الإثنين 6 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ذكاء الحيوانات.. إلى أي مدى؟

ذكاء الحيوانات.. إلى أي مدى؟
8 مايو 2021 00:19

محمد وقيف (أبوظبي)

في منتدى حول عقل الحيوان نظمته جامعة نيويورك قبل بضع سنوات، حاول محاضر نسف بعض الأفكار واسعة الانتشار، فقال إنه لا يوجد دليل علمي ذو مصداقية على أن السمك يشعر بالألم، أو أن الدلافين «تستمتع» باللعب، أو أن الكلاب كائنات «واعية» على غرار البشر. 
رد فعل الجمهور، الذي كان مكوناً من مالكي الكلاب أكثر منه من الأكاديميين المهنيين، كان مزيجاً من الصدمة والاستهجان. والحال أن الباحث الذي عبّر عن هذه الآراء التي لا تحظى بشعبية واسعة إنما كان يعكس موقفاً ظل طاغياً على العلم حتى وقت قريب. فخلال معظم القرن العشرين كان يُنظر إلى الكائنات غير البشرية عموماً باعتبارها كائنات بيولوجية تستجيب بطرق غريزية معينة على المؤثّرات الخارجية، لكنها تفتقر إلى الحياة الداخلية الغنية وإلى الوعي الذاتي الذي يمتلكه الإنسان. 
لكن هذا الرأي أخذ يتعرض للطعن بشكل متزايد من قبل باحثين يكشفون عن أدلة جديدة على وجود قدرات حسية وإدراكية متطورة في مملكة الحيوان، ومن ذلك الاستخدام المتكرر للأدوات، والبراعة في حل المشكلات، والقدرة على توقع نتائج والتخطيط المسبق. 
هذه الاكتشافات تشكّل موضوع عدد من الكتب ذات الشعبية الواسعة التي نُشرت في السنوات الأخيرة، وأحدثها كتاب «عندما تقوم الحيوانات بالإنقاذ.. قصص حقيقية مذهلة حول كائنات شجاعة ومساعدة»، للكاتبة والصحفية بليندا ريسيو والتي تذهب في الكتاب أبعد من كل الكتب السابقة في الحجاج بأن الحيوانات ليست ذكية فحسب، وإنما طيبة أيضاً. وتدافع المؤلفة عن أطروحتها من خلال تشكيلة من القصص المؤثرة المستمدة من الأدب العلمي، إضافة إلى وسائط ذات شعبية أكبر مثل التقارير الإخبارية، وفيديوهات «يوتيوب»، ومحاضرات «تيد». وهكذا نقرأ عن أعمال إيثار مذهلة وحالات تضحية بالذات بين الحيوانات تعد نادرةً في عالم البشر، لكن يتضح أنها شائعة في البرية. وهكذا، تعرّفنا ريسيو على حمير تحاول إعادة إحياء حيوانات من بني جلدتها سقطت ميتةً، وذلك عبر الضرب بقوة على صدورها (وهو ما تشبّهه الكاتبة بأداء عملية الإنعاش القلبي)، والأفاعي الجرسية التي تضطلع بدور الحضانة أثناء غياب قرينتها من الإناث، وقرود الشمبانزي القزم المولّدة التي تساعد في حالات الولادة العسيرة، والأفيال التي تزيل الرماح والسهام من أفراد القطيع المصابين. 
ولئن كان غير مفاجئ أن تساعد الأنواع الاجتماعية من الحيوانات، مثل الفيلة، بني جلدتها بشكل روتيني، فإن ما يبعث على الذهول حقاً هو عدد المرات التي تتجاوز فيها هذه الأعمال الإيثارية خطوط النوع. وهنا تحكي ريسيو عن فيل ذكر استخدم نابه لإنقاذ صغير وحيد القرن وانتشاله من الوحل الذي كان عالقاً فيه، رغم تعرضه للهجوم بشكل متكرر من قبل الأم، التي يبدو أنها أساءت فهم ما كان يحاول فعله وحسبته اعتداءً. 

مشاعر أفراس النهر
أفراس النهر حيوانات مرهبة حريصة على الدفاع عن مناطقها وهي تفعل أي شيء لحماية صغارها، إذ تقتل بشراً أكثر من أي ثدييات أخرى في أفريقيا. لكنها تحدب على حيوانات النو حينما تغرق أو حمار الزرد وحيوانات مهاجرة أخرى تتقاذفها تيارات النهر العنيفة. وليس من النادر أن ترعى أفراس النهر الحيوانات المهددة وتقودها إلى بر الأمان، بل أصبحت معروفة بأنها تأتي لإنقاذ حيوان النو عندما يتعرض لهجوم من قبل التماسيح. 

بطولات حيوانية
هناك قصص لحيوانات برية تساعد بشراً. ففي إحدى الحالات أنقذت فقمة في المياه تحت «جسر البوابة الذهبية» الشهير في سان فرانسيسكو مراهقاً كان يغرق، عبر دفعه إلى السطح إلى أن جاء قارب إنقاذ. وهناك أيضاً قصة الدلافين التي ترشد السفن، وتطرد أسماك القرش الأبيض العظيم بعيداً عن السباحين المعرَّضين للخطر، وتساعد بشكل روتيني الصيادين الأستراليين عبر قيادة صيدهم مقابل نصيب منه. 
والكاتبة، سواء في كتابها هذا أم في كتابها السابق «داخل قلوب الحيوانات وعقولها»، بسيطة بما يكفي لتشبع الفضول المعرفي لطفل، لكنها في الوقت نفسه صارمة بما يكفي حتى تحظى بإشادة خبراء في السلوك الحيواني مثل دي وال ومارك رولاندز، وهو فيلسوف اشتهر بكتاباته عن المكانة الأخلاقية للكائنات غير البشرية، والذي ساهم في هذا الكتاب بكتابة مقدمة له. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©