الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وفرنسا.. علاقات صداقة وتعاون استراتيجي

أرشيفية
12 مايو 2023 02:09

هالة الخياط (أبوظبي)

ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية بعلاقة صداقة طويلة الأمد وتعاون استراتيجي في شتى المجالات، وحرصت قيادتا البلدين على بذل جهود كبيرة، خلال السنوات الأخيرة لتعزيز العلاقات الثنائية، بما يحقق مصالح الشعبين الصديقين.
وشهدت العلاقات بين البلدين خطوات كبيرة نحو الأمام في السنوات الأخيرة، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين والاهتمام المشترك، وتتخطى العلاقات الثنائية الجوانب الثقافية إلى القطاعات العسكرية والسياسية والتعليمية والقانونية والتعاون في مجال الآثار والطاقة والسياحة والقطاع الطبي وغيرها.
وتشكل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الجمهورية الفرنسية الصديقة انعكاساً واضحاً للرؤى المشتركة بين البلدين، والعلاقات الثنائية القوية والمتوازنة، التي حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيزها مع القوى العالمية الكبرى والمؤثرة في العالم، ومن بينها فرنسا.
وتربط فرنسا بالإمارات علاقات ثنائية، تتجاوز العلاقات التقليدية إلى علاقات تحالفية استراتيجية، تقوم على المصالح المتبادلة، وعلى التعاون في القضايا الإنسانية، في إطار من علاقات التعاون والتحالفات، التي تخدم البشرية، من خلال تبني قيم مشتركة لخدمة الإنسانية، والقيام بدور قيادي عالمي في قضايا العصر، في ظل ما يميز البلدين من تجارب ثرية وطموح وعلم ومعرفة، للبحث عن حلول جماعية تضمن مستقبلاً أكثر أمناً للأجيال. وتؤكد الزيارة قوة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين الصديقين، ودفعها إلى آفاق أرحب، بما يعزز مسارات التعاون الثاني في مختلف المجالات والقطاعات، ويخدم أهدافهما التنموية الحالية والمستقبلية، ويحقق المزيد من الإنجازات. وتتسم العلاقات الإماراتية - الفرنسية بالعديد من الخصائص التي أكسبتها أهمية خاصة ودفعتها باستمرار نحو النمو والتقدم إلى أن بلغت مستوى الشراكة الاستراتيجية التي عززها تقارب الرؤى بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة والاتفاق على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، فضلاً عن التعاون المتنامي بينهما في مجالات عدة كالثقافة والتكنولوجيا والعمل المناخي.
مواجهة التحديات
تستمد العلاقات الإماراتية الفرنسية قوتها من دعم ومتابعة وتوجيهات قيادة البلدين ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، والتي أسهمت في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في كافة المجالات. وخلال السنوات الماضية شكلت العلاقات المميزة بين البلدين دعامة رئيسة لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات الإقليمية والدولية، ولعبت دوراً بارزاً في التصدي للتطرف والتعصب، وأسهمت في نشر مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات. وتسلط زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية فرنسا الصديقة، الضوء مجددا على علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا التي أصبحت نموذجاً يحتذى به في بناء العلاقات الدولية.
علاقات تاريخية
تعود العلاقات ما بين البلدين إلى ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، إذ أن كانت بعض الشركات الفرنسية النفطية مثل «توتال» تمارس أعمالها في التنقيب عن النفط في الإمارات، وحينما قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 بدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين الدولتين، حيث أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان لبنات قوية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين، وتعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأولى للشيخ زايد لفرنسا في العام 1975. وتأسست سفارة الإمارات العربية المتحدة في باريس فبراير 1973، بينما تم إنشاء سفارة فرنسا في أبوظبي في نفس العام. 
وسعيا لتعزيز مجالات التعاون الثنائي والارتقاء بها لمستويات الشراكة الاستراتيجية أنشأ البلدان لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي والتي بدأت أعمالها للمرة الأولى في عام 2008، بهدف تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافة، والصحة والفضاء والأمن إضافة إلى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة. وانتظمت منذ ذلك الوقت اجتماعات لجنة الحوار وفي إطارها اعتمد الطرفان في 3 يونيو 2020 خريطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية في السنوات العشر المقبلة أي لفترة 2020 - 2030، وفي الاجتماع الرابع عشر للجنة الذي عقد في يونيو 2022 في أبوظبي بحث الجانبان سبل تعزيز القطاعات الرئيسة للتعاون الثنائي كالاقتصاد، والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز، والهيدروجين الخالي من الكربون، والطاقة النووية والمتجددة، والتغير المناخي، والتعليم، والثقافة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا المالية، وحقوق الملكية الفكرية، ومواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والفضاء، بالإضافة إلى الأمن الإلكتروني.
مبادرات
يتمتع زعيما البلدين بعلاقات صداقة استراتيجية تعكس العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين. وكان الرئيس ماكرون أول زعيم غربي يزور الإمارات العربية المتحدة في مايو 2022 لتقديم التعازي في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وفي يوليو 2022، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأول زيارة دولة رسمية خارجية له إلى فرنسا بعد توليه مقاليد الحكم رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا يدل على قوة العلاقات الاستراتيجية وأهميتها للقيادة الإماراتية والفرنسية.
وفي 3 ديسمبر 2021، قام الرئيس إيمانويل ماكرون بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والتقى بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واشتملت الزيارتان الرئاسيتان الأخيرتان على العديد من مبادرات التعاون التي تضمنت: توقيع اتفاقيات دفاعية، وإطلاق مجلس الأعمال الإماراتي الفرنسي، والتوقيع على عدة صفقات استراتيجية للشراكة في مشاريع الطاقة والاستثمارات والبنية التحتية والغذاء والأمن وتغير المناخ.
زيارات متبادلة
على مدار السنوات الماضية تميزت الزيارات المتبادلة، التي يقوم بها كبار المسؤولين في البلدين بأهمية خاصة، من خلال تناول ملفات مختلفة في المنطقة والعالم، ما أعطى هذه العلاقات طابعاً مميزاً يدفعها إلى مستوى متقدم من التفاهم المشترك حيال القضايا السياسية العالمية والإقليمية، وتنسيق مواقف الدولتين حولها في المحافل الدولية، وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تطوراً كبيراً في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية، وأثمرت إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم في شتى المجالات، من بينها: اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي واتفاقية الخدمات الجوية، والتي تكللت بافتتاح فرع جامعة السوربون، وإنشاء متحف اللوفر في أبوظبي.
وتدرك القيادة الفرنسية أن الاهتمام في تطوير علاقاتها مع الإمارات ينبع من إيمانها الكامل بأن دولة الإمارات تمثل مركزاً إقليمياً مهماً لحركة التجارة والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط ومركز جذب لرؤوس الأموال من مختلف أنحاء العالم، علاوة عن ذلك ما تتميز به من أمن واستقرار في كل المجالات، وتعود العلاقات التجارية بين البلدين إلى العام 1958، حيث كانت شركة توتال الفرنسية إحدى الشركات العاملة مع شركة تطوير نفط أبوظبي المحدودة، وأولى شركات التنقيب عن النفط في الإمارات، إلى جانب أن الجمهورية الفرنسية تعتبر أحد الشركاء لدولة الإمارات في مجال التعاون النفطي.
الجالية الفرنسية
تعد الجالية الفرنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر جالية فرنسية في دول الخليج العربي، حيث تضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج، ويوجد 60 ألف طالب يدرسون اللغة الفرنسية في الدولة، يشكلون 12% من مجموع طلبة المدارس، وتم تشييد 6 مدارس فرنسية في دولة الإمارات، يدرس فيها ما يزيد على 10 آلاف طالب. كما تعد فرنسا البلد المصنف في المرتبة الرابعة لاستقبال الطلبة الإماراتيين الدارسين فيها، فضلاً عن ذلك تضم الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة، ويمكن لمواطني دولة الإمارات دخول فرنسا من دون تأشيرة، ويسمح لهم بالبقاء فيها لمدة تصل إلى 3 أشهر. ويواصل البلدان التزامهما تجاه توسيع وتطوير التعاون التاريخي بينهما، وفتح آفاق جديدة للتعاون في جميع المجالات، لتعزيز دورهما في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©