كشف فيروس كورونا عن انقسامات مازالت آثارها باقية في البلقان. فالمنطقة الأكثر هشاشة حالياً في أوروبا تنقسم مرة أخرى على أسس جيوسياسية وعرقية في غمرة جهود إعطاء اللقاحات للسكان. وتعهد الاتحاد الأوروبي للأعضاء الستة المحتملين في التكتل بتقديم 70 مليون يورو (85 مليون دولار) لشراء جرعات من اللقاحات ضد «كوفيد - 19»، لكن التوصيل يواجه تأخيراً. وهذا مكّن الرئيس الصربي الكسندر فوتسيتش من تعزيز علاقاته مع الصين وروسيا، فالأخيرة هي الحليف التقليدي، الذي تعهد بالتبرع بلقاحات لمقدونيا الشمالية وللجماعات الصربية في كوسوفو والبوسنة والهرسك. 
وتضرر 18 مليون شخص يعيشون في غرب البلقان بشدة من فيروس كورونا، مع تسجيل مناطق من يوغسلافيا السابقة واحداً من أكبر معدلات الوفيات بالنسبة لعدد السكان في العالم. والتداعيات تهدد جهود حسم النزاعات الحدودية التي مازالت قائمة، مما يغامر بدفع المنطقة بعيداً عن فلك الاتحاد الأوروبي مع توسيع الصين نطاق نفوذها. ويرى زياد بصيروفيتش، مدير المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط والبلقان في العاصمة السلوفينية لوبليانا، أن أوروبا الغربية خذلت منطقة معروفة بصعوباتها وحروبها. والولايات المتحدة قلصت تدريجياً صلاتها السياسية بالمنطقة منذ التدخل في صراعات البوسنة وكوسوفو في تسعينيات القرن الماضي. 
وفي الأيام القليلة الماضية، أصبحت المجر، الجارة الشمالية لصربي، أول بلد من الاتحاد الأوروبي يوافق على استخدام اللقاح الروسي. ورئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، يعزز علاقاته مع موسكو، بينما يتحدى الاتحاد الأوروبي. وأعلن رئيس الوزراء البوسني، زوران تجيلتيا، في الأيام القليلة الماضية، أن بلاده طلبت لقاحات من روسيا والصين، خشية عمليات التأخير. وصرح بصيروفيتش «لا غرابة إذا غيرت بعض الدول توجهها الجيوسياسي في المستقبل، وهذا يرجع إلى معاملة الاتحاد الأوروبي لهذه الدول معاملة زوجة الأب. فعلى مدار العقد الماضي، تركت الولايات المتحدة البلقان إلى الاتحاد الأوروبي الذي لم يعالج قضايا منطقة البلقان فحسب، بل لم يعالج قضاياه هو نفسه». 
وأعلن الرئيس الصربي، فوسيتش، الشهر الجاري، أنه يتوقع أن تبطئ بروكسل في الاستجابة؛ لذا بدأ محادثات بشأن الحصول على جرعات جرعات من روسيا والصين وأيضاً من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، المتقدمة حاليا في برامج اللقاحات على برامج الاتحاد الأوروبي. وتلقت الصرب 1.05 مليون جرعة لقاح، وتعاقدت للحصول على 6.18 مليون جرعة أخرى. وأعلن زوران زاييف، رئيس وزراء جمهورية مقدونيا الشمالية، على فيسبوك يوم 18 يناير، أن بلاده ستحصل على لقاحات من الصرب وأيضاً من الاتحاد الأوروبي وستقوم البلاد أيضاً بمشترياتها الخاصة. وأضاف أن العرض الصربي هو «عمل تضامني».
وأعلن فوسيتش في الأيام القليلة الماضية أن صربيا ستجد طريقة لمساعدة كوسوفو بصرف النظر عن العرقية. وأضاف فوسيتش، الرئيس الصربي، «دون تعرض أي شخص للخطر، سنظل مستعدين دوما لمساعدة الألبان أيضاً ودون أي حصص عرقية». وتعهد رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، بإرسال «عدد رمزي من اللقاحات» لكوسوفو لأفراد الرعاية الطبية في الخطوط الأمامية في غضون أيام. وذكر راما، بعد حصوله على جرعة من اللقاح، «من المهم ألا نفكر مثلما يفعل الاتحاد الأوروبي، بل يجب أن نفكر في أننا لسنا وحدنا، لأن كوسوفو والبوسنة معاً في السراء والضراء».

ياسمينا كوزمانوفيتش*
* مديرة مكتب بلومبيرج في زغرب
ميشا سافيتش**
**مراسل بلومبيرج في بلجراد
جان براتانيتش**
**صحفي مقيم في سلوفينيا

* ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»