الأربعاء 1 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

نظمها مجلس محمد بن زايد.. سيف بن زايد يشهد محاضرة «الشيخوخة.. أسبابها وإمكانية الوقاية منها»

نظمها مجلس محمد بن زايد.. سيف بن زايد يشهد محاضرة «الشيخوخة.. أسبابها وإمكانية الوقاية منها»
12 ابريل 2023 20:44

منى الحمودي (أبوظبي) 

شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المحاضرة الثالثة التي نظمها مجلس محمد بن زايد لعام 2023 في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، ضمن سلسلة محاضراته الرمضانية، تحت عنوان: «الشيخوخة.. أسبابها وإمكانية الوقاية منها»، التي قدمها الدكتور ديفيد سنكلير، بروفيسور علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد.
كما حضر المحاضرة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وممثلي الجهات الصحية.
وركزت محاور المحاضرة على أسباب التقدم في العمر، وكيفية معرفة العمر البيولوجي للشخص، وإن كانت الشيخوخة قابلة للشفاء وما الذي يمكن فعله للتحكم في عملية الشيخوخة، وأخيراً ماذا يحمل المستقبل وكم سيكون عمر الإنسان في المستقبل.
وخلُصت المحاضرة التي أدارها الدكتور محمد سالم العامري، الحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الوراثة اللاجينية لتشخيص سرطان الدم لدى الأطفال، إلى أن الشيخوخة ليست حتمية، بل هي حالة مرضية قابلة للعلاج، ولا يوجد قانون في علم الأحياء ينص على أنه يجب علينا التقدم في السن بهذه الوتيرة.
 وأوضح المحاضر الدكتور ديفيد سنكلير الطرق التي تساعد التحكم في عملية الشيخوخة، وذلك من خلال عدد العلماء الذين يؤمنون بهذه النظرية، والذين هم في تزايد مستمر، لأنهم أصبحوا أكثر قدرة على فهم سبب تقدمنا في السن وكيفية تأخير الشيخوخة، وإن أول بلد يستطيع تأخير شيخوخة مواطنيه سيجني المكاسب الاقتصادية والاجتماعية وعلى القطاع الصحي، مؤكداً أن العالم على وشك أن يشهد تحولًا بيولوجيًا كبيرًا وغير متوقع يتجاوز أي شيء شهدته البشرية في الماضي.

وقال: «خطت دولة الإمارات خطوات كبيرة في مجال التطورات البيولوجية في السنوات الأخيرة، وجعلت نفسها مركزًا للابتكار والاكتشاف، وعلوم الحياة، ليس فقط في المنطقة، بل في العالم، ويعتبر إطلاق مشروع الجينوم الإماراتي أحد المحركات الرئيسة في هذا التقدم الذي يهدف إلى رسم خريطة للتركيبة السكانية واستخدام هذه المعلومات لتحسين نتائج الرعاية الصحية، وهو ما يقودنا إلى هنا اليوم لمناقشة التحديات البيولوجية التي تواجه البشرية في المستقبل».
وأضاف: «أُثني على دولة الإمارات لكونها مركزًا لتعلم التقدم التكنولوجي ونموذجاً يُحتذى به للدول الأخرى في جميع أنحاء العالم، حيث تعتبر الإمارات مؤهلة لأن تصبح أول دولة على مستوى العالم، تتمكن من الوصول إلى حلول طبية تسهم في تأخير بلوغ مواطنيها سن الشيخوخة، وبالتالي زيادة الفترة العمرية لنشاط مواطنيها وإطالتها لسنوات عديده، كونها تعد الأكثر تقدماً وريادة عالمياً في مجال تطوير تكنولوجيا الجينوم».
وأوضح بأننا نعيش اليوم في عالم نصل فيه إلى سن 80 أو 90 وفجأة يصبح 100 عام مثالاً على الإعاقة والمعاناة والمرض، ومن المؤكد من خلال ما تم رؤيته في مختبره والشركات الناشئة أنه خلال العقد القادم، ستكون هناك رؤية للتغييرات التي يمكن تحقيقها حتى لا يضطر البالغ من العمر 70 عامًا إلى القلق بشأن أمراض القلب والسرطان، والخرف، وأنه يمكن لشخص يبلغ من العمر 80 عامًا أن يتطلع إلى بدء حياة جديدة. وبدلاً من القلق بشأن الإرث، يمكن التفكير في تربية أحفاد الأحفاد والمساهمة في المجتمع، ومن ثم يمكن لشخص ما في التسعينيات أن يتطلع إلى عقود عديدة قادمة.  

وأكد أن هذا ما سيتحقق في المستقبل في ظل زيادة الأبحاث والنتائج من مجموعته المكونة من 20 عالماً في جامعة هارفارد، بالإضافة للأبحاث في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأبحاث من دولة الإمارات، والتي توكد جميعها إلى التغيير في الطب، مشيراً إلى زيارته مقر جي42 مشروع الجينوم الإماراتي الذي رآه مشروعاً ضخماً لتطوير تكنولوجيا الجينوم، والذي تعتبر الإمارات متقدمة في للغاية، وعلى الأرجح تعتبر الدولة الرائدة في العالم في علم الوراثة، خصوصاً بوجود التقدم في الذكاء الاصطناعي والقدرة على قراءة هياكل الخلية بالتفصيل الذري، إذ أن هذه التقنيات مجتمعة ستعمل على تطوير الطب بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن لأي منا أن يتخيل كيف ستكون الحياة في المستقبل القريب.
وذكر الدكتور ديفيد سنكلير، أن التفكير في الشيخوخة على أنها شيء مختلف عن الأمراض فهي الطريقة الخاطئة للنظر إليها، ونحن نعلم أن الشيخوخة تصل إلى 90% من أسباب الأمراض التي تسبب معظم المعاناة والوفيات كل يوم في جميع أنحاء العالم، وهناك 150 ألف شخص يموتون كل يوم بسبب الشيخوخة على مستوى العالم.

وشدد على أهمية تغيير طريقة تفكير البشر بشأن الشيخوخة بشكل جذري، من خلال التعامل معها كمرض يمكن علاجه والشفاء منه، بدلاً من اعتبارها مظهراً شائعاً وطبيعياً من علامات التقدم في العمر، مشدداً على أن البحوث العلمية أثبتت أن الشيخوخة تعد المسبّب الرئيس لأمراض كثيرة.
وقال: «في وقتنا الحالي قمنا بتصنيف منتجات الشيخوخة، نعطيهم أسماء مختلفة، إذا تقدم دماغك في السن نسميه الخرف، إذا تقدمت في شرايينك نسميها أمراض القلب، إذا تقدم بنكرياسك وعضلاتك في السن ، فإننا نطلق على ذلك مرض السكري وارتفاع نسبة السكر في الدم،  لكن هذه كلها مظاهر لنفس العملية تحدث عملية الشيخوخة بنفس الطريقة التي نؤمن بها بكل خلية في الجسم».
وأضاف: «لذلك يجب إلا ننظر إلى الأمراض بشكل منفصل لمعالجتها بأدوية منفصلة، وطريقة النظر إليه هي أنه يمكننا تطوير أدوية يمكن إعطاؤها للمريض لإحياء ذاكرته، ولكنها أيضًا ستحيي جسمه بالكامل والأمراض التي لا يمكن علاجها اليوم، مثل مرض الزهايمر، والذي أعتقد أنه سيكون قابلاً للشفاء قريباً».
ولفت إلى أنه علينا دراسة الشيخوخة مثل المرض، وأنها حالة طبية يجب على الأطباء معالجتها وعدم الانتظار حتى المراحل النهائية عندما نكون مرضى، فغالبًا ما يكون الأوان قد فات. ويجب أن نتلقى العلاج مبكرًا من هذه الحالة التي سنصل إليها جميعًا إذا عشنا لفترة كافية.

لماذا نعالج الشيخوخة
وذكر الدكتور ديفيد سنكلير، أن عكس عقارب الساعة اللاجينية في الأعصاب البصرية للفئران المسنّة العمياء في مختبره، أدى إلى استعادتها البصر تماماً، وإذا كان من الممكن إعادة شيء معقد مثل شبكية العين إلى حالة الشباب، ربما عدة مرات، فلا شك أنه سوف نستطيع إعادة أجهزة حيوية أخرى كثيرة إلى شبابها، مضيفاً «إذا كنا قادرين على إيقاف أو عكس مسار الأمراض التي تسببها الشيخوخة، فلماذا لا نفعل ذلك؟ هذا سؤال قد نضطر للإجابة عليه قريباً». وقال: «إذا كان من الممكن بالفعل إعادة ضبط البرنامج الذي يتسبب في تقدمنا في السن، فقد يكون علاج الشيخوخة أسهل مما يعتقد معظمنا، بل إنه أسهل من السرطان، ومن المحتمل جداً أن يكون أول شخص سيعيش حتى 150 عاماً قد وُلد بالفعل».
وأكد أنه يجب أن يكون هدف كل منا الآن هو البقاء على قيد الحياة حتى ظهور تقنيات عكس مسار العمر، وأفضل طريقة هي وضع الجسم في حالة مشقّة متصورة، عن طريق تناول كميات أقل من الطعام، وعدم تناول ثلاث وجبات كبيرة في اليوم ، وتناول الأطعمة المناسبة، وممارسة الرياضة، وتناول المكملات والأدوية التي ثبت أنها تؤخر آثار الشيخوخة، كما أن الصيام إحدى الطرق التي تساعد على ذلك من خلال تشغيل دفاعات الجسم ضد الشيخوخة، فالجسم يحارب الشيخوخة عندما الصوم، وحاول ألا تتناول وجبة خفيفة دع جسمك يرتاح من الطعام، وإذا شعرت أنك بحاجة إلى شرب أو تناول شيء ما ، فتناول الشاي والقهوة. والأهم من كل ذلك، إذا فشلت في تطبيق كل ذلك، حاول تغيير نمط حياتك ببطء.

سبب الشيخوخة
وأشار الدكتور ديفيد سنكلير في «نظرية معلومات الشيخوخة» والتي تقول: إن الشيخوخة ناتجة عن فقدان المعلومات وليس الضرر الخلوي، ويسميها (سنكلير) الضوضاء اللاجينية حيث تؤدي إلى تجميع الحمض النووي بشكل عشوائي فتقرأ الخلايا الجينات الخطأ في الوقت الخطأ وتفقد هويتها فتصبح خلايا شائخه تسبب التقدم في السن. ووفقاً لما نشرته مؤخراً مجلة (الخلية)، فإن السبب وراء هذه التغييرات هو انكسار الحمض النووي، ففي كل يوم ينكسر الحمض النووي لدينا في كل خلية مما يؤدي إلى فقدان المعلومات التي تخبر الخلايا بكيفية التحكم في جيناتها، وهذه العملية هي ما نسميها الشيخوخة.
وقال: «إن الشيخوخة ببساطة فقدان المعلومات، ويبدو الأمر كما لو أن برنامج الجسم تالف، ويمكنك استعادة الشباب في شخص عجوز،  فالإنسان لديه نوعان من المعلومات في الجسم يرثهما من والديه، ويتأثران بالبيئة والوقت، الأول هو المعلومات الرقمية (الشفرة الجينية)، بينما الثاني هو المعلومات التناظرية (الإبيجينوم)، أو الشفرة التي تحيط بالمادة الوراثية في الجينوم، وتتحكم في تشغيل وتوقف الجينات عن العمل، والذي يبدأ في فقدان المعلومات بمرور العمر، كما يحدث للأقراص المدمجة بسبب الخدوش، ومن ثم تفقد الخلايا القدرة على تشغيل الجينات الصحيحة في الوقت المناسب، بما يفقدها دورها أو وظائفها».
وأضاف: «في الواقع 80 إلى 90% من صحتك المستقبلية ليست في حمضك النووي، وهناك شكل آخر من المعلومات تتحكم فيه الطريقة التي تعيش بها حياتك، ما تأكله، كيف تنام وعندما تمارس الرياضة هل تشرب هل تدخن؟  هل أنت مرتاح هل تتأمل؟  هل تصوم هذه الأشياء تؤثر على النوع الآخر من المعلومات، ويمكننا في الوقت الحالي أخذ مسحة من الخد أو عينة دم، وإعادتها إلى مختبري وفي غضون يومين أخبرك ما إذا كنت أكبر سنًا من الناحية البيولوجية ، أو أصغر من عمرك الزمني».
وتابع: «إن بعض الناس يشيخون بشكل أسرع وبعض الناس يشيخون أبطأ، حتى لو كان لديهم نفس الحمض النووي، وكل ذلك يتأثر بالطريقة التي تعيش بها حياتك، واعتمادًا على قراراتك في الحياة، وهو ما يُعرف أيضًا بأنه إذا كان عمرك البيولوجي أكبر سنًا، فمن المحتمل أن تموت مبكرًا والعكس صحيح». وذكر أنه في المستقبل لن يقيس الطبيب الحمض النووي فحسب، بل سيقيس «الإبيجينوم» الخاص بالشخص لفهم مدى سرعة تقدمه في العمر، ومن ثم يعطيه دواء لإبطاء هذه العملية وحتى عكسها. مشيراً إلى أن ذلك كان مثالاً على النتائج التي نشرتها مؤخراً مجلة (الخلية)، فإن السبب وراء هذه التغييرات هو انكسار الحمض النووي، ففي كل يوم ينكسر الحمض النووي لدينا في كل خلية مما يؤدي إلى فقدان المعلومات التي تخبر الخلايا بكيفية التحكم في جيناتها، وهذه العملية هي ما نسميها الشيخوخة.
وأشار إلى أكبر اكتشاف توصّل إليه مختبر (سنكلير) هو أن هناك نسخة احتياطية من المعلومات المفقودة، ومن خلال تشغيل ثلاثة جينات جنينية، تسمى O و S و K، تمكّن فريق (سنكلير) من إعادة عمر الأنسجة للوراء بنسبة 75% في غضون 6 أسابيع، كما استطاع إعادة البصر إلى الفئران المسنّة، وقريباً سيتمّ إعلان نتائج الأبحاث على بعض الحيوانات الرئيسة (مثل الشمبانزي والليمور). وقد نشر (سنكلير) مؤخراً بحثاً قال فيه إنه يستطيع تسريع الشيخوخة وعكس مسارها في الحيوان نفسه، وإذا افترضنا أن الحمض النووي هو جهاز كمبيوتر وأن «الإبيجينوم» (أي الشيفرة التي تحيط بالمادة الوراثية في الجينوم) هو البرامج، فإن عكس مسار الشيخوخة يشبه إعادة تثبيت البرامج لجعل جهاز الكمبيوتر القديم يعمل كما لو كان جديداً مرة أخرى.
وقال: «بشكل عام، نحن لا نتحدث عن الشيخوخة أو ننظر إليها بهذه الطريقة، لكن هذا هو ما يجب فعله، فما المرض سوى تلك الحالة التي تمنع الجسم أو العقل من العمل بشكل طبيعي، ونحن نسمي قصور القلب والخرف والسكتة الدماغية والسكري أمراضاً، متناسين أن 80% منها سببه الشيخوخة، وبالتالي إذا استطعنا عكس مسار الشيخوخة فستختفي هذه الأمراض».
وأضاف: «إذا أردنا علاج أي من هذه الأمراض الرئيسة، فسنزيد متوسط عمر الإنسان بضع سنوات فقط، أما إذا عالجنا السبب الجذري فسوف يمكننا إطالة الحياة الصحية لعقود أو أكثر».
وتابع: «نحن الآن في مناقشات مع المؤسسات الرائدة في دولة الإمارات على أمل أن نتمكن من العمل معًا مع شركتي ومختبري لجعل الإمارات مركزًا رائدًا لعلاج العمى ومركزًا رائدًا لمستقبل عكس مسار الأمراض التي تسببها الشيخوخة كعلاج طبي، حيث أنني أدرك وجود قادة عظماء هنا في الإمارات العربية المتحدة يمكننا العمل معهم، ونتطلع إلى مزيد من المناقشات».
المحاضر
- بروفيسور علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد.
- مدير مشارك لمركز (بول ف. غلين) لأبحاث بيولوجيا الشيخوخة.
- متخصص في علم الوراثة الجزيئية وتركز أبحاثه على فهم عملية الشيخوخة وكيفية إبطاء آثارها.
- حاصل على الدكتوراة من جامعة (نيو ساوث ويلز)، وخلال أبحاثه في معهد (ماساتشوستس) للتكنولوجيا شارك في اكتشاف سبب شيخوخة الخميرة ودور بروتين Sir2 في التغييرات اللاجينية.
- كان مختبره أول من حدد دور التخليق الحيوي للأنزيم المساعد NAD في التحكم بمعدل العمر وأظهر لأول مرة دور السرتوينات في تقليل السعرات الحرارية في الثدييات.
- ألف كتاب «العمر المديد» ونشر أكثر من 200 مقالة عملية، وشارك في تأسبس شركات تكنولوجيا حيوية في مجالات الشيخوخة واللقاحات والسكري والأمراض المعدية والمناعة والسرطان.
- حصل على 35 تكريماً، بما في ذلك الميدالية الأسترالية للبحوث الطبية، وجائزة الرواد لمدير المعهد الوطني الصحي، وصنفته مجلة تايم من بين «المائة شخص الأكثر تأثيراً في العالم».
- في سنة 2018 نال وسام أستراليا، نظراً لإنجازاته المتميزة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©