في ظل تزايد التحديات الجسيمة التي يشهدها عالمنا اليوم، ولاسيّما الاستقطاب المتزايد الذي بات يخيّم على النظام الدولي إثر ارتفاع وتيرة الأزمات، وظهور بؤر جديدة للنزاعات، وتصاعد خطر أنشطة الجماعات المسلحة، في وقت تعصف فيه أزمات الغذاء والمناخ بشعوب العالم، فإن إعادة الثقة بالنظام الدولي وبشرعية مؤسساته تعدّ أمراً بالغ الأهمية.

هذا الموقف بالتحديد هو ما أعربت عنه دولة الإمارات على لسان معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في كلمة تؤكّد نظرة دولة الإمارات إلى الأحداث والتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، وهي نظرة تقوم على تغليب الحلول الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد، وإعطاء الأولوية لتسوية التوترات من أجل تفادي ظهور بؤر جديدة للصراعات ولمكافحة التيارات المتطرفة.

وقد حدّدت كلمة معالي ريم الهاشمي موقف الإمارات الواضح والصريح من قضايا وطنية وإقليمية ودولية ذات أولوية قصوى بالنسبة للدبلوماسية الإماراتية القائمة على السلام.

فعلى مستوى القضايا الوطنية، كرّرت دولة الإمارات مطالبتها بإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، مجددة دعوتها الصادقة لجارتها إيران لحل هذه القضية بالطرق السلمية. أما على الصعيد الإقليمي، فإن هذا المنبر الأممي كان فرصة جديدة لتؤكد فيه الدولة موقفها الثابت والداعي لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للمرجعيات الدولية المتفَق عليها. كما كان محطة للوقوف على ما تحقق بعد عامين من توقيع الإمارات وإسرائيل الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي يمهّد الطريق لبناء سلام مستدام في منطقة الشرق الأوسط. وعلى الصعيد الدولي، أكدت الإمارات أهمية احترام القانون الدولي، ولاسيّما ميثاق الأمم المتحدة، داعية إلى تطبيقه باتساق ومن دون معايير مزدوجة أو انتقائية، إذ لا يمكن الحديث عن نظام دولي آمن ومستقر في ظل غياب موقف دولي حازم يرفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره ويلتزم بمحاسبة مرتكبيه ومموّليه.

كما أعادت الدولة تأكيد ضرورة تكاتف الجهود الدولية للتصدّي لأزمة تغيّر المناخ، إيماناً منها بأن مستقبل الكوكب يفرض على الجميع الالتزام بدعم العمل المناخي عبر تبنّي أجندة الطاقة المتجددة وتوفير التمويل الكافي للعمل المناخي، ودعم الدول النامية لبناء قدرة مجتمعاتها على الصمود.

وفي ختام كلمتها، أكدت معالي الوزيرة مواصلة الإمارات العمل مع كل الأصدقاء والشركاء، لبناء قدرات وكفاءات الحكومات والشعوب في مختلف المجالات لتحقيق الخير للعالم أجمع، في تعبير صادق عن دبلوماسية الإمارات القائمة على التعاون العالمي والسلام الشامل، والمرتكزة على دعم الشعوب المتضررة من الأزمات والكوارث من دون أي اعتبارات دينية أو عرقية أو سياسية أو ثقافية.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.