلف من مدمن إلى آخر، وكنت في فترة من الفترات تظهر عليّ عوارض تسمى بالعوارض الانسحابية، حيث كنت أحس بآلام وأوجاع من صداع وقيء وآلام في الجسم وأرق، وبدأ كل هذا يخف بشكل تدريجي حتى انتهى تماماً.
وأشار إبراهيم: لقد كان للمركز الوطني للتأهيل أدوار كثيرة غير الدور العلاجي الذي قام به، فقد قام المركز، بعدة أدوار هي التي جعلتني اليوم أجلس معكم وأخبركم بتجربتي بكل صراحة وشفافية، فالمختصون النفسيون والاجتماعيون بالمركز يقومون بإعطاء محاضرات توعوية، ويزودوننا بدروس وعبر ونصائح توعوية تمنحنا الراحة النفسية للتعبير عن ما بداخلنا، واستشارتهم إذا واجهنا أي موقف أو مشكلة، بالإضافة إلى عمل حلقات نقاشية ومجموعات يتحدث فيها كل شخص عن تجربته الخاصة، كل هذا زاد من ثقتي بنفسي أكثر، وأحسست أنني اكتسبت خبرة وثقافة وعلماً بفضل الله والمركز والعاملين فيه.
ويصف إبراهيم حياته قبل دخول المركز وبعده، قائلاً: قبل دخول المركز كانت حياتي مليئة بالمآسي والظلام، أما بعد دخول المركز فتغيرت حياتي كلياً، وتحولت إلى إنسان آخر مليء بالراحة والسعادة والفرح، فمن أول يوم دخلت فيه المركز حتى اليوم وهو يدعمني معنوياً ونفسياً ويثني علي ويشجعني دائماً ويزيد من ثقتي بنفسي. وأضاف: سأعمل على حماية أسرتي من الإدمان، وذلك بالتوعية الدائمة وملء أوقات فراغهم بأشياء مفيدة، وهوايات يحبونها، والتقرب منهم والجلوس معهم دائماً، وإشباعهم عاطفياً وإعطائهم الوقت الكافي وسماعهم، فالأبناء بحاجة للوقت، ودعمهم في المنزل والتعرف إلى أصدقائهم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©