عدد اليوم
حسونة الطيب (أبوظبي)
عاش تشاك فيني في شقة مستأجرة ومتواضعة مع زوجته في مدينة سان فرانسسكو، ولا يرتدي ملابس باهظة الثمن مكتفياً بنظارة قديمة تفي له بالغرض المطلوب، مع ساعة معصم عملية وغير فاخرة. يستخدم وسائل النقل العام في تحركاته ولا يملك سيارة خاصة، ويقوم بوضع أوراق عمله في حقيبة بلاستيكية.
ويعتبر فيني، المؤسس الشريك، لشركة الأسواق الحرة في هونج كونج.
وكل هذا ربما يبدو عادياً لشخص لا يملك المال، ولكن من المدهش أن تشاك فيني، تبرع بما يزيد عن 8 مليارات دولار، أي كل ما يملك لأعمال خيرية، ليحقق أمنية العيش مفلساً. شحيح على نفسه، شديد الكرم مع الآخرين، ويحب جني المال، ولكنه لا يقوم بإنفاقه على نفسه.
وقد تضمنت تبرعات فيني، مؤسس خيرية الأطلسي، نحو 588 مليون دولار لجامعة كورنيل، ونحو 125 مليون دولار لجامعة كاليفورنيا و60 مليون دولار أخرى لجامعة ستانفورد. وأنفق فيني نحو 350 مليون دولار على جزيرة روزفلت المهملة في ولاية نيويورك ونجح في تحويلها إلى مركز كبير لصناعة التكنولوجيا.
ولم تقف تبرعاته عند حدود الولايات المتحدة الأميركية، بل تخطتها لبناء وتجديد 7 جامعات في إيرلندا، بتكلفة قدرها مليار دولار. كما أنشأ فيني، جمعية خيرية لتوفير عمليات الشفة المشقوقة في البلدان النامية.
وعلى عكس الكثيرين من أصحاب المال، لم يسع فيني لنيل المديح من وراء تبرعاته، حيث لم يكشف يوماً عن اسمه عند أي مساهمة يقوم بتقديمها وكان يُصر على أن تكون المساهمات مجهولة المصدر. وقبيل رحيله، كشفت بعض وسائل الإعلام عن عمليات مذهلة ومثيرة للإعجاب لم يكشف هو في حياته عنها. وعندما سألته وسائل الإعلام عن أسباب اختياره للتبرع بكامل ثروته للأعمال الخيرية، كانت إجابته كافية وشافية «يولد الناس عرايا ويموتون ويدفنون في نهاية الأمر لوحدهم. ولا يمكن لشخص حمل ثروته وسمعته التي قضى عمره كله من أجل جمعها، كما أن ليس للكفن جيوب»!
ودفع صيت فيني رجال أعمال آخرين على غرار وارن بافيت وبيل غيتس إلى إطلاق مبادرة عام 2010 لإقناع أثرياء العالم بالتبرع على الأقل ولو بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية وهم على قيد الحياة.
