الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ريما مكحّل: القلب ذاكرة الوجود

جانب من معرض «قلبك يعرف الطريق» (تصوير: حسن الرئيسي)
13 ابريل 2023 02:53

نوف الموسى (دبي)

اختارت الفنانة اللبنانية ريما مكحّل، ضمن معرضها الفني «قلبك يعرف الطريق. اركض في هذا الاتجاه»، الذي أُقيم في «ذا ورك شوب» غاليري في دبي، أن تطرح مجدداً أسئلة وجودية، حول الطريقة المُثلى للاتصال مع الحياة، بوصفها مصدر القوة اللامتناهية، لإعادة اكتشاف الإنسان لذاته، أمام تأملاتها الفنية تجاه الذكاء الاصطناعي، واندفاعه نحو الاستحواذ على القدرة الإبداعية البشرية، في خلق الشعور الإنساني واستمرارية التواصل الحيّ، الذي من شأنه أن يحفظ الكيان الأساسي لمهمة القلب، في كونه الدال العاطفي الحدسي الاستثنائي المعبر عن حقيقة الطريق! 
فضاء آمن
وفي حوار لـ«الاتحاد» مع الفنانة ريما مكحّل، توقفت باستفاضة عند فكرة الفنون وتجلياتها في الحياة المجتمعية، باعتبارها الفضاء الآمن للتعابير الجوهرية، والمساحة المفتوحة لتجسيد حساسية العواطف ومكوناتها المتعددة، إنها مثل القلب تماماً ذاكرة للحب والوجود، فالفن والقصيدة والموسيقى والثقافة مرآة العالم وبها يرى نفسه، وبها يقرأ التاريخ، ويبحث في سلسلة من المتغيرات، والنقاط المفصلية لتراجعه وتطوره، إلى ذلك، قالت: «إنها رحلة مستمرة، لا يُمكن الوفاء بها، من دون الوعي بمعنى أن يختار المرء قلبه دائماً، وهذا ما أفعله في اللوحات الفنية، إنني بشكل ما اختار قلبي». 
أيقونة مشتركة
بدأت علاقة مكحّل مع الموضوع الفني لـ«القلب»، بعد حادثة انفجار مرفأ بيروت، موضحةً أن القلب هو الأيقونة المشتركة بين جميع البشر، والصوت المُخلص، والذاكرة الأبدية للعاطفة، إلا أن كثيرين ما زالوا يتجاهلون هذا العمق الوجداني الوجودي الممتد في أعماقهم، مبينةً أنها عندما شاهدت الأحداث المؤلمة، التي واجهها الناس، نتاج الحادث، سارعت في البحث والتساؤل، حول ما يمكن فعله، لتعزيز الحس الإنساني، ووجدت أنه لا يمكن إحداث ذلك دونما اتصال قلبي، وممارسة مباشرة للعاطفة، فالقلب ليس فقط مصدراً فعلياً لشعور، ولكنه مستودع يحتفظ بجودة التجربة الشعورية. وتابعت: «نرى كيف أن كثيراً من البحوث العلمية والدراسات الطبية أشارت إلى أن الأشخاص الذين يخضعون لزراعة القلب، قد يكتسبون مع الوقت السمات العامة للمتبرع، وأحياناً اهتماماته ومواهبه وقدراته الإبداعية، وهي مسألة تستدعي التوقف، كيف أن القلب بمقدوره أن يعطي حياة متفردة للإنسان، ومن هنا يأتي اهتمامي بقصائد جلال الدين الرومي، والرؤى الصوفية عموماً؛ لأنها تعتبر أن القلب مركز الأشياء، وبالرجوع إلى جّل الأديان، فإنها تقدم أيضاً القلب في التفكر والإيمان والاختيار». 
ولادة الفكرة
في المعرض الفني لمكحّل، يرى المُشاهد أنها استخدمت في اللوحات الفنية النسيج وأوراق المناديل على قماش خام، تم فيه صب الطلاء، ممثلاً حالة مرئية للون الأحمر، تعبيراً عن الدم المتدفق عبر الأوردة، وهي العملية المستمرة للبقاء، والتي تهدينا استجابة خاصة للمشاعر، في تجربة الجسد وتفاعله مع القلب. 
وفي هذا الإطار، لفتت مكحّل إلى أنه إذا ما فكرنا بآلية عمل القلب، وكيف أن الإنسان يستطيع أن يحيا، حتى وإن دخل في غيبوبة، أو أصيب بجلطة دماغية، فإن القلب بمقدوره أن يقدم فرصاً ثانية لرجوع واستكمال اللحظة الحياتية، وبذلك فهو سبيلنا لمعرفة الطريق، أي اكتشاف حقيقة الحياة، حقيقة وجودنا؛ لأنه يمثل رابطاً وجودياً. وأضافت: «من خلال أعمالي أود إجراء محادثة جديدة مع القلب، والمضي بتجاهه، ومن هنا جاءت الدعوة الفنية لجمهور المعرض لأن يذهب هناك إلى حيث يتمركز الإنسان ويتجذر». وقالت «قد يرى الجمهور الجزيئيات في اللوحة، ويبحث في رمزيات اللون والشكل والمساحات المشغولة بالأشكال الهندسية المتعددة، والكتابات الشعرية، مثل من يسافر من أرض إلى أرض أخرى، ويعيش حيوات وأطواراً مختلفة، وفي أثناء ذلك تأتيه الفكرة متلألئة في الرأس، ويتوصل إلى أن كل ذلك لطالما كان جميعه مترابطاً، منذ لحظة ولادة الفكرة وحتى مشاهدتها في اللوحة الفنية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©