عدد اليوم
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
أصبحت الإمارات من الدول السباقة في إطلاق بورصة، وغرفة مقاصة منظمة، ومنصات لتداول أرصدة الكربون، في خطوة تؤشر إلى ريادة الدولة في توفير أطر عمل معتمدة لتوثيق تداول الكربون وتدقيقه، تعزيزاً لدوره الحيوي في دفع الاستثمار في المشاريع الخضراء، وتسريع ودعم جهود الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية.
وتأتي تلك الخطوات في ظل توقعات بأن ينمو سوق أرصدة الكربون بشكل كبير بحلول عام 2030 بما يتجاوز 50 مليار دولار.
وتعكس منصات تداول أرصدة الكربون، مساعي الدولة لأن تصبح مركزاً رائداً في مجال التكنولوجيا والابتكار والتزامها الراسخ تجاه قيادة أنشطة وجهود العمل المناخي على مستوى العالم، ولذا وفرت الدولة المنصات لتعزيز موثوقية التجارة في هذا المجال والسعي للحد من التأثير البشري على المناخ وتعظيم الفوائد البيئية.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم اعتماد قرار إنشاء سوق عالمي لائتمان الكربون في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2015 في باريس، حيث تقرر تشكيل هيئة مختصة للإشراف على تنظيم السوق لتساهم في تحفيز وتوسيع سوق الكربون الدولي.
وفي سبتمبر من عام 2022، أصبح سوق أبوظبي العالمي، (ADGM)، أول جهة تنظيمية تعمل على تنظيم أرصدة الكربون كأدوات مالية، من خلال إدخال تصنيف السلع البيئية، وتوفير إطار تنظيمي لترخيص التبادلات وغرف المقاصة لكل من الأسواق الفورية وأسواق المشتقات المالية لهذه المنتجات.
تقنية البلوكتشين
وأطلق معهد الابتكار التكنولوجي، المركز الرائد عالمياً للبحث العلمي، وأحد ركائز الأبحاث التطبيقية لدى مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، منصة جديدة مدعومة بتقنية البلوكتشين لتتبع انبعاثات الكربون، ولتسهيل عمليات التداول. وتأتي تلك الخطوة نظراً لأهمية توفر أطر عمل معتمدة لتوثيق تداول الكربون وتدقيقه، تعزيزاً لدوره الحيوي في دفع الاستثمار في المشاريع الخضراء، وتسريع ودعم جهود الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية.
وتم تصميم المنصة الجديدة من قبل مركز بحوث علم التشفير التابع لمعهد الابتكار التكنولوجي، وبما يتماشى مع أهداف رؤية الإمارات 2021 المتمثلة في تسريع وتيرة تهيئة بيئة مستدامة وتحقيق صافي الانبعاثات الصفري، بالإضافة إلى مساعي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2023، والذي يهدف إلى تسريع الانتقال إلى نموذج اقتصادي مستدام يتسم بانخفاض معدلات الكربون، وتوفير قدرات نمو عالية، وتحقيق تحول إيجابي عادل.
وتساند المنصة سوق الكربون العالمي، وتسمح بتعزيز دقة تتبع انبعاثات الكربون ودعم الأنشطة التداولية في هذا المجال، حيث توظف المنصة تطبيق بلوكتشين خفيفاً وعالي الفعالية دون الحاجة لموارد حاسوبية عالية، كما هو حال العديد من تطبيقات البلوكتشين الأخرى، وذلك بهدف التحقق من أنشطة التتبع والتداول بشكل علني وبتكلفة معقولة أو معدومة، سواء على صعيد الانبعاثات الكربونية أو الموارد الأخرى.
وتضم وظائف المنصة تتبع انبعاثات الكربون بدقة من خلال تسجيل الانبعاثات الصادرة من أي مؤسسة عامة أو خاصة في جميع أنحاء العالم، كما يمكن للمدققين بعد ذلك إنشاء سلسلة استئمان تشمل الانبعاثات وإجراءات الالتقاط والتخزين والتداول، ولذا تتسم المعاملات التي تم تدقيقها بالشفافية وحفاظها على خصوصية المستخدم، سواء المُصدر أو المشتري أو أطراف ثالثة.
وتسمح المنصة الجديدة لمعهد الابتكار التكنولوجي بإنشاء رموز «توكين» لتمثيل كميات ثاني أكسيد الكربون التي تمت إزالتها من البيئة، ويمكن بعد ذلك تخزين الرموز وتداولها بكل شفافية وأمان، الأمر الذي سيقدم حوافز لدفع وتيرة الاستثمار في المشاريع الخضراء مثل التشجير والتقاط الكربون، كما ستسمح لمختلف الجهات بالتعويض عن الأنشطة التي يصعب التخلص من الكربون فيها. وعلى وجه التحديد، يمكن لتقنية البلوكتشين تتبع المنتجات عبر سلسلة التوريد بأكملها وتمكين عمليات تبادل الطاقة بين الجهات النظيرة، وإنشاء سجل شفاف وغير قابل للتغيير يضم أنشطة التخلص من النفايات وإعادة التدوير، كما يمكن أن تساعد في تتبع جهود إدارة تدفقات ومنسوب المياه والغابات.
بورصة عالمية
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت «إيركربون للتداول» (ACX) عن بدء أعمال البورصة وغرفة المقاصة لتداول أرصدة الكربون التي أنشأتها في سوق أبوظبي العالمي. وتم إنجاز عدد من الصفقات الرئيسية في مؤشر على بداية مبشّرة لسوق الكربون الطوعية. وكانت ACX قد أنشأت في شهر أغسطس 2021 قاعدة إقليمية لها في سوق أبوظبي العالمي، بدعم من Hub71، منظومة التكنولوجيا الحيوية العالمية في أبوظبي المدعومة من قبل شركة مبادلة للاستثمار.
كذلك استثمرت مبادلة في ACX في سبتمبر من عام 2022 كخطوة استراتيجية تتماشى مع جهودها الرامية إلى دفع عجلة التنويع الاقتصادي، والتزامها بالاستثمار المسؤول.
وفي نوفمبر 2022، أصبحت ACX أول كيان يتم اعتماده ضمن هذا الإطار، باعتبارها أول بورصة منظَّمة وغرفة مقاصة معترف بها لتداول الأدوات البيئية في شكل أرصدة كربون، تعمل على تعزيز مستويات الثقة والأمان وتوفير الحماية للمتداولين في أرصدة الكربون، كما تضمن إجراء عمليات التداول بطريقة عادلة ومنظمة وتوفر رقابة مستمرة للسوق، مما يعزز من شفافية السوق ومعرفة الأسعار بطريقة فعالة. وتم تنفيذ أول صفقة لأرصدة الكربون في هذه البورصة المنظّمة بالكامل، بين كل من بنك أبوظبي الأول، وشركة تجارة الكربون المتخصصة «هيليكس كلايمت».
منصة سوق دبي المالي
وشهدت فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، بدء تطبيق المنصة التجريبية لتداول أرصدة الكربون التي أطلقها سوق دبي المالي في نوفمبر الماضي.
ويستهدف إطلاق تلك المنصة، ترسيخ المكانة الريادية للسوق المالي في طليعة العمل المناخي كمنصة تنظيمية لتسهيل جمع رؤوس الأموال للمشاريع، وتداول أرصدة الكربون، والإدارة الآمنة للأصول، لدعم هدف حكومة دولة الإمارات في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ووفقاً لما أعلنه سوق دبي المالي، يمكن للمستثمرين المؤهلين من المؤسسات، الشراء والبيع عبر المنصة اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي، إلى 11 ديسمبر 2023 مع انتهاء عمليات تسوية أرصدة الكربون في 10 يناير 2024.
وتشهد المنصة مشاركة أكثر من 24 شركة إماراتية كبرى، وسيتم تنفيذ المعاملات من خلال 6 وسطاء في سوق دبي المالي. كما سيتم التعامل مع عمليات المقاصة والتسوية بالدولار بواسطة شركة دبي للمقاصة، وشركة دبي للإيداع، مع توفير مرجع الأسعار اليومي العالمي من قِبَل وكالات التسعير الرائدة مثل خدمة معلومات أسعار النفط (OPIS) إحدى شركات داو جونز.
وستأتي أرصدة الكربون المتداولة في سوق دبي المالي من هيئة كهرباء ومياه دبي، بنك أبوظبي الأول وشركة ماي كاربون، حيث تطرح المنصة الفرصة لتداول أرصدة الكربون من مشروعين محليين تنفذهما هيئة كهرباء ومياه دبي و5 مشاريع عالمية. وستقدم هيئة كهرباء ومياه دبي أرصدة الكربون من الأرصدة المتوافرة لمشاريعها في دبي.
عقود الكربون
وأطلق بنك الإمارات دبي الوطني، منصة لتداول أرصدة الكربون، ليكون من أوائل المؤسسات المالية في المنطقة التي تأخذ زمام المبادرة بتوفير خدمات تداول عقود الكربون الآجلة، وبما يساهم في تلبية الطلب المتزايد من الشركات لإدارة انبعاثاتها الكربونية ودعم الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الحياد المناخي. وتتيح تسهيلات تداول عقود الكربون الآجلة للعملاء الوصول إلى هذه السوق سريعة النمو التي تصل قيمتها التقديرية إلى 850 مليار دولار عبر ستة برامج عالمية لتداول الانبعاثات.
وحسبما أعلنت مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، فإن الممارسات التي تتبعها في مجال تداول عقود الكربون تتماشى مع المبادئ التوجيهية لنظام الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات ونظام المملكة المتحدة لتداول الانبعاثات، مما يوفر أعلى درجات الشفافية والمصداقية والمساءلة.
ويتبنى نظام الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات نهج «الحد الأقصى والتداول»، حيث يتم تحديد «حد أقصى» لكمية غازات الدفيئة التي يُسمح للشركات بإنتاجها. وفي حال تجاوزت الشركة الحد الأقصى المسموح به، فيجب عليها شراء تصاريح - تسمّى أيضاً «مخصصات» - من الشركات الأخرى ذات الانبعاثات الأقل، وأكدت المجموعة المصرفية أن إطلاق تسهيلات التداول في أسواق الامتثال لأرصدة الكربون يساهم في تعزيز وصول الشركات إلى التمويل المرتبط بالاستدامة في ضوء الطلب المتزايد على الحلول التمويلية المرتبطة بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
حقوق الانبعاثات
وأعلنت «سيريوس العالمية القابضة»، إحدى الشركات التابعة للشركة العالمية القابضة، تأسيس شركة «حلول الاستدامة الذكية (S3)»، وهي شركة مناخية رائدة تركز على تقديم حلول صناعية شاملة لمكافحة التغير المناخي والانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وتُعد شركة «حلول الاستدامة الذكية (S3)» رائدة في مجال حلول الانبعاثات الكربونية، وتعتبر أول مؤسسة تمتلك وتدير عدة مراحل في سلسلة القيمة وإدارة الكربون في العالم، الأمر الذي من شأنه توسيع سلسلة قيمة النفط والغاز من نقطة احتجاز ثاني أكسيد الكربون، بينما ستستفيد وحدة منفصلة داخل الشركة من المنصات الحالية لتقدير وتسجيل كميات الانبعاثات الكربونية وتداولها (بيع وشراء حقوق الانبعاثات).
