الطائرة من دون طيار أو ما يعرف بـ «الدرون» وجمعها «درونز» هي مركبة جوية مسيرة عن بُعد من دون سائق، يتم توجيهها أو برمجتها لاستخدامات متعددة مدنية وعسكرية، وتستخدم في المهام الصعبة والخطرة، فقد تحمل القذائف أو الكاميرات عند استخدامها عسكرياً في المراقبة أو تنفيذ الضربات العسكرية الموجهة بدقة، أو في الإسعاف وإطفاء الحرائق والتعقيم لأغراض مدنية، وتتميز بأنها لا تحتاج إلى مقصورة طيار ولا أدوات تحكم داخلية أو متطلبات بيئية كالأكسجين والضغط وغيره، ما يجعل وزنها قليلاً نسبياً.
ومع أن طائرات الدرونز تعلب دوراً استثنائياً في المجالات المدنية والحكومية لتحسين بيئة المدن الذكية وتعزيز أمنها وذكائها، وكذلك يمكنها أن تغطي عمليات فحص شاملة لرؤوس مشاعل الغاز والنفط دون مقاطعة العمل أو تعطيله وعمليات فحص الجسور أو الروافع، وكذلك تشارك في عمليات إخماد الحرائق، حيث يمكنها تقديم تقييم سريع وشامل للمباني المحترقة لقدرتها على الرؤية عبر الدخان بوساطة كاميرات التصوير الحرارية من خلال مراقبة دقيقة لمناطق الحريق، ومع ذلك، فإن وجود هذه الطائرات مع أفراد أو جماعات إرهابية قد يتسبب بمشاكل جمة، حيث يلجأ بعض الأفراد المرضى النفسيين باستخدامها في اختراق خصوصية أمن وسلامة الآخرين، وتستخدمها الجماعات الإرهابية مثل جماعة «الحوثية» في اليمن لإطلاق القذائف واستهداف مواقع مدنية أو لإرباك الأمن البحري.
الأمن البحري هو توفير الحماية من التهديدات المباشرة للسلامة الإقليمية للدولة خاصة من الجرائم التي ترتكب في البحر، مثل هجوم مسلح من سفينة حربية أو القرصنة وتعرض السفن للنهب المسلح والأعمال الإرهابية التي تجري في عرض البحر أو قريبة من الشواطئ الآمنة، وكذلك كل الأعمال التي يُقصد بها إيقاع ضرر متعمد وغير مشروع بالبيئة البحرية مثل إلقاء النفايات وتصريف الملوثات من السفن، واستنفاد الموارد الطبيعية، مثل صيد الأسماك غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم والذي يمكن أن يهدد مصالح الدول، خاصة الدول الساحلية. 
الأمن البحري ضروري لتعزيز التجارة والنقل والسياحة والأنشطة المختلفة عبر البحر، من خلال توفير السلامة البحرية لحماية البحر الإقليمي الذي ينص على تمتع الدول الساحلية بالسيادة، وأن سائر الدول تتمتع بحق المرور البريء، على أنه يمكن منع مرور السفن الأجنبية إذا كان مخلاً بالسلام وحسن النظام والأمن في الدولة الساحلية، وممارسة الولاية الجنائية على متن سفينة أجنبية، حسب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الأمم وحسب الجزء الثاني من اتفاقية قانون البحار (حقوق وواجبات وولاية الدول في البحر الإقليمي- المرور البريء).
يعد تهديد السلامة البحرية باستخدام الدرونز نشاطاً إرهابياً يتسبب في ما يسمى بالإرباك البحري.

وحسب تقارير موثقة فإن جماعة «الحوثيين» الإرهابية المدعومة من إيران قامت ومنذ العام 2017 بتنفيذ هجمات ضد منشآت وموانئ وسفن بحرية أوقعت أضراراً بالغة في السفن وإغلاق لموانئ المملكة العربية السعودية. ويقول «هافارد هاوغستفيدت» إن بحثاً مفتوح المصدر يكشف عن تنفيذ «الحوثيين» 24 هجوماً بحرياً ناجحاً أو محاولة بطائرات من دون طيار في الفترة ما بين يناير 2017 ويونيو 2021.
وتقدم جدولة هذه الهجمات بعض التعميمات الأولية حول الهدف والموقع، مع إبراز الصعوبة لعمل تعميمات مماثلة حول التوقيت، كانت غالبية هجمات «الحوثيين» البحرية بالدرون موجهة إلى سفن الشحن التجارية مثل الناقلات أو ناقلات الشحن. كذلك أربعة موانئ مدنية مستهدفة ومنشآت إنتاج وتوزيع نفطية.

وهذا يجعل العدد الإجمالي للهجمات ضد الأهداف المدنية والمتعلقة بالنفط 16، أو ثلثي الإجمالي، وتشمل هذه الهجمات سفن الشحن التجارية التي تبحر تحت أعلام مختلفة، بما في ذلك سفن اليمن وسنغافورة، لكن الغالبية كانت من شركات النقل السعودية. أما بالنسبة للموقع، فقد تجمعت هذه الهجمات حول الحديدة وميناء الصليف والمخا، كما نفذ الحوثيون أيضاً قصفاً جوياً بطائرات من دون طيار، وضربات بالقذائف الصاروخية من زوارق سريعة الحركة، وألغام بحرية عشوائية في المضيق الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
تحديات الأمن البحري بشكل عام كثيرة، ولكن تهديد النشاط الإرهابي «الحوثي» للأمن القومي العربي وأمن السعودية البحري على وجه التحديد، يحتاج العديد من الإجراءات على رأسها تدخل مجلس الأمن الدولي بقرارات حاسمة كإيفاد مراقبين عسكريين متخصصين، أو اتخاذ تدابير عملية كالجزاءات وحظر توريد الأسلحة، والعقوبات والقيود المالية وحظر السفر أو الحصار والعمل العسكري الجماعي لوقف تهديدات جماعة الحوثي الإرهابية الخطيرة على الأمن البحري. 
معالجة تحديات الأمن البحري تحتاج أيضاً إلى تكاتف وتعاون المصادر الاستخبارية لتحديد وتتبع كافة الهجمات الإرهابية التي تشكل تهديداً للأمن البحري، خاصة تلك التي تستخدم طائرات الدرونز، وتبعث بالقلق والإرباك للملاحة البحرية، والذي يمكن أن يؤدي إلى تشكيل قوة بحرية مجهزة بسفن عسكرية مسلحة وفرقاطات حربية وأجهزة رصد واتصال ورادارات تقنية حديثة قادرة على كشف أية تحركات حوثية مشبوهة في المياه الإقليمية السعودية واليمنية، سواء القوارب المفخخة أو الألغام البحرية كتلك التي زرعها الحوثيون في الممرات الدولية وفي سواحل البحر الأحمر، وكذلك الطائرات المسيرة التي تهدد الأمن البحري.


لا شك أن تعزيز الأمن البحري في المنطقة لن يعود بالنفع والأمن والاستقرار على دول وسكان المنطقة فحسب، بل يُشكل أيضاً حماية للسفن البحرية المدنية العالمية، التجارية والسياحية، التي تحتاج بشدة إلى المرور الآمن في الممرات البحرية والمياه الإقليمية والاقتصادية لتأمين حماية أفراد وطواقم السفن وحماية البضائع المتعددة وناقلات النفط، وكذلك حماية البيئة البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي على حد سواء.

*لواء ركن طيار متقاعد