السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شيخة الجابري تكتب: الثابت والمتغير تجسير الفجوة

شيخة الجابري تكتب: الثابت والمتغير تجسير الفجوة
15 أغسطس 2022 01:28

علم الجبر الذي أسسه الخوارزمي هو أحد أهم فروع علم الرياضيات، يقوم على مبدأ المعادلات التي تتكوّن من مجموعة متغيّرات وثوابت، بحيث تكون الثوابت عبارة عن أرقام ذات قيمة محددة لا تتغيّر، بينما يُعرف المتغير بأنه رقم له قيمة غير ثابتة، وعادةً ما تُستخدَم أحرف اللغة للتعبير عن هذه المتغيرات في المعادلات، وقد تحتمل المتغيرات أحياناً أكثر من قيمة واحدة، وفي معادلات أخرى ليس لها إلا قيمة واحدة.
فيما أظن من اعتقاد، فإن هذا التعريف وتلك الحالة من التفسيرات بين ثابتٍ ومتغير، نكاد أن نستشعرها، ونعيشها بيننا كبشر ضمن علاقاتنا اليومية التي ترتبط بوجوه تترك أثرها في حياتنا باختلاف ذاك الأثر، ولأن «الثابت والمتغير» هوس بعض الذين يؤمنون بحركة التغيير التي تطال كل شيء من الكائنات الحية حتى الجماد، فإن الحركة ذاتها لها وجهان من القوة والضعف في حالة دورانها، فتارة تُخلِّف أثراً قوياً، وأخرى يسكن ذاك الأثر حتى لا يكاد يُسمع، لتستمر الحياة، بثباتها ومتغيراتها.
وللشاعر العربي الكبير أدونيس كتاب اسمه «الثابت والمتحول» يقوم على سؤال مؤداه «هل علم جمال الشعر هو علم جمال الثبات أو علم جمال التغيّر؟»، كما هو سؤال اللحظة هل علم العلاقات الإنسانية هو «علم الثابت أم علم المتغير أو التغير». لا أظن أن قلب العبارة اختلف كثيراً، أو أحدث إشكالاً من جنس معيّن، فكل ما حولنا معرّض للسكون أو الحركة، وعلى ذلك للثبات أوالتّغيّر كذلك.
علاقاتنا الإنسانية لا تتغير أو تتحول فقط، وإنما تحدث لها انقلابات وانفجارات عميقة، تترك خدوشاً في الروح، وجروحاً لا يُطببها الزمن، فالابن والابنة اللذان يمارسان العقوق تجاه والديهما، يخرجان من إطار الإنسانية إلى أي شيء خارج هذا المحيط، لأنهما يحدثان تحولاً في أمر بديهي وفطري تقوم عليه الحياة بل هو أهم مقوماتها، حيث إن الوالدين أمان الأسرة، وسر بهجتها، واستمراريتها، وحالة التحول في مسار غير هذا تُنذر بخيبات كثيرة، وعواقب وخيمة.
قِس على ذلك عالم الصداقة، والعشرة التي تدوم سنوات طوالاً في ثباتٍ يُطمئنك إلى حتمية قوتها، ومن ثم استمراريتها، ذلك أنها تقوم على المحبة والمشاركة والتقدير، والمعايشة ربما اليومية والمستمرة، ولكن في ظل ما يحدث حولنا من جلبة التحوّل الزمكاني، والمكازماني فقد اختلّت البوصلة، وتماهت الاتجاهات، فإذ بالفجوة من الصعب تجسيرها، وإذ بالثابت يصبح متغيراً، وذا تأثير سلبي عظيم على النفس، وعلى القيمة الثمينة لمثل تلك المنازل الإنسانية التي تؤسَّس على الحب، وتنهار بسبب حبٍ جديد، يا لهُ من تغيّر خطيرٍ ومثير؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©