السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

السر في.. «المندوس»

السر في.. «المندوس»
9 مايو 2020 01:04

هناء الحمادي (أبوظبي)

«المندوس».. قلب البيت.. يخفي بين جدرانه.. مقتنيات وذكريات غالية بقيمتها أو معناها، تروي شقوقه حكايات وصبر الأجداد.. تحفة جمالية تصون في أعماقها أسرار الجدات ومقتنياتهن الخاصة، كما تحفظ زهبة العروس، ويستريح بسلام في موقعة من المجلس ليكون جزءاً من ديكور المكان، مؤدياً قيمة وظيفية ومكانة عميقة في قلوب الأهالي الذين ارتبطوا بعلاقة متينة معه قديماً، حتى بات جزءاً من التراث، وتحفظه المتاحف، وتعرضه بأحجام متفاوتة، تبعاً لأهميته البيئية، ومشاركته الأجداد حياتهم.

أبدع الحرفيون في صناعة «المندوس» وتطعيمه بنقوش وزخارف من النحاس محفورة بدقة عالية مع وضع أقفال محكمة تصونه من عبث الآخرين، ليصير كالخزنة تماماً، هذه القطعة كانت مكلفة وباهظة الثمن نظراً لكون أخشابها تجلب من الهند، ومن بعض بلدان أفريقيا، إلا أن وجودها في البيوت القديمة لا غنى عنه. و«المندوس»، كان يسميه الآباء والأجداد «السرتي» والبعض يطلق عليه «سروتي» أو «صندوق مبيت»، حسب المفردات المحلية الخاصة بأهلها، ورغم قدمه إلا أنه ما زال حاضراً في المنازل الإماراتية كقطعة مطلية باللون الأسود ومطعمة ببعض الدبابيس الفضية أو الذهبية اللون، ومن الأنواع المميزة لـ «المندوس» «أبو النجوم» الذي تغطيه تشكيلات النجوم الزخرفية، ومنه المصنوع من خشب «الساج» و«السيسم»، كما يزخرف بأشكال ذات علاقة بالتراث كالمرش والمبخرة والأشكال الدائرية، وهي نقوش للزينة تختلف من مكان لآخر.
ويظل «المندوس» تراثاً محلياً مميزاً له خصوصية تتصل بحكايات وذكريات تعمّق مكانته في ذاكرتنا وضميرنا وقلوبنا، وفي الماضي كان يركن في مجلس النسوة، وتوضع على سطحه بعض التحف وقوارير العطور، ويسدل فوقه قطعة من القماش مطرزة ومطعمة ببعض الاكسسوارات لتتناغم وتنسجم مع طبيعة الأثاث ولونه، كما يوضع في زاوية المدخل مع وضع بعض التحف والفوانيس العملاقة في طرف «المندوس»، وتوضع على سطحه مجموعة من الأواني النحاسية أو الأسوار الفضية القديمة أو بعض المقتنيات الأثرية وتفرش تحته قطعة من السجاد المشغولة.

وارتباط «المندوس» بالزواج كمظهر من مظاهر الاحتفال بمناسبة جميلة، جعل منه إشارة إيجابية إلى حلم الفتاة بالزواج، ورغم غياب أهمية «المندوس» الوظيفية، إلا أن أسراً كثيرة في مناطق مختلفة من الدولة، لا تزال تحرص على استخدامه كمظهرٍ احتفالي ضمن طقوس الزواج، حيث النوع الفاخر منه كان خاصاً بالتجار الكبار، يهدونه لبناتهم عند زواجهن، بحيث تحفظ فيه العروس مقتنيات الزفاف الثمينة، وبمرور الزمن لا يبقى لها بمفردها، بل يصبح بمثابة الخزينة التي تحفظ الأوراق المهمة والنقود، حيث يضم أدراجاً خفية في داخله من أجل إخفاء الأسرار، مثل ملكيات الأراضي والبيوت، والذهب الخاص بالأم أو العروس، ويحتاج الصندوق الواحد ما بين 2000 و4000 مسمار نحاسي أصلي، حسب حجمه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©