عدنان كريمة*

حذر مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي في مصر طلعت خليل من التوسع في القروض، داعياً إلى إيجاد حلول لزيادة موارد الدولة. وكذلك أعلن رئيس وحدة الدين في وزارة المالية محمد حجازي أن «الاقتراض يمثل المصدر الرئيس لتمويل العجز الكلي للموازنة، وتمويل أقساط القروض بالعملة المحلية».

أما رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب فخري الفقي، فقد أعلن أن «نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي بلغت 87% بنهاية يونيو الماضي، موضحاً أن «ارتفاع خدمة الدين (الفوائد) تسبب ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة»، مشيراً إلى أن «تغير سعر الصرف بقيمة جنيه مصري واحد، يرفع قيمة الدين العام 83 مليار جنيه (4.25 مليار دولار) سنوياً».

ومع اقتراب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من نهايتها للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار، شهد الجنيه خسائر كبيرة، حيث تراجع إلى 19.68 جنيه في مقابل الدولار. ويتوقع المراقبون أن يستمر انخفاضه، خصوصاً أن محللين وبنوكاً وشركات استثمار، يرون أن القيمة العادلة للجنيه تتراوح بين 21 و24 جنيهاً للدولار.

ومنذ بداية العام الحالي، فقد الجنيه نحو 24.8% من قيمته، مع استمرار التخفيض التدريجي، تنفيذاً للتفاهم الذي تم مع الصندوق على أساس «نظام التعويم المدار».

واعتبر بعض المحللين أن تراجع سعر صرف الجنيه أمر منطقي، ويعود إلى شح العملة الصعبة وارتفاع معدل التضخم إلى نحو 15% نتيجة انعكاس تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتعثر إمدادات الدخل بالدولار، فضلاً عن الهجرة الجماعية للأموال الساخنة، الأمر الذي يشكل أزمة كبيرة تعصف بأقوى اقتصادات العالم، وليس الاقتصاد المصري الناشئ.

وإذا كانت ديون مصر الخارجية، قفزت في السنوات الخمس الماضية نحو 63 مليار دولار، (من 82 ملياراً نهاية 2017 إلى 145 مليار دولار في ديسمبر 2021). فإن الموازنة العامة للسنة المالية 2022 - 2023، مثقلة بالديون وفوائدها التي تقدر بنحو 37.19 مليار دولار، وهي تحمل عجزاً بقيمة 28 مليار دولار، يضاف إليها أقساط القروض المستحقة والبالغة 50 مليار دولار، يكون المبلغ المطلوب تمويله نحو 76 مليار دولار.

لذلك توسعت الحكومة في الاقتراض عبر أدوات الدين السيادية بتريليوني جنيه (103 مليارات دولار) سجلت خلال 9 أشهر. ولكن على رغم المخاوف التي تحاصر الاقتصاد المصري، فقد تراجع الدين الخارجي في الربع الثاني من العام الحالي بأكبر وتيرة له منذ الربع الأول من عام 2015، وبما يعادل 2.1 مليار دولار، ليصل إلى 155.7 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي.

وتبرز أهمية شهادة مؤسسات التمويل الدولية، التي حصلت مصر بنتيجتها مؤخراً على قرض من البنك الدولي بقيمة 400 مليون دولار ولأجل طويل، وتسهيلات بدفع الأقساط بدءاً من مطلع 2030. ولعل اللافت أن البنك رجح أن تحقق مصر معدل نمو 4.8% خلال العام المالي الحالي، ووصفه بأنه أعلى معدل بين أهم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

* كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية.