أكدت بيانات التوظيف الرسمية لشهر أكتوبر الماضي، والصادرة يوم الجمعة، الطريقةً غير المتوازنة التي يؤثر بها الوباء على اقتصادات الولايات الأميركية. وحتى مع وجود لقاح فعال يلوح في الأفق، يجب أن نتوقع استمرار فجوة الأداء هذه خلال الأشهر المقبلة، حتى تعود الأنشطة إلى طبيعتها. وسيعني ذلك بعض الخيارات الصعبة لصانعي الميزانية بالولايات، وصورةً أكثر تعقيداً للمساعدات الفيدرالية.
وفي حين أن الانتعاش الاقتصادي المتوقع حتى الآن أدى إلى تحسين صورة الميزانية بالنسبة لمعظم الولايات، فإن الولايات المرتبطة بالسفر والسياحة والخدمات الشخصية ستستمر في المعاناة أكثر من الولايات الأقل اعتماداً على تلك الصناعات. وستساعد هذه الديناميكية في تحديد أنواع البلديات والوكالات التي لا تزال بحاجة إلى مساعدة مالية على الرغم من توقع إطلاق لقاح لفيروس كورونا خلال الأشهر العديدة القادمة.
ويتضح الانتعاش غير المتكافئ عند مقارنة التغيير السنوي في التوظيف بين الولايات. ففي الفترة بين أكتوبر 2019 وأكتوبر 2020، انخفض التوظيف بنسبة 17.3% في هاواي و10.4% في نيويورك و8.2% في نيفادا.. وكلها ولايات تعتمد اقتصاداتها على السفر والسياحة والخدمات الشخصية. انظر الآن إلى الولايات الجنوبية سريعة النمو، والتي تتصف اقتصاداتها بالعزلة إلى حد كبير عن صناعات السياحة والسفر والخدمات الشخصية، حيث انخفض التوظيف على أساس سنوي بنسبة 3.9% في تكساس، و3.0% في جورجيا، و2.5% في أريزونا. وبالطبع فإن هذا التفاوت له آثار مهمة على خطط الإنفاق الحكومي. وقد قالت بعض الولايات، بما فيها أوريجون وكاليفورنيا، إن الظروف ليست رهيبة كما توقعت في أواخر الربيع، وذلك بفضل البيانات الاقتصادية الأخيرة التي فاقت التوقعات. ومن ناحية أخرى، يساعد الإسكان والتصنيع والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية في الحفاظ على اقتصادات ولايات مثل جورجيا وتكساس.
لكن الضرر المركّز لا يزال قائماً، وبينما ينظر الكونجرس في تقديم المساعدة لحكومات الولايات والحكومات المحلية، ستظل بعض الأماكن بحاجة إلى قدر كبير من المساعدة.
وبينما تستفيد الولايات الأخرى من الانتعاش الاقتصادي الواسع، يتعين على نيفادا وهاواي انتظار عودة السفر الجوي والسياحة إلى الوضع الطبيعي. ولتحقيق ذلك، تدرس ولاية هاواي تطبيق مزيج من الإجازات غير المدفوعة والاقتراض لتغطية العجز في ميزانيتها. كما تدرس هيئة النقل الحضرية في نيويورك إجراء تخفيضات كبيرة في الخدمة استجابةً لنقص ميزانيتها.
وتُظهر الفجوات الاقتصادية أيضاً أن العلاقة بين جهود قمع الفيروس والأداء الاقتصادي أكثر دقةً مما كان يعتقد قبل ستة أشهر. ويمكن لصناعات مثل الإسكان والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية أن تحارب حتى مع انتشار الفيروس. ويتم إغلاق الأعمال الأخرى التي تتطلب التجمعات الجماعية (الحفلات الموسيقية والألعاب الرياضية والمؤتمرات) إلى أن تجعل مناعةُ القطيع استئنافَها آمناً.
وهناك بعض الأنشطة في الوسط، بما في ذلك المدارس والمطاعم وصالات الألعاب الرياضية، حيث يتم تحمل بعض المخاطر، لكن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا يمكن أن تغلقها.
ومع زيادة عدد حالات الإصابات والاستشفاء على الصعيد الوطني، فإن هذا يمثل تحدياً لصانعي السياسات أكثر من غيرهم، لأنهم يقومون بالمفاضلة بين احتواء الفيروس والأداء الاقتصادي.
وبالنظر إلى التغييرات الوظيفية في وظائف الترفيه والضيافة وحدها، نرى اختلافات كبيرة بين الولايات الأكثر تقييداً مثل نيويورك وكاليفورنيا والولايات الأقل صرامة مثل جورجيا وتكساس وأريزونا. ومنذ أكتوبر 2019، انخفضت فرص العمل في مجال الترفيه والضيافة بنسبة 34% في نيويورك و25% في كاليفورنيا، لكن النسبة بلغت 15% فقط في تكساس، و15% في أريزونا، و13% في جورجيا.
وتتخذ الولايات المختلفة خيارات متباينة بناءً على درجة تحمل سكانها للمخاطر، والميول الحزبية للمسؤولين المنتخبين، ومقدار الطاقة الاحتياطية الموجودة في أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بهم. وعلى مدار الأسبوع الماضي، شهدنا قيوداً جديدة في الولايات التي يقودها «الديمقراطيون»، مثل واشنطن وأوريجون، بينما اختارت الولايات الجنوبية التي يقودها «الجمهوريون» والتي لديها أعداد مماثلة من الإصابة بالفيروس الحفاظَ على سياسات أكثر تساهلا نسبياً. ومن المحتمل أن يستمر الحال على هذا النحو.
والأمل هو أنه بحلول منتصف العام المقبل، سنبدأ في رؤية المتقاعسين وهم يلحقون بالركب، وفي رؤية انتعاش اقتصادي أكثر اتساقاً على الصعيد الوطني. لكن في المستقبل المنظور، ينبغي أن نتوقع استمرار الاختلاف.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»