عدد اليوم
مصطلح الموشوم مصطلح في علم اللغة يشير إلى حال أي مفردة تتحول من دلالتها الأولية التي هي في أصلها محايدةٌ وموضوعيةٌ ثم تقع في مأزق دلالي سلبي، وبما أن الكلمات تكوينٌ مجرد فإنها تكتسب معانيها من السياق الذي تقع فيه، فكلمة ضرب مثلاً ستختلف دلالياً بين ضرب ناصر صالحاً أو ضربتُ موعداً أو ضربتُ مثلاً، وهذا يحدث لأي مفردة ولا مشكل في ذلك إلا في حال المفاهيم والمصطلحات، خاصةً تلك المفردات الجدلية، وهذا نوع من النسقية الثقافية حين يتحول المضمر إلى قوة سالبة تقلب مصير الدلالة، ومصطلح النسوية مثله مثل أي مصطلح يخرج من دوائر التخصص إلى دائرة الاستخدام العام، وهذا حدث من قبل لمصطلح العلمانية ومصطلح الليبرالية، وهما معاً مصطلحان دخلا في العموم المطلق فاكتسبا دلالات تتحفز لتوظيفهما حسب مراد المستخدم مما أوقعهما في شبكة دلالية بين الإيجابي والسلبي، وكذا حدث مع مصطلح النسوية الذي تحول لمصطلح موشوم ويتصبغ بألوان تلحق به مع توظيفه حتى ليبدأ الحكم عليه حسب اسم وصفة من يستخدمه، وتنطلق الأحكام على مستخدميه ومستخدماته وما بان من سلوك المستخدمين، فهو إذن مصطلح خاضع لحالٍ سلوكيةٍ وليست حالاً علميةً ولا جدلية معرفية، فإذا تعامل الملحد مثلاً مع مصطلح العلمانية أو الليبرالية سيحسب قوله في سياق الإلحاد حتى ليعلق في المصطلح نفسه أنه يعني الإلحاد ونفي الدين، فقط لأنه جرى على ألسنة ملحدين، ولن يستطيع غير الملحدين أن يصححوا مسار المصطلح وتحريره من الوشم، وهذا أمر مشهود وملحوظ وكذا هي حال النسوية، ولذا تجنبت استخدام مصطلح النسوية في كتابي المرأة واللغة وما تبعه من كتب عن قضية المرأة وهي خمسة كتب، خوفاً من تشويه حال الاستقبال لكتبي ومقولاتي، بينما منهجيتي تعتمد الموضوعية العلمية، وستفقد كتبي صبغة الموضوعية بسبب الأصباغ المقحمة على كلمة النسوية، وهي تعود لأسباب تتعلق بمن استخدموا المصطلح للتشنيع على الخطاب التنويري للمرأة أو استخدام بعض النساء للتغطية على تطرف ثقافي يقول بالتمرد السلبي والرفض المطلق، وليس المصطلح في صيغته المنهجية متطرفاً ولا هو منحاز لولا سوء استخدامه من الفكر الرجعي والفكر التحريري معاً، ولذا يحتاج الباحث الموضوعي المنهجي أن يحرس خطابه من مآزق سوء الفهم والتلبيس، وهي حال قاتلة تشوه الخطاب وتفسده.
