لا شك في أن منطقة الخليج العربي تشكّل اليومَ موقعاً سياسياً هاماً على الخارطة السياسية العربية والعالمية، وتمثل البداية والنهاية والقرار الحاسم لأي حراك أو حلول سياسية في المحيط العربي بشكل خاص، ولا يمكن لدولة في الشرق الأوسط أن تتجاوز الثقلَ الإقليمي لمنطقة الخليج وأهميتها في التوازنات السياسية والحلول الحكيمة للقضايا الشائكة في المنطقة.
ولأن الجمهورية العربية السورية جزء لا يتجزأ من المنطقة العربية فقد أولت دولُ الخليج أهميةً بالغة لإعادتها إلى الحضن العربي، مع ضمانة تامة لكرامة الشعب السوري بعد المآسي التي شهدها وعاشها العالَم العربي منذ عام 2011، وبما يتوافق مع الأنظمة الدولية ومواثيقها الموقَّعة فيما يخص حقوقَ الشعوب ومراعاة مصالحها، وذلك بإيجاد مسار سياسي يؤدي إلى تسوية واستقرار الوضع في سوريا وإعادة إعمارها، وبالتالي عودتها إلى الحضن العربي، والقيام بدورها مجدداً في منظومة العمل العربي المشترك. 

وبعد لقاءين هامين لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وزيارة الأسد لدولة الإمارات العربية المتحدة قبل أيام، وكانت الأولى له لدولة عربية منذ عام 2011، وبعد أن أعادت أبوظبي فتح سفارتها في دمشق في 27 ديسمبر 2018 بعد إغلاق دام سبعة أعوام إثر إعلان الجامعة العربية في 2011 تجميدَ عضوية الجمهورية العربية السورية، حيث ما فتئت الإمارات تلعب دوراً في الوساطة من أجل إيجاد تقارب سوري عربي والدفع بحل ناجع للأزمة السورية من خلال التسويات السياسية والمساعي الدبلوماسية.. مثّلت زيارةُ الرئيس بشار الأسد إلى أبوظبي، الأحد الماضي، بدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه لله، تتويجاً لهذه الجهود الدبلوماسية الإماراتية لإعادة سوريا إلى حضنها العربي والخليجي. وقد كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على حسابه في تويتر ما يؤكد إيجابية الزيارة وتحقق مساعيها، حيث ذكر سموه: «أجرينا مباحثات إيجابية وبنّاءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين».
كما يتردد هذه الأيام، في الأوساط السياسية، حديث عن احتمالية تقارب سعودي سوري منتظر رغم عدم صدور أي تعليق رسمي حول ذلك، لكن التوقعات تلمح إلى زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي لدمشق بهدف وضع ترتيبات لإعادة العلاقات بين البلدين، مما سيفضي -في حال حدوثه- إلى إعادة فتح القنصلية السعودية في دمشق.
الشعب السوري شعب واجه ويلات الحرب والصراع، وتعرّض خلال عشرة أعوام الأخيرة إلى أحداث مريعة ودامية، إذ وجد نفسَه بين فكي كماشة الإرهاب والتنظيمات المتصارعة والقوى الطامعة، وصولاً إلى الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد وجنوب تركيا وراح ضحيته آلاف الأشخاص وسقطت جراءه البيوتُ وانهارت المباني.
لقد آن الأوان للشعب السوري كي يعيش مجدداً بأمن وأمان واستقرار، فهو شعب كريم ومثابر ويستحق الحياةَ الكريمة بعد سنوات من المعاناة وويلات الصراع والحرب.
وختاماً.. أعاد الله شهر رمضان علينا وعلى المنطقة العربية عامة بكل خير وسلام، وكل عام وأنتم بخير.

*كاتبة سعودية