في المنتدى السابع عشر لصحيفة «الاتحاد»، تشرفت ضيفاً مشاركاً بورقة عمل عن الإمارات واقتصاد الفضاء. منتدى اقتصاد المعرفة أحد نتاج الاتجاه الراهن، وكان اختيارا يلبي استحقاقات الدولة في لحظتها المميزة. ماذا فعل اقتصاد الفضاء في العالم منذ أكثر من ستة عقود، قلب ميزان القوى العالمية وأشعل حربا باردة بين أميركا والاتحاد السوفييتي لا زالت آثارها شاخصة للأبصار.

أحدث في هذا الفضاء الشاسع ثورة علمية في «الرياضيات» والتي أوصلت القمر الصناعي «سبوتنك واحد» إلى مدار القمر. قامت أميركا بصب ثلاثة مليارات دولار في اللجنة الخاصة لتحديث مناهج الرياضيات في النظام التعليمي، وهذا المبلغ يساوي اليوم قرابة عشرة مليارات دولار. استطاعت بعد أربع سنوات اختراق الفضاء والهبوط على سطح القمر ونزول أول إنسان للتحرك في أجوائه.

بعدها بسنوات قليلة يبزغ نجم دولة الاتحاد، ليلتقي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بفريق (أبوللو 11) ليطلق حلمه بذلك، والذي تحقق بوصول «مسبار الأمل» إلى المريخ الذي سيغذي عالم الإنسان بالمعلومات لعقود مقبلة. لقد اتضح لنا في هذا المنتدى وقد يكون لأول مرة عن مدى قوة اقتصاد الدولة في ذراعها الاستثمارية الخارجية الممتدة في ستين دولة حول العالم والتي بلغت أصولها قرابة ستة تريليونات من الدولارات وبحصاد سنوي لا يقل عن تريليون دولار.

وفي محور الأرشيف الوطني كمصدر من مصادر قوة المعرفة، ذكرت أثناء النقاش، بأني أود في السنوات المقبلة أن يصبح هذا الصرح أفضل من الأرشيف البريطاني الذي يعد عمدة الأرشيف العالمي. وهدفي هنا أرشفة كل ما يتعلق بحراك الإمارات، لحظة بلحظة وتوفر التقنيات عامل قوي ومساعد للإنجاز. أضرب مثلا بما استفادته من الأرشيف البريطاني فيما يتعلق برجالات الوطن، فقد احتجت إلى معلومات دقيقة عن باني صرح التعايش السلمي في مجتمع إمارة دبي قبل أكثر من قرن على يد المغفور له الشيخ سعيد آل مكتوم.

فمن ضمن ما حصلت عليه بطاقة دعوة مرسلة من قبل حاكم البحرين آنذاك لحضور عرض أول فيلم هناك، وقد لبى سموه الدعوة وسافر على متن طائرة مائية من مطار في وسط خور دبي.

وفي ورقة أخرى ناقشت أهمية «أشباه الموصلات» في اقتصاد المعرفة، وجاءت مداخلتي على تلك الورقة من منطلق العلاقات الدولية وكيف أن هذه «الموصِّلات» وأشباهها أشعلت ناراً للحرب الباردة بين أميركا والصين وفي المنتصف كانت جزيرة تايون. يمكن اعتبار تايون المركز العالمي لإنتاج الموصّلات الإلكترونية، وأي مساس أو مس بها، يحدث «ماساً» سياسياً لدى الصين أولاً، لأنها تستهلك 40% من إنتاج جزيرة تايون من الموصّلات والنسبة الباقية مقسمة بين أميركا أولا ومن ثم بقية دول العالم.

ولو علمنا بأن قيمة صادرات تايون في العام 2022، من الموصلات قاربت المائة مليار دولار، ندرك عِظم أهمية ذلك على مستوى العالم. أعود إلى تلخيص أهمية اقتصاد الفضاء كجزء رصين من اقتصاد المعرفة ومصدر مهم للتنوع الاقتصادي.

العائد على التجارة في الفضاء بالنسبة لأميركا وصل إلى سبعة أضعاف ما أنفقته، وبالنسبة للدول الأخرى تجني أرباحاً بقيمة ثلاثة أضعاف ما ضخت في هذا القطاع، الذي يُقال بأن أول «تريليوني» على وجه الأرض سيخرج من عمق هذا الفضاء.

* كاتب إماراتي