السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بيت العائلة الإبراهيمية.. صرح التَّسامُح والأُخُوَّة الإنسانيَّة

جانب من فعالية افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية (أرشيفية)
2 مارس 2023 01:29

إميل أمين

مرة جديدة تؤكد دولة الإمارات على قيم التعايش والوحدة الإنسانية، عبر نموذجها الراقي من التسامح والتنوير، وبناء الجسور مع الآخر، الأمر الذي يكتسب ميزة خاصة في هذه الأيام بالذات.
بلغت الإمارات مرتبة عالية في سياق رؤى التسامح، وحازت شأناً عالياً في مجالات التنوير، حيث تنطلق من مجموعة ركائز تسامحية وتنويرية، تبدأ من التسامح المجتمعي الذي يعزز قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي بين جنسيات العالم المختلفة، بتعدد أطيافها، وتنوع أطرافها.
ذات مرة تحدث البابا فرنسيس، واصفاً الإمارات بأنها والتسامح وجهان لعملة واحدة، ويا له من تعبير بديع يخرج على لسان قامة روحية، لا سيما أنه لمس قدر التسامح الديني مع الآخر، خلال زيارته التاريخية في فبراير من عام 2019، حيث أطلقت الإمارات للعالم واحدة من أهم الوثائق في القرن الحادي والعشرين «وثيقة الأخوة الإنسانية».
وقبل أيام افتتحت الإمارات رمزاً جديداً، هو بيت العائلة الإبراهيمية الذي وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأنه «صرح للحوار الحضاري البناء، ومنصة للتلاقي من أجل السلام والأخوة الإنسانية».
هكذا يبقى بناء جسور التواصل والتعايش، هو نهج الإمارات أمس واليوم وغداً، تجمع ولا تفرق. وبيت العائلة الإبراهيمية يعبر عن حاجة مجتمعية إنسانية، إذ يأتي كتعبير عن التعددية التي جبَل الخالق سبحانه العالم عليها، باختلاف المذاهب والملل والنحل، ويمضي في طريق تكريس الاحترام المتبادل من غير خلط أو دمج، بل صيانة الخصوصية والذاتية لكل رؤية إيمانية.
عبر هذه المنصة التي تعد الأولى من نوعها حول العالم، تبقى جسور الحوار ممتدة ومفتوحة مع الآخر، وتنشأ تجارب المعرفة المتبادلة، وتتوثق الخبرات الحياتية بين البشر في زمن العولمة التي كان يفترض فيها أن تقرب، لا أن تباعد بين البشر بعضهم من بعض.

قيم الإمارات الثابتة
نرى في جنبات هذا المكان الجديد انعكاساً لقيم الإمارات الراسخة في تبادل الحوار الثقافي والتعايش السلمي، ما يعد ترجمة حقيقية لفكر التنوير، وتجذيراً للتسامح المؤسسي، ذاك الذي ينشئ أجواء العدالة الاجتماعية لكل سكان الأرض، ويتجلى على أرض الإمارات، لكل المقيمين فيها والزائرين لها.
يعلي هذا الصرح الحضاري، من قيم التنوع والتفاهم، ويقوي روابط المودة والتعايش مع الآخر المغاير، وفيما يفعل ذلك، يطلق قوى التأمل والأمل لدى البشرية التي تكاد تنجرف في العقدين الأخيرين، بفعل الذهنية الأحادية، والمذاهب المتطرفة يميناً ويساراً.
يدعونا هذا البناء للتوقف والاحتكام إلى العقل، وقراءة التاريخ الإنساني المشترك، حيث البشرية في أصلها واحد، مهما اختلفت ألسنتها، وتبدلت أو تعددت مشاربها ومذاهبها، أديانها وعقائدها.
لقد عرفت الإمارات طريقها إلى منظومة التسامح المستنير، بمعنى أنها وفيما تحافظ على رؤاها الإيمانية والعقائدية، لا تغلق أبواب التلاقي مع العالم الخارجي المغاير، ولهذا جاءت عاصمة للتسامح على المستوى العالمي، سواء من خلال مشروعاتها الحالية أو المستقبلية.
يأتي البناء الجديد، ليضيف صرحاً من صروح إمارات الخير والسلام والوئام. وقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على أرض الإمارات، صروح التسامح والسلم، والأمان والتعددية الثقافية والروحية.
وعلى هذا الأساس تجسدت قيم التسامح والتعايش، ولهذا جاء المجتمع الدولي ليكرم الإمارات التي صدرت للعالم فكر الأخوة الإنسانية، من خلال اعتبار يوم الرابع من فبراير من كل عام يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية، الجسر الذهبي الذي تعبر عليه الشعوب من الاتجاهات كافة للتلاقي على أرضية من قبول الآخر.

الآخر شريك الوجود
كرست الإمارات فكراً راقياً ينظر للآخر على أنه شريك الوجود في إعمار الكون. ومن هذا المنطلق، جاءت قوانين الإمارات لتكفل للجميع العدل والاحترام والمساواة، وتجرم الكراهية والعصبية، بعيداً كل ما يسبب الفرقة والاختلاف، وتمضي في طريق التسامح بمعناه الثقافي الواسع، والذي يتجلى أيضاً من خلال حق الجاليات المختلفة والمغتربة في إقامة الفعاليات الفنية والثقافية، وإتاحة الفرصة للآخر ليتعرف على ثقافات بقية البشر والشعوب.
وتمضي الإمارات في سياق نهج إسلامي واضح وصريح انطلاقاً من قوله تعالى «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». وتحمل الإمارات من خلال هذا الصرح الجديد رسائل التعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز من القيم التي تجمع البشر والتي تدعو لها الأديان كافة. هكذا الإمارات تفرد مظلة جديدة للتسامح وتنشئ ساحة للأخوة، وهي تفعل ذلك عبر تقديم أمثلة حية، لا مجرد ترديد شعارات.
ويمكن للمرء النظر إلى درب الأخوة الإماراتي من خلال ما قدمته للبشرية خلال الجائحة التي ألمت بالإنسانية، جائحة الفيروس الذي ضرب البشرية، فطارت معه طائرات الإمارات تحمل الخير، غذاء وكساء ودواء، للمتضررين كافة حول العالم، ووصلت قوافل زايد الخير إلى أحراش الأمازون، حيث أبعد نقطة على سطح الكرة الأرضية لإغاثة المحتاجين وعون الملهوفين. واليوم أيضاً تمضي قوافل الخير والتسامح والعون الإماراتي لجهة تركيا وسوريا، هناك حيث إخوة يتألمون من قسوة الزلازل.
وأخيراً فإن من يعش التجرية الإماراتية، ويعرف جوهرها يدرك أننا بحاجة وكل يوم، إلى التواصل واكتشاف غنى ثقافة كل شخص، وتقييم ما يوحدنا، والنظر إلى الاختلافات كفرصة للتعايش في إطار احترام الجميع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©