قالت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي إن الحرب الروسية  الأوكرانية دفعت أرقام النزوح في العالم إلى مستويات قياسية، واصفةً الأرقام بأنها «محطة مأساوية». ولفتت الأمم المتحدة ضمن تقرير لها حول الاتجاهات العالمية إلى أن مستويات النزوح ارتفعت كل سنة خلال العقد الماضي – حيث ارتفعت الأرقام حالياً إلى أعلى مستوى منذ أن بدأ حفظ الإحصائيات.

وأشارت الوكالة إلى أن 89.3 مليون شخص نزحوا عن مناطقهم في نهاية 2021، بسبب عوامل مثل الحرب والكوارث والعنف والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان. وحتى اليوم، أُرغم أكثر من 100 مليون شخص على الفرار من مناطقهم – أي ما يعادل 1% من إجمالي سكان الأرض.

وتسببت الحرب الأوكرانية في أسرع أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية – أزمة أدت، إلى جانب حالات طوارئ أخرى في أفغانستان وأفريقيا وأماكن أخرى، إلى «تجاوز المستوى الدراماتيكي»، كما تقول المنظمة. إذ أُحصي أكثر من 5 ملايين لاجئ أوكراني عبر أوروبا منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ويشكِّل الأطفال قرابة نصف مجموع اللاجئين في العالم خلال العقد الماضي، كما تقول منظمة «اليونيسيف» في تقرير منفصل صدر الخميس. فبنهاية 2021، بلغ عدد الأطفال النازحين في العالم مستوى قياسيا هو 36.5 مليون، وسط أزمات في بلدان مثل أفغانستان واليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وهذا المنحى التصاعدي للنزوح في العالم سيتواصل إلا إذا بذل المجتمع الدولي «جهداً منسقاً جديداً نحو صنع السلام»، كما قالت وكالة اللاجئين الأممية الخميس.

واندلعت خلال العام الماضي عدد من النزاعات عبر العالم، بينما عرفت نزاعات أخرى قائمة تصعيدا – إذ شهدت نحو 24 دولة، يبلغ مجموع سكانها 850 مليون نسمة، نزاعات متوسطة إلى عالية الحدة، وفقا للبنك الدولي. وفي هذا الإطار، قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس في مارس الماضي: «إن الهشاشة والوفيات المرتبطة بالنزاعات والاضطرابات الاجتماعية ازدادت بشكل دراماتيكي». وفضلاً عن النزاعات، أدت ندرة الغذاء والتضخم وأزمة المناخ إلى مفاقمة الوضع، ما شكّل ضغطا على جهود الاستجابة الإنسانية، وفقا للأمم المتحدة.

وينحدر ثلثا اللاجئين والنازحين من خمسة بلدان هي: سوريا بـ6.8 مليون شخص، متبوعة بفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار. واستقبلت بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل أكثر من 80% من كل اللاجئين الفنزويليين النازحين في الخارج. واستضافت تركيا أكبر عدد من اللاجئين على صعيد العالم -بـ3.8 ملايين شخص- تليها أوغندا وباكستان وألمانيا.

ومن حيث نصيب الفرد، استضاف لبنان أكبر عدد من اللاجئين، متبوعاً بالأردن وتركيا. وبعد أن تركوا أوضاعا خطيرة في بلدانهم، ما زال الكثير من اللاجئين يواجهون ظروفا تتسم بالهشاشة والضعف. وفي هذا الإطار، حذّر «برنامج الغذاء العالمي» الشهر الماضي من أن الأسر السورية التي تعيش في مخيمات للاجئين في العراق تواجه «مستويات مقلقة» من انعدام الأمن الغذائي. وينحدر ثلثا اللاجئين والنازحين من خمسة بلدان هي: سوريا بـ6.8 مليون شخص، متبوعة بفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار.

حوالي 260 ألف لاجئ سوري، بما في ذلك أكثر من 95 ألف في مخيمات. وهناك أكثر من 2.6 مليون لاجئ أفغاني على صعيد العالم – 2.2 مليون منهم يوجدون في إيران وباكستان المجاورتين. وفي إطار الانسحاب الأميركي من البلاد الذي اتسم بكثير من الفوضى خلال العام الماضي، أخلت إدارة بايدن 76 ألف أفغاني إلى الولايات المتحدة، تاركة وراءها آلاف الأفغان الآخرين الذين أرادوا الفرار حينما تولت طالبان السلطة. وتعرض برنامج إعادة توطين الأفغان الأميركي لضغط هائل، ما أدى إلى معاناة بعض اللاجئين، وانفصال آخرين عن أفراد أسرهم، وعلوق آخرين في وضع غامض يكافحون فيه لإيجاد مخرج.

الكثيرون، بمن فيهم ائتلاف ضم أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزب «الديمقراطي» أواخر الشهر الماضي، انتقدوا ما اعتبروه معاملة غير متكافئة من الحكومة للاجئين من بلدان مختلفة.

وكتبوا أنه «إذا كان الرد الأميركي على أزمة اللاجئين الأوكرانية مثيرا للإعجاب، فإنه من المؤسف أن هذا النموذج من الاستقبال والاحتضان ليس القاعدة بالنسبة لكل الأزمات الإنسانية، أينما وقعت، سواء في هايتي، عبر أميركا الوسطى، في أفريقيا، المحيط الهادي، وغيرها».

النزاع في أوكرانيا ساهم أيضاً في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود حول العالم. فمن نيجيريا إلى اليمن، تؤثر الأزمة على البلدان النامية بشكل خاص حيث تفاقم الجوع ونقص الغذاء. وأشار تحليل أممي لبؤر الجوع عبر العالم إلى أن «تداعيات الحرب في أوكرانيا سيتردد صداها عبر العالم على خلفية تعافٍ اقتصادي تدريجي وغير متساوٍ من وباء كوفيد 19».

ومع إغلاق الموانئ المهمة في أوكرانيا، اتهم مسؤولون أميركيون وأوروبيون روسيا باستخدام الغذاء كسلاح في النزاع. وقالت الأمم المتحدة: «إن اضطرابات القطاع الزراعي الأوكراني وتقييد الصادرات يؤديان إلى تقلص إمدادات الغذاء العالمية، وزيادة أسعار الغذاء العالمية، ورفع مستويات عالية أصلا لأسعار الغذاء المحلية إلى الأعلى». وتنتج أوكرانيا وروسيا نحو ثلث القمح الذي يباع في الأسواق العالمية ونحو ربع شعير العالم، وفقا لـ«المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية»، الموجود مقره في واشنطن.

جينفر حسن  وساماي ويستفال

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»