قبل عامين صوّت أليكس جارسيا وكلُّ مَن يعرفه تقريباً في لوس أنجلوس، لصالح جو بايدن. يقول عازف الموسيقى المحترف: «كنتُ ذات يوم في أقصى اليسار، لكني هذا العام أفكر على الأرجح في التصويت للمرشح الجمهوري».
وما السبب؟ إنه التضخم. يقول جارسيا: «نحن جميعاً نشعر به. ارتفعت قيمة فاتورة الطاقة، وازدادت أسعار البنزين. وتجد نفسك مفلساً ومحاطاً بالديون، وهذه أشياء تتراكم. بعد فترة، تجد نفسك تتساءل: إلى متى نحن على استعداد لتحمل هذا؟
قبل أسبوعين من يوم الانتخابات النصفية، يشعر معظم الأميركيين بالتشاؤم بشأن الاقتصاد، حيث يتصدر التضخم قائمةَ المخاوف الاقتصادية.
بعد أسابيع من الترويج لتحقيق انتصارات تشريعية تهدف إلى مساعدة الأميركيين المكافحين، بدا الرئيس جو بايدن سلبياً، حيث ركز أنظارَه على الحزب الجمهوري الذي يبدو مستعداً لتولي مجلس واحد إن لم يكن مجلسا الكونجرس معاً. ويقول إن فوز الحزب الجمهوري في 8 نوفمبر من شأنه أن يؤدي إلى جهود لخفض الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، مما يفضي إلى احتمال إغلاق الحكومة، وخطر التخلف عن سداد الدين الوطني، وازدياد التضخم سوءاً.
وقال الرئيس بايدن، مشيراً إلى شعار الرئيس السابق دونالد ترامب «اجعل أميركا عظيمةً مرة أخرى (ماجا)»: «الجمهوريون يصرون على اقتصاديات التسرب الضخمة التي يوفرها شعار (ماجا) والتي تفيد الأثرياء جداً». واقتصاد التسربِ مصطلحٌ يستَخدَم في المراجع الهامة للسياسات الاقتصادية التي تفضل الشرائح ذات الدخل الأعلى والشركات والأفراد الذين لديهم ثروة أو رأسمال كبير. كما يواصل بايدن الإصرار على أن حزبه يسير على الطريق الصحيح، تحت شعار «بناء أميركا أفضل للجميع».
لكن الاستراتيجيين السياسيين يقولون إن الرسائل الاقتصادية، بما في ذلك جهود إلقاء اللوم على الآخرين في التضخم، مثل الروس وعمليتهم العسكرية في أوكرانيا، قد لا تساعد «الديمقراطيين» كثيراً. ويقول ويليام جالستون، مستشار السياسة المحلية في البيت الأبيض خلال عهد كلينتون، إن «الوضع الافتراضي في السياسة الأميركية منذ (الصفقة الجديدة) هو أن الرؤساء وأحزابهم السياسية يتحملون المسؤولية عن أداء الاقتصاد، سواء أكانوا كذلك في الواقع أم لا».

الاقتصاد هو أهم قضية بالنسبة للناخبين، حيث قال 79% منهم إنه سيكون «مهماً جداً» لتصويتهم، وفقاً لمركز «بيو» للأبحاث. وبينما يمكن للبيت الأبيض أن يشير إلى أرقام توظيف قوية، فقد لا يكون ذلك مريحاً للكثيرين، نظراً لارتفاع تكلفة المعيشة بشكل ملحوظ. في سبتمبر الماضي، وصل معدل التضخم إلى 8.2% على أساس سنوي، وارتفعت الأسعار بالنسبة للأميركيين في كل شيء من الغذاء إلى السلع الاستهلاكية إلى الطاقة.
وفي الوقت نفسه، يبلغ متوسط ​​قروض الرهن العقاري ذاتَ السعر الثابت لمدة 30 عاماً، أي حوالي 7.16%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2001، مما يدفع العديدَ من الأميركيين إلى استبعاد خطط شراء منزل.
ويقول تايلر هيرش، بائع وجبات الطعام التايلاندية، إن «المبيعات كانت هادئةً بشكل غير عادي، إذ عادةً ما تكون أواخر أكتوبر أكثر أوقات العام ازدحاماً، لكننا لم نشهد ذلك أبداً في هذا الخريف». وهو يلقي باللوم على ما يعتبره بدايةَ ركود محتمل، مدفوعاً باستجابة الحكومة الفيدرالية للتضخم المرتفع. وكانت الأسعار المرتفعةُ سيئةً بما يكفي لشخص يعمل في صناعة المواد الغذائية. لكن المصدر الرئيسي لإحباطه الآن هو الزيادات المتعددة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ مارس الماضي. وكان البائع يأمل في شراء منزل، لكن نظراً للوضع الحالي فـ«إني لن أفعل ذلك في أي وقت قريب».
هيرش لا يرضى عن أي من الحزبين السياسيين، وكان متذبذباً في تصويته على مر السنين.. لكنه عقد العزم هذا العام، واتخذ قراره منذ عدة أشهر: «سأصوت للجمهوريين».
في أوائل السبعينيات، نتج عن صدمات النفط تضخم بلغ 12%، وفي صيف عام 1974، واجه الرئيس جيرالد فورد ضغوطاً لخفضه، وقال للأميركيين: «للمساعدة في توفير الوقود الشحيح في أزمة الطاقة، قلل القيادة وقلل التدفئة». وكان هذا الجهد موضع سخرية. يقول راسل رايلي، المؤرخ في مركز جامعة فرجينيا ميلر: «يُنظر إليه، حتى من قبل الجمهوريين، باعتباره أحد أسوأ إخفاقات العلاقات العامة في تاريخ الرؤساء الأميركيين».
واليوم، وسط استقطاب شديد، قد يتمسك العديد من الناخبين بعاداتهم الحزبية المعتادة، حتى مع ارتفاع معدلات التضخم. فدان ويلسون، وهو ديمقراطي من جورجيا ترشح للكونجرس في عام 2020، لا يمكنه تخيل أي شخص في مجتمعه يصوت بشكل مختلف عن الانتخابات السابقة. ويقول ويلسون: «لا أعتقد أن التضخم سيغير ذلك التصويت».
لقد حاول بايدن وسائلَ أخرى لتجاهل اللوم أو للإثبات أمام الشعب الأميركي أنه مسؤول عن القضية. وهو يستشهد بـ«جشع الشركات»، كما ألقى باللوم مراراً وتكراراً على روسيا وعمليتها العسكرية في أوكرانيا والتي أدت إلى انحراف أسواق الطاقة.
وقد عمدت إدارة بايدن إلى تسمية مجموعتها التشريعية الكبيرة، التي تضم الإصلاح الضريبي، وانخفاض أسعار الأدوية، والاستثمار في الطاقة النظيفة، باسم قانون خفض التضخم. لكن مع اقتراب التضخم من أعلى مستوياته في 40 عاماً، يبدو أن الجمهور غير مقتنع.
ويتوقع العديد من الاقتصاديين أن تتجه الولايات المتحدة إلى الركود، لكن ليس على الفور. وحتى إن أظهرت أرقام الربع الثالث نمواً اقتصادياً إيجابياً، فإنه حين يحدث الركود «لن يكون هناك هبوط ناعم».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»