بدأنا نخلع كماماتنا أخيراً. وبينما أخذت إلزامية ارتداء الكمامة تُرفع عبر أميركا، أصبحنا قادرين على الخروج من البيت بأنف وذقن مكشوفين تماماً، ووجه عار تلامسه الريح بدون حاجز. كم هو غريب أن يصبح شيء جد أساسي مثيراً للتعجب والذهول! 
لكن على الرغم من أن قلةً قليلةً منا أحبّت الكمامة حينما فُرض علينا ارتداؤها، فإنه قد يكون من المفيد تأمل الأشياء التي سنفقدها مع اختفاء الكمامة. ذلك أننا سنفقد القدرةَ على إخفاء الابتسامة الساخرة ودعامات تقويم الأسنان. وسنفقد القدرة على قضاء بعض الأغراض من دون أن يتعرف علينا أحد، وعلى تفادي التواصل البصري من دون أن نكون أنذالاً. كما سنفقد طرقنا المكتشَفة حديثاً لـ«قراءة» أشخاص آخرين حسب ما إن كانوا يرتدون الكمامة أم لا، والطريقة التي يرتدونها بها. 
والحقيقة أن كماماتنا التي صُممت جزئياً من أجل الإخفاء، كثيراً ما تكشف بقدر ما تخفي. أقصد، كيف سنقوم بتصنيف الناس سياسياً ووضعهم في خانة معينة في أقل من خمس ثوان من دونها؟ فعلى مدى عامين كاملين، كان الأشخاص الذين يرتدون الكمامةَ ينتمون إلى يسار الطيف الأيديولوجي أو وسطه، بينما كان الأشخاص الذين لا يرتدونها من أتباع النائبة «الجمهورية» اليمينية مارجوري تايلور غرين، ومن لفّ لفها.
وحتى في الحالات التي كان فيها الجميع يرتدون الكمامة، كانت طريقة ارتدائها توفّر إشارات على المواقف السياسية لمن يرتدونها. فكانت هناك المرأة التي تسافر في الدرجة الأولى بعبارة «هذه الكمامة غير ضرورية على غرار بايدن» مرسومة تحت نظرة متحدِّية، والرجال الكثيرون الذين يميطون الكمامة عن أنوفهم ويدعونها تبرز خلال الجائحة في ما يرقى لانتهاك للفضاء الشخصي للآخرين.
ثم هناك مسألة اللون والتصميم. فإذا كان السياسيون ورجال الأعمال يختارون أمان اللون الأسود، فإن آخرين كانوا أكثر ميلاً للتعبير عن أنفسهم وميولاتهم. وهكذا، كان المرء قادراً على اكتشاف أشياء عن موظفة الصندوق في متجر البقالة المحلي، انطلاقاً من كمامتها المرصعة بالأحجار. كما أن الأشخاص الذين لا يرغبون في أن يشاهَدوا مرتدين أقمصة تحمل رسائل معينة لم يكونوا يترددون في التعبير عن التزامهم بأسلوب عيش النباتيين أو إخلاصهم ليسوع على قطعة قماش تغطي الفم والأنف. وكنت تستطيع قول ما تعتقد أنه حقيقي (من قبيل «إن الحب يتغلب على الجميع»)، أو تقريع شخص ما («الزم بيتك») من دون تحريك شفتيك. 
وفضلاً عن ذلك، فإن أنواع الكمامات الدولية تجعلك تعرف في أي مكان من الكوكب أنت. ذلك أنه إذا كان الأميركيون قد أغرِموا بالأقمشة وراحوا يبدعون تصميمات مبتكرة للكمامات، فإن الكمامات الورقية التي يتم التخلص منها بعد الاستخدام الواحد، كانت هي القاعدة في معظم أوروبا. ولهذا كان ارتداء كمامة مصنوعة من القماش في فرنسا، بغض النظر عن مدى جمالها وأناقتها، يرسل رسالة أميركية أكثر وضوحاً من ارتداء سروال قصير في عز الشتاء. 
والحق أنه كان شعوراً جميلاً في بعض الأحيان أن تشعر مثل مجرمٍ مقنّع. وعلى الرغم من الإحباط الذي قد يشعر به المرء حينما يكون غير قادر على تمييز ما إن كان شخص ما مبتسماً أو متظاهراً فقط بالابتسام أو غير مبتسم تماماً تحت الكمامة، إلا أنه كان من المفيد للشخص في كثير من الأحيان إخفاء تعابير وجهه. ولكن كل ذلك رحل الآن. 
والواقع أننا ما زلنا في حالة من الفوضى ونوع من الارتباك بخصوص الكمامات الباقية. فبعض الأشخاص ما زالوا يرتدونها، وقد بات أصعب من أي وقت مضى معرفة ما إن كان ذلك رداً عملياً على أحداث ومناسبات لانتشار الفيروس على نطاق واسع، أم مجرد ارتياب وتوجس، أم شيء آخر تماماً. لكن ارتداء الكمامة في ربيع عام 2022 قد يكشف شيئاً خاصاً، مثل مرض ضعف المناعة، أو حفيد غير ملقَّح في الخامسة من عمره لا يعرف زملاؤك أنه تحت رعايتك حالياً. 
بيد أن رحيل الكمامات قد يكون أكثر تعقيداً بالنسبة لفئة الشباب. ولنتأمل هنا المراهقين واستخدامهم الكمامةَ للتغطية على شكلهم في الواقع، فقد أقبلوا عليها كوسيلة للتغطية على ما يعتبرونها نقائص في مظهرهم، إذ يعتقدون أن مظهرهم يبدو أحسن حين يرتدون الكمامةَ. إنه مظهر يأسفون لرؤيته يرحل الآن! 
كما أن الأطفال الذين قضوا جزءاً مهماً من طفولتهم وهم يذكَّرون باستمرار من قبل آبائهم ومعلميهم بضرورة ارتداء الكمامة، على غرار الأطفال الصغار الذين يذكَّرون بضرورة ارتداء النظارات، قد يكونوا استوعبوا الرسالةَ بشكل أكبر وأقوى مما ينبغي. ذلك أن الكثيرين منهم باتوا لا يشعرون بالأمان من دونها. وشخصياً، أعرف آباء يتوقون الآن لجعل أطفالهم يتخلون عن الكمامات مثلما كانوا يتوقون لجعلهم يتخلون عن «اللهّاية».
وبالنسبة للأطفال من كل الأعمار، يمكن القول إن الكمامات أصبحت من بعض النواحي بمثابة غطاء الأمان. فقد كانت توفّر طريقة لقراءة الآخرين من دون الشعور بأن آخرين يقرؤوننا. وأصبحنا نختار بشكل أكثر ابتكاراً الوجهَ الذي نقدّمه للعالم الخارجي، بدون عملية تجميل. وقد يكون من الصعب التخلي عن ذلك تماماً قبل قدوم المتحوِّر المقبل. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2022/05/08/opinion/mask-mandate-over.html