قرابة 47 مليون شخص صوتوا في الانتخابات البرلمانية الألمانية نهاية الأسبوع الماضي. انتخابات كانت الأكثر احتداماً منذ 2002؛ وفيها تغلب الديمقراطيون الاجتماعيون على الكتلة الديمقراطية المسيحية المحافظة بنحو 1.8 مليون صوت. والآن سيحتاج زعماء الأحزاب إلى كل مهاراتهم التفاوضية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة. ولكن تخيل كيف كان يمكن أن تكون النتيجة مختلفة لو أن 6 ملايين صوت أخرى أُدلي بها. 
هذا ليس عدداً اعتباطياً. فألمانيا لديها سكان أجانب يناهز تعدادهم 11.4 مليون، ونحو ثلاثة أرباع ذاك العدد هم في سن التصويت. فإذا شاركوا في الانتخابات بالمعدل نفسه الذي شارك به المواطنون الألمان، فإن نحو 6 ملايين صوت إضافي كان سيُدلى بها. وداخلي أسرتي فقط - التي تقيم في ألمانيا من سبع سنوات - كان ثلاثة أفراد سيرغبون في أن يقولوا كلمتهم بشأن المسار الذي ستسير فيه ألمانيا في مرحلة ما بعد ميركل. غير أن هؤلاء ليس لديهم حق التصويت في مثال كلاسيكي لدفع الضرائب من دون تمثيل، ويبدو أن ما وصفه الثوار الأميركيون بالطغيان قبل 250 عاماً صار وضعاً مقبولاً في بعض الديمقراطيات اليوم. 
والحال أن الحكامة الديمقراطية الحديثة لديها مكون اقتصادي أساسي: فالناس يقبلون بأن تُفرض عليهم ضرائب في مقابل أن تكون لهم كلمة ورأي بخصوص الكيفية التي يدار بهم بلدهم. والسكان المهاجرون الذين تزداد أعدادهم بسرعة في الدول الغربية عليهم الخضوع لقوانين الضرائب في الدول المضيفة منذ اللحظة التي يتقاضون فيها أول مبلغ نقدي لهم هناك. غير أنهم في أي مكان تقريباً مضطرون للانتظار لسنوات عديدة (ثماني سنوات في ألمانيا، بالنسبة لغير مواطني الاتحاد الأوروبي، و10 في النمسا، مثلاً، أو جمهورية التشيك) من أجل التقدم بطلب الحصول على الجنسية. 
وحتى على المستوى المحلي، حيث تسهِّل العديدُ من بلدان الاتحاد الأوروبي على المواطنين الأجانب التصويت، فإنهم كثيراً ما يُحرمون من حق التصويت. وعلى سبيل المثال، فإن مواطناً ألمانياً يستطيع التصويت في انتخابات برلين بعد 30 يوماً على انتقاله للعيش في العاصمة الألمانية؛ أما أنا فلا أستطيع، رغم أن لديّ جذورا أقدم وأعمق في المدينة. 
الجاليات الأجنبية المقيمة في الغرب متنوعة. فهي تشمل لاجئين محليين وأجانب ذوي رواتب كبيرة، وعمال بناء ومهندسي برمجيات، وسائقي سيارات أجرة ومؤلفين مشهورين. والأجندات السياسية التي يمكن أن يدافعوا عنها لو كان لديهم صوت، كانت ستشمل طيفاً واسعاً من المواضيع، من تحسين تعليم اللغة الثانية في المدارس العمومية إلى تسهيل الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، ومن برامج أذكى لجذب النساء المهاجرات إلى سوق العمل إلى إتاحة وظائف أكثر في القطاع العام لغير المواطنين. وبالإضافة إلى الأجندات الخاصة بالمهاجرين، والتي لا يفهمها السكان المحليون بشكل كامل، فإن المقيمين من غير المواطنين لديهم أيضاً مشاعر وآراء قوية بشأن المواضيع نفسها التي تثير النقاش بين المواطنين. 
على مستوى معين، يبدو حرمان هذه المجموعات السكانية من التصويت غير منطقي تماماً على غرار حرمان النساء من حق التصويت في أوائل القرن الماضي. والواقع أن القواعد بشأن تصويت غير المواطنين يختلف اختلافاً مهماً من بلد لآخر. ففي نيوزيلندا، كل المقيمين بشكل دائم من غير المواطنين مؤهلون للتصويت في الانتخابات الوطنية بعد عام واحد فقط في البلد؛ وفي الشيلي، بعد خمس سنوات؛ وفي الأوروغواي، بعد ثماني سنوات. أما في المملكة المتحدة، فيستطيع غير المواطنين من إيرلندا ودول الكومونويلث التصويت في الانتخابات الوطنية؛ ويستطيع مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التصويت في الانتخابات البرلمانية في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية. والبرتغال تمنح بعض البرازيليين المقيمين هناك حق التصويت استناداً لاتفاق خاص مع البرازيل. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»