عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
تتميز أعمال الفنانة التشكيلية المغربية أحلام لمسفر، التي تعرضها في دار الفن المعاصر بأصيلة، بكونها تنطق بقوة اللون الأحادي الأزرق، خصوصاً لأنها متأثرة بزرقة البحر الممتد في مدينتها ومسقط رأسها الجديدة (88 كلم جنوب الرباط)، وهي المدينة التي ولد فيها والدها ومعلمها الأول الفنان التشكيلي العالمي لحبيب لمسفر، أحد رواد التشكيل المغربي.
تأخذنا لوحات الفنانة أحلام لمسفر إلى فضاء من الأزرق اللامحدود، حيث إن الفنانة تمسك بإمكانات تعبيرية تقوم على الإقلالية من ناحية الألوان، وارتكازها على اللون الواحد الذي يأخذ المتلقي إلى آفاق رحبة من التأمل والاستمتاع بإيقاع حركات الريشة وبساطة المشهد. أعمالها تكشف عن سمفونيات لونية، يتحاور فيها اللون مع موسيقى وحركات اليد لتشكل عالمها الإبداعي المثقل بالتعابير والأفكار الفنية، التي تحرض على التساؤل واكتشاف ما وراء الخطوط والأشكال البصرية، التي تريح العين وتجعل المتلقي يسبح في عوالم فسيحة من الجمال والمتعة البصرية. أعمال الفنانة أحلام لمسفر تحمل في عمقها الدلالي إيقاعات هادئة وبؤراً بصرية قائمة على تشكل اللون وانفجاره بخطوط دقيقة ولمسات هادئة من ريشة الفنانة، التي عرضت أعمالها في أشهر معارض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وتوج مسارها الفني بالعديد من الجوائز والميداليات المرموقة أشهرها جائزة الاستحقاق التي منحها لها معرض «مولان دوركون» الشهير.
أحلام لمسفر، كما تصفها الناقدة الفنية فوزية المكناسي، من الفنانات التشكيليات المرموقات في وسط الفن التشكيلي بالمغرب، ومن الفنانات القليلات اللائي أثبتن مكانتهن في الحقل التشكيلي العالمي. تتميز بثقافتها الواسعة وخبرتها العالمية، أعمالها تتمحور حول الرسم والنحت والتركيب. وهي غالباً ما تشتغل على قماش أبيض، ثم تقوم بإعداد المادة عليه قبل إضافة اللون، فهي تحب المادة التي تطاوعها وتتيح لها مزيداً من الخيارات، وغالباً ما تكون لوحات أحلام أحادية اللون. وتعد لوحاتها بحق دعوة مفتوحة لراحة الأعين لكي تنسى كثافة ووفرة الصور التي تغزو حياتنا اليومية. وكما قالت الناقدة الفنية فرانسواز باربي غال، إن «الألوان الأحادية تمثل صمتَ الألوان»، وبالنسبة لأحلام فاللون الأحادي هو عبارة عن مقدمة لقصة روحية وكونية على وشك أن تنطلق لتعبر عن صفائها الروحي الداخلي.
أعمال الفنانة أحلام لمسفر تتميز بالاشتغال على المنظر الطبيعي في تعبيرية هادئة تفكك عناصره وترسمه في تناسق تشكيلي تتداخل فيه المستويات والأشكال، بعيداً عن أي محاكاة مباشرة، على اعتبار أن الفن وعي بالشكل الخالص، ونقله من الخفاء إلى التجلي ليندرج في اللوحة كحقيقة فنية.
