الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الهند.. الوجه الآخر

البوابة الرئيسة التي قادتنا باتجاه «تاج محل» في أغرا (الاتحاد)
27 يناير 2023 01:23

نسرين درزي (نيودلهي - بنجالور) 

الهند التي تحتفل في 26 يناير من كل عام بيوم الجمهورية، وهو اليوم الذي وافقت فيه الجمعية التأسيسية عام 1950 على تكريسها جمهورية، لا تقتصر على كونها أرض الحضارات ومنبع التاريخ الساكن في مدنها بكل تفاصيله حتى اليوم، وإنما تكشف مع كل زيارة عما يبهر الناظرين بحجم التطور الصناعي الطاغي، والذكاء التكنولوجي الذي تسعى الدولة إلى بلورته في خطط طموحة تنكب على تنفيذها عاماً بعد عام، في تحدٍ واضح وسباق مع مسارات المستقبل.

وخلال رحلة دعت إليها وزارة الخارجية الهندية، عدداً من وسائل الإعلام الإماراتية والخليجية والمصرية، ضمن برنامج «التآلف مع الهند»، تمكنّا ما بين العاصمة نيودلهي و«وادي السيليكون» بنجالور، من التعرف على الوجه الآخر للهند، بكل ما فيها من عناوين إبهار، حيث جلنا في أرجاء منظمة أبحاث الفضاء الهندية واطّلعنا من قرب على منهجية الأقمار الاصطناعية، ودخلنا مجال محاكاة الطاقة الشمسية، وتجميع الطائرات، وعالم الروبوتات، وأشهر مراكز تقنية المعلومات وأوسعها تصديراً للأدمغة حول العالم. 

زهرة اللوتس
بين كل هذا الزخم المعلوماتي وأكثر، كان لا بد من إيجاد الوقت لجولات آسرة عبر التاريخ، بدأناها من «تاج محل» أحد أكثر المعالم الأثرية شهرة في العالم، والذي يستغرق الوصول إليه 4 ساعات براً من نيودلهي إلى أغرا، ما تطلّب الانطلاق قبل شروق الشمس بهدف العودة قبل منتصف الليل. أما محطتنا السياحية الثانية، فكانت في «قطب مِنار»، أطول برج حجري في الهند بارتفاع 72.5 متر، والذي تعلوه مئذنة يتطلب الوصول إليها تسلّق 379 درجة. ومن قلب بنجالور المعروفة بعاصمة التكنولوجيا، كانت لنا جولة في قاعات مبنى البرلمان العريق، أضخم قصور المدينة، والذي أنشئ عام 1952 وما زال يحافظ منذ تشييده على أثاثه الخشبي نفسه. ومن الصناعات الحرفية التي استوقفتنا فنون تشكيل الرخام بزهرة اللوتس، والتي يتوارثها حرفيون ماهرون يفترشون الأرض لساعات وينكبّون بأدواتهم البسيطة على تصميم تحف آسرة.

صداقة وثيقة
بداية الزيارات الرسمية استُهلَّت في وزارة الخارجية بالعاصمة نيودلهي، حيث أكد الدكتور أوصاف سعيد، وكيل وزارة الشؤون الخارجية الهندية على علاقات الصداقة الوثيقة التي تربط بلاده مع دولة الإمارات. وقال خلال إحاطة إعلامية بحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام الإماراتية والخليجية والمصرية، عُقدت بمقر الوزارة في نيودلهي، إن الهند تنظر إلى دولة الإمارات باعتبارها صديقاً استراتيجياً. ولفت إلى أن دولة الإمارات تُعتبر الشريك التجاري الأكبر للهند في المنطقة، وثالث أكبر شريك تجاري لها إجمالاً، لاسيما في القطاعات الحيوية والتعاون في الأمن الغذائي والتكنولوجيا وقطاع الفضاء. وذكر أن الهند تتطلّع إلى المشاركة في فعاليات الدورة 28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية «كوب 28» التي ستُعقد في دولة الإمارات، مشيراً إلى أن دعوة الإمارات للمشاركة في فعاليات قمة العشرين G20، والتي تُقام هذا العام في الهند، تحت شعار «أرض واحدة.. أسرة واحدة.. مستقبل واحد»، جاءت انطلاقاً من الشراكة المهمة والحيوية بين البلدين الصديقين، ولدور الإمارات المؤثِّر والفاعل ولمكانتها المهمة.

حماية الأرض
شعاع الاستدامة الذي تدعو إليه الهند وتؤكد عليه الإمارات بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، 2023 عام الاستدامة، كان عنوان جولتنا التالية داخل مركز التحالف الدولي للطاقة الشمسية في العاصمة نيودلهي. 
وأورد جوش ويكليف الرئيس التنفيذي لمركز التحالف الدولي للطاقة الشمسية، ومقره الرئيس في نيودلهي، أن الهند تعقد آمالاً واسعة على فعاليات مؤتمر «كوب 28» والتي ستُقام في الإمارات، الدولة التي حققت إنجازات متقدمة في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة والسعي إلى حماية كوكب الأرض. ونوّه بالرئاسة المصرية الناجحة لمؤتمر الأطراف «كوب 27»، والذي انعقد في نوفمبر الماضي بشرم الشيخ، وشمل عدة توصيات لمكافحة التغيّر المناخي وزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية. وأوضح جوش أن هدف «التحالف الدولي»، جعل الطاقة الشمسية خياراً مفضّلاً لصنّاع القرار، مشيراً إلى القيام بالعديد من المبادرات التي تهدف إلى زيادة الوعي بالطاقة الشمسية والدعوة إلى استخدام البيانات. وأوضح أن تحفيز الاستثمارات نحو نظم طاقة نظيفة يكون من خلال رواد الأعمال والشركات الناشئة في قطاع الطاقة الشمسية داخل الدول الأعضاء، ما يُتيح مخرجات التكنولوجيا والابتكار.

«كوكب بديل»
بالوصول إلى مدينة بنجالور التي تبعد نحو 3 ساعات بالطائرة من العاصمة نيودلهي، زار الوفد الإعلامي وكالة الفضاء الهندية للاطلاع على آخر المستجدات في عالم البحث عن «كوكب بديل» للأرض. وتحدث الدكتور جور يسانكار، مدير التعاون الدولي في وكالة الفضاء الهندية، عن التعاون المشترك بين دولتي الإمارات والهند وتبادل الخبرات في مجال الفضاء، والذي يشهد كثافة على صعيد الاتفاقيات المشتركة منذ العام 2016.
وتطرق يسنكار، إلى إرسال مركبة مدارية إلى كوكب الزهرة، لدراسة النشاط الجيولوجي والبركاني وحركات السطح والغاز، وإجراء الأبحاث اللازمة لإرسال البشر إلى كوكب الزهرة الأقرب إلى الأرض. وذكر أن الوكالة الهندية تتعاون مع 61 دولة للمساعدة في بناء أقمار اصطناعية وإطلاقها لمراقبة الأرض، والتنبؤ بالكوارث وجمع المعلومات عن التغيرات المناخية، وأحوال الطاقة المتجددة.

سياحة الفضاء
تخطو الهند خطوات حثيثة في مجال سياحة الفضاء باعتبارها المستقبل، وذلك للاستفادة من تقنيات الإنترنت الفضائي. وقد بدأت سياحة الفضاء فعلياً عام 2001 وتهدف إلى وجهتي وصول، محطة الفضاء الدولية والمدار الأرضي، بتكلفة سفر باهظة تصل إلى 55 مليون دولار للفرد.

60 عاماً و116 قمراً
البرنامج الهندي للفضاء بدأ عام 1960، وعلى مدار 60 عاماً أجرت وكالة الفضاء الهندية، 116 عملية إطلاق لأقمار اصطناعية ونفّذت 19 عملية مراقبة للأرض و8 عمليات لملاحة الأقمار و3 عمليات في مجال علوم الأقمار الاصطناعية. ووقّعت الوكالة التي تتوزع في 21 مركزاً في أنحاء الهند، 275 مذكرة تفاهم واتفاقيات تعاون دولي، وقدمت تدريباتها إلى 109 دول، حيث يعمل فيها 17 ألف موظف بينهم 3200 مسؤول يعمل بالوكالة الهندية. 
وعام 1972 أنشأت حكومة الهند إدارة الفضاء لتطبيق وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء وتحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية. والمنظمة الهندية لأبحاث الفضاء ISRO، هي الوكالة الرئيسة التابعة لوزارة الفضاء، أجرت عند إنشائها عرضاً توضيحياً للتطبيقات الفضائية للاتصالات والبث والاستشعار عن بعد، وهي أنظمة فضائية أساسية لتعزيز البنى التحتية.

«كوب»
التحالف الدولي للطاقة الشمسية، منظمة حكومية دولية، تستهدف بحلول عام 2030 نشر الطاقة الشمسية في العالم على نطاق واسع، وقد أسّسها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس فرنسا فرانسوا هولاند في 30 نوفمبر عام 2015، كإحدى مخرجات مؤتمر «كوب 21» في باريس بهدف توسيع نطاق الطاقة الشمسية، وخفض تكلفة توليدها.

ضيافة راقية.. وحسن استقبال
الأثر الدامغ الذي لفتنا مع كل زيارة إلى مركز مرموق في الهند، حجم الترحيب ومستوى الضيافة الراقية التي ينعم بها الشعب الحريص على مفردات اللباقة وحسن الاستقبال. وفي كل موعد، كان طاقم الضيافة يجول علينا فرداً فرداً بالأطباق والأكواب وأصناف الحلو والمالح، ويوزعها بسخاء على طاولات الاجتماعات، التي تحوّلت على جديّتها إلى جلسات عائلية تمثِّل أبهى معاني التآخي وجميل العلاقات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©