كما يعلم الرئيس جو بايدن جيداً، يمكن أن تتغير الحظوظ السياسية تماما فجأة في واشنطن. قبل أيام فقط، كان الرئيس يستمتع بأداء حزبه الذي كان أفضل من المتوقع في انتخابات التجديد النصفي، ويشاهد ارتفاع نسبة التأييد له، ويشير إلى المؤشرات الاقتصادية الإيجابية.
ولكنه الآن يخضع للتحقيق من قبل مستشار خاص، وخسر نقطة نقاش سهلة ضد منافس محتمل في عام 2024: الرئيس السابق دونالد ترامب.

إن الكشف عن وثائق سرية تعود للفترة التي كان الرئيس بايدن يشغل منصب نائب الرئيس، والتي تم العثور عليها في مكتب سابق لبايدن في واشنطن وفي منزله في ويلمنجتون بولاية ديلاور، قد غيرت الرواية. أصبح بايدن في موقف دفاعي، حيث يستهدف «الجمهوريون» الذين تم تمكينهم حديثاً في مجلس النواب أحدث دراما لبايدن. وفي يوم الأربعاء، فتحت لجنة في مجلس النواب تحقيقا مخططا له منذ فترة طويلة مع الرئيس وعائلته.
لكن قيام المدعي العام «ميريك جارلاند» بتعيين مستشار خاص يوم الخميس، بعد ساعات من إبلاغ محامي بايدن وزارة العدل بأنهم عثروا على وثيقة سرية أخرى في منزله في ويلمنجتون، دفع واشنطن إلى العمل بجد.
على الرغم من أن الحقائق المعروفة حول وثائق عهد أوباما الخاصة بالسيد بايدن تتضاءل في الحدة مقارنة بتلك المتعلقة بالرئيس السابق ترامب - الذي يواجه تحقيق مستشار خاص في العديد من صناديق المواد السرية التي تم العثور عليها في منزله في فلوريدا، وبعضها على مستوى سري للغاية – فإن الموقف مع ذلك ضار.
بعد رئاسة ترامب المضطربة، تم تقويض صورة السيد بايدن باعتباره ارتدادا للمعايير القديمة، المتجذرة في الكفاءة في أساسيات الحكم. من الناحية الواقعية، لم يعد بإمكان «الديمقراطيين» انتقاد ترامب لتكديسه الوثائق أو إساءة التعامل معها بينما يسعون إلى تغليف العلامة التجارية للحزب «الجمهوري» بالمشاكل القانونية للرئيس السابق.
يقول ويليام جالستون، المسؤول البارز السابق في إدارة كلينتون، في إشارة إلى منزل ترامب في فلوريدا: «سيكون من الصعب جدا، في ظل هذه الظروف الجديدة، على الديمقراطيين استخدام قضية وثائق «مار -إيه – لاجو» التي وجدت في المنتجع الخاص بالرئيس السابق بشكل فعال ضد ترامب. هذه نتيجة رئيسية».

سرعان ما لاحظ «الديمقراطيون» أن قضيتي ترامب وبايدن تبدوان مختلفتين بشكل ملحوظ. في حالة ترامب، فإن عدد الوثائق المعنية، بناءً على ما هو معروف حتى الآن، أكبر بكثير مما هو عليه في قضية بايدن. وبالتالي، من الناحية القانونية، قاوم الرئيس السابق وفريقه جهود الأرشيف الوطني لاستعادة المواد السرية بمجرد ظهورها.
بعد ذلك، بعد جمع الدُفعات الأولية من الوثائق، ادعى فريق ترامب، كذبا، أن جميع المواد قد تم تسليمها. وفي أغسطس، بعد الحصول على أدلة على وجود مستندات سرية إضافية في «مار -إيه – لاجو»، داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي المنتجع. كما يواجه ترامب وفريقه مزاعم باحتمال وجود عوائق.
في المقابل، يقول محامو بايدن إنهم أبلغوا الأرشيف الوطني على الفور عن اكتشاف وثائق سرية في مركز «بن بايدن»، وهو مركز أبحاث في واشنطن. وأبلغت المحفوظات وزارة العدل بالاكتشاف، وقام محامو بايدن بعد ذلك بتفتيش منزليه في ديلاوير - حيث تم اكتشاف عدد صغير من الوثائق السرية في المرآب في ويلمنجتون وفي غرفة مجاورة.

أصر البيت الأبيض برئاسة بايدن منذ البداية على أن نقل الوثائق السرية التي تعود إلى الفترة التي كان يشغل فيها منصب نائب للرئيس إلى مكتبه الخاص ومنزله كان غير مقصود.
وقال ريتشارد ساوبر محامي البيت الأبيض في بيان ظهر الخميس «نحن على ثقة من أن المراجعة الشاملة ستظهر أن هذه الوثائق في غير مكانها عن غير قصد، وأن الرئيس ومحاميه تصرفوا على الفور عند اكتشاف هذا الخطأ».

حتى لو ثبتت صحة تأكيد «ساوبر» في النهاية، فإن التداعيات العامة كانت شرسة وسلبية بالفعل - ولم يساعد السيد بايدن نفسه. في ظهور أمام الصحفيين صباح الخميس للترويج لخفض معدل التضخم السنوي، أجاب الرئيس على سؤال حول الوثائق.
فقد سُئل بايدن، المعروف بعشقه للسيارات، عن سبب احتفاظه بمواد سرية بجانب سيارته الكورفيت الموجودة في ويلمنجتون. رد بايدن: «سيارتي الكورفيت في مرآب مغلق، لذلك فإن الوثائق ليست في الشارع».
الأمر الأكثر إشكالية، أن بايدن وفريقه واجهوا انتقادات لفشلهم في الكشف عن اكتشاف وثائق سرية في واشنطن وويلمنجتون في الوقت المناسب. تم اكتشاف المجموعة الأولى من الوثائق في 2 نوفمبر - قبل انتخابات التجديد النصفي. لكن هذه المعلومات لم يتم الكشف عنها للجمهور حتى هذا الأسبوع.
بالنسبة للعديد من الأميركيين، قد يتحول الوضع برمته إلى جاذبية لواشنطن بشكل عام.
يوافق ريان جودمان، أستاذ القانون في جامعة نيويورك، على أنه «في ذهن الجمهور، يتم دمج هذه الأشياء معا وهناك توازن بين الاثنين»، لكنه لا يتفق مع الحكمة التقليدية الناشئة بأن تحقيق بايدن الجديد سيقلل من إمكانية توجيه لائحة اتهام إلى ترامب.
يقول البروفيسور جودمان: «من المرجح أن يؤدي كونه مستشارا خاصا إلى حماية القرار بطريقة تجعله في الواقع يتعلق بالتطبيق المخلص للقانون».
من ناحية أخرى، فإن تعيين المدعي العام جارلاند للمدعي العام الفيدرالي السابق في عهد ترامب، روبرت هور، كمستشار خاص في قضية وثائق بايدن يمكن أن يساعد في تشكيل موقف الناس. فقد حصل السيد «هور» على دعم الحزبين في عام 2017 لترشيحه كمحام أميركي وتجديد الثناء يوم الخميس عندما تم الإعلان عن تعيينه من قبل جارلاند. ومع ذلك، لا يوجد رئيس أو رئيس سابق يريد مستشارا خاصا يشعره بالقلق.
لا يزال الكثير غير معروف للجمهور حول قضية بايدن، مثل: ما هي الوثائق التي تتعلق بالضبط؟ وكيف انتهى بها الأمر في حوزته الخاصة؟ ذكرت شبكة «سي إن إن» أنه من بين الوثائق السرية في مكتب بايدن السابق في مركز بن بايدن، هناك 10 وثائق تتعلق بأوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»