الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عون يغادر القصر.. ولبنان في قبضة «الفراغ»

عون لدى مغادرته قصر الرئاسة إثر انتهاء ولايته (رويترز)
31 أكتوبر 2022 02:04

أحمد مراد (القاهرة، بيروت)

غادر الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، القصر الرئاسي، مستبقاً انتهاء ولايته بتوقيع مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة، في خطوة تزيد من تعقيدات الفراغ السياسي الذي تدخله البلاد.
ومع عدم وجود مرشح قادر حتى اللحظة على حصد الأكثرية المطلوبة في البرلمان، يهدّد الشغور الرئاسي بتعميق أزمات البلاد، في ظل انهيار اقتصادي متسارع منذ ثلاث سنوات ومع تعذر تشكيل حكومة جراء الانقسامات السياسية منذ مايو.
وعلى وقع هتافات مؤيدة أطلقها آلاف من مناصريه في «التيار الوطني الحر» الذين احتشدوا خارج القصر الرئاسي في منطقة بعبدا المطلة على بيروت، استهلّ عون كلمته بالقول: «وجهت رسالة إلى مجلس النواب، ووقعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة».
وأضاف: «اليوم نهاية مهمة وليست نهاية عهد، واليوم تنتهي مرحلة لتبدأ مرحلة أخرى تحتاج لنضال، وللكثير من العمل لكي نخرج من أزماتنا».
وغادر عون القصر الرئاسي قبل يوم من انتهاء ولايته الرئاسية منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء.
ويدخل لبنان بدءاً من يوم غدٍ في مرحلة جديدة من الفراغ الرئاسي، يتعين فيها وفق الدستور انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء، مع فشل النواب خلال أربع جلسات سابقة في انتخاب بديل.
لكن الخلافات السياسية حالت منذ الانتخابات النيابية دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تواصل حكومة تصريف الأعمال ممارسة مهماتها.
وهذه هي المرة الرابعة التي يدخل فيها لبنان في تاريخه في الفراغ الرئاسي بسبب النزاعات والخلافات الحادة بين الفرقاء السياسيين، حيث سبق أن شهد شغوراً في منصب رئيس الجمهورية 3 مرات، الأولى في الفترة بين سبتمبر 1988 ونوفمبر 1989، بعدما فشل البرلمان في اختيار مرشح بديل للرئيس أمين الجميل، في خضم الحرب الأهلية. والثانية بين نوفمبر 2007 ومايو 2008.
وفي المرة الثالثة، كان الشغور الرئاسي الأطول في تاريخ لبنان، حيث استمر 29 شهراً، بين مايو 2014 وأكتوبر 2016، وخلالها عقد مجلس النواب 46 جلسة لانتخاب مرشح بديل للرئيس ميشال سليمان، الذي انتهت ولايته في مايو 2014، وانتهى الشغور الرئاسي بانتخاب عون.
ومنذ أسابيع، يتبادل عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الاتهامات بتعطيل تأليف حكومة، نتيجة شروط وشروط مضادة.
وفي رسالة وجّهها إلى البرلمان، أمس، بعد توقيعه مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، اتهم عون ميقاتي بأنه «غير راغب في تأليف حكومة، بل الاستمرار على رأس حكومة تصريف أعمال».
وأبدى اعتراضه على أن «تمارس هكذا حكومة صلاحيّات رئاسة الجمهورية وكالة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
ورغم أن خطوة عون تعتبر سابقة في تاريخ لبنان منذ إقرار الدستور عام 1926، إلا أن خبراء دستوريين يقللون من تداعياتها، ويضعونها في إطار صراع النفوذ بين الرجلين.
وفي رد على عون، قال ميقاتي، إن توقيع المرسوم «يفتقر إلى أي قيمة دستورية». وأبلغ رئيس البرلمان نبيه بري في كتاب «بمتابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة».
وتعتبر الحكومة الحالية عملياً مستقيلة منذ الانتخابات البرلمانية في مايو. وعادة ما يصدر رئيس الجمهورية مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، في اليوم ذاته الذي يوقع فيه مرسومي تعيين رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة.
ويقول الخبير الدستوري وسام لحام: «إنه صراع سياسي بين عون وميقاتي يأخذ شكلاً دستورياً»، إذ لا يمكن للحكومة، وفق الدستور أن تمارس صلاحياتها «قبل نيلها الثقة أو بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة، إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال».
وتجمّع مناصرو عون، صباح أمس تدريجياً في محيط القصر الرئاسي. وحمل بعضهم رايات التيار البرتقالية وأعلاماً لبنانية وصوراً لعون من مختلف محطات مسيرته العسكرية والسياسية.
وتوقع المحلل السياسي اللبناني، أسعد بشارة، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن يكون الشغور الرئاسي الرابع الذي دخل فيه لبنان حالياً طويل الأمد، وفي الوقت نفسه مريراً وقاسياً جداً، وسوف تكون له انعكاسات اقتصادية وسياسية واجتماعية خطيرة.
وقال بشارة، إنه لا أحد يعرف متى ينتهي هذا الشغور، بسبب ما وصفه بهيمنة ميليشيا «حزب الله» على قرار كثير من النواب، ومن ثم تعطل جلسات انتخاب الرئيس الجديد حتى ترتب أوراقها.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني أن الفراغ الرئاسي سيؤدي لمزيد من الانهيار الاقتصادي، ومزيد من الفوضى في الشارع اللبناني، وسوف يتعثر انتظام عمل مؤسسات الدولة.
ونوه بأن هناك قوة فوق الدولة اللبنانية تسيطر على قرارها، ومن ثم فإنه من غير المتوقع في الأمد القريب أو المتوسط أن تُحل الأزمة، وبالتالي تزداد انعكاساتها الاقتصادية الخطيرة على اللبنانيين.
وتنص المادة 73 من الدستور على بدء مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية قبل موعد انتهاء ولاية الرئيس بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، حيث يجتمع مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد.
وأكد يوسف دياب، المحلل السياسي اللبناني، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أنه لا تلوح في الأفق أي بوادر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في القريب العاجل أو المتوسط، لا سيما مع تزايد تعقيدات الوضع الداخلي، وبالتالي سيكون الفراغ الرئاسي هذه المرة طويلاً.
واتسّم النصف الثاني من عهد عون بشلل سياسي وانهيار اقتصادي متسارع وتظاهرات غير مسبوقة في أكتوبر 2019 استمرت أشهراً، ثم انفجار مروّع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، ضاعف النقمة الشعبية على أداء الطبقة السياسية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©