السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

د. عبدالله الغذامي يكتب: الأيديولوجيا..الإحلال والإزاحة

د. عبدالله الغذامي يكتب: الأيديولوجيا..الإحلال والإزاحة
13 أغسطس 2022 01:26

في عام 1968 خطب إينوك باول، الوزير البريطاني حينها، خطبةً ناريةً ضد المهاجرين في بريطانيا وشدد على ضرورة إعادتهم لمواطنهم الأصلية، وأن وجودهم في بريطانيا سيهدد النسيج الاجتماعي ويغير مصير بريطانيا ويهدد اللون الأبيض الذي هو الهوية الأوروبية والجزر البريطانية خاصةً وقد كان وقتها وزيراً في الحكومة المحافظة مما أحرج الحزب ودفع رئيسه إدوارد هيث إلى إقالته، ولكن رغم هذا الموقف الرسمي الظاهري، فإن استطلاعات الرأي حينها كشفت أن 74% من البريطانيين يصطفون مع إينوك باول، بل إن إدوارد هيث نفسه عاد بعد سنوات من الحدث ليميل لوجهة نظر باول، وهذه قصة مبكرة نسبياً تستدعيها حادثة بافيلو في ولاية نيويورك، حيث قتل شاب أبيض أعداداً من السود الذين كانوا يتسوقون في سوبرماركت مسالمين معافين، ولكن رصاصات عنصرية دوت في الأفق لتقضي عليهم وعلى ما يسمى بالحلم الأميركي (2022/5/١٥)، ومطلقها شاب أبيض يؤمن بأفكار عنصرية متطرفة ترى أن اللون الأبيض النقي يجري تلويثه بألوان أخرى تحل محله وتزيح صدارته وهيمنته، وتستمر حبكة الأحداث لتكشف عن أخبار في بريطانيا عن مشروع ابتكرته الحكومة لترحيل المهاجرين الجدد إلى رواندا، في حين يجري تمييز المهاجرين الأوكرانيين واستضافتهم في بيوت العائلات البريطانية لأنهم بيض البشرة وأوروبيون، والعائلات التي تستضيف الأوكرانيين في بيوتها هم أحفاد من تم استطلاعهم عام 1968 وأيدوا إينوك باول بضرورة حماية اللون الأبيض من غزو الألوان الأخرى وهم في هذا يحققون رغبة سلفهم في احتضان البيض وإقصاء غير البيض، ويتغذى هذا المعنى في أدبيات الثقافة الأوروبية والأميركية رغم خطابات التعددية والديموقراطية وحقوق الإنسان، وتنزاح كل القيم العليا لتحل العنصريات وفعل الإزاحة والإحلال محل التعددية، وحرب أوكرانيا كشفت ذلك عياناً حيث جرى التمييز بين أطفال شقر الشعر والعيون عن غيرهم من الألوان، والمأساة في أوكرانيا غير المآسي في غيرها والطفل الأوكراني غير الطفل السوري، فالحياة ثمينة لواحد وغير مهمة لآخر، مما يستعيد صرخة السود في أميركا الذين هتفوا (حياة السود مهمة)، وهي صرخة الضمير الإنساني ضد الجور المتوحش الذي يميز بين المعاني تبعاً لألوان البشرة ومن ثم تنحاز الحقوق والأفضليات لمصلحة السيد الأبيض ضد كل لون غير أبيض، لتكون الألوان الأخرى عبيداً يتم ترحيلهم لأفريقيا كما فكرت بريطانيا في ترحيل المهاجرين الجدد لرواندا. وأحيت نظرية إينوك باول وهي النظرية التي رفضت رسمياً حينها، ولكنها كسبت تأييداً شعبوياً كاسحاً ظل ينمو مع تقدم الوقت ليحدث ما لم يكن أحد يتصوره، حيث يقدم شاب أبيض تشبع بتلك الأفكار فيطلق النار على المتسوقين ليقتل اللون الأسود، وهو ما دفع رئيسة وزراء الدنمارك لتصرح بأن هدف حكومتها هو «صفر لجوء»، وتزيد بالقول (سنبدأ بترحيل طالبي اللجوء غير الغربيين أولاً، لكي نحمي أمننا القومي وترابطنا الاجتماعي في الدنمارك).

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©