3% فقط من جرعات لقاحات كوفيد 19 التي وزعت عام 2021 ذهبت إلى أفريقيا، التي تُعد موطناً لخُمس سكان العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وخلال الكارثة الماضية لانعدام المساواة في اللقاحات العالمية، كانت أفريقيا المكان الذي عانى من أكبر قدر من التهميش في وقت كان يستعر فيه الوباء، والمكان الذي كان لديه أقل قدر من النفوذ والتأثير للتفاوض بشأن العقود.
القادة الأفارقة تعهدوا بالعمل على عدم تكرار ذلك. ووعدت بعض الدول ذات الدخل المرتفع ومنظمات خيرية بالمساعدة على تمويل الجهد لجعل الوصول إلى اللقاحات أكثر مساواة. وكان هناك سيل من الإعلانات عن شراكات واستثمارات جديدة وشملت: خططاً لتحديث العدد القليل من عمليات التصنيع الصيدلانية الحالية في أفريقيا، وخططاً لإنشاء عمليات جديدة من هذا القبيل، وخططاً لإرسال حاويات شحن من أوروبا تحتوي على مرافق ومعدات منبثقة قابلة للتركيب والاستخدام الفوري لإنتاج لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال mRNA، وخططاً لحاضنة إنتاج لقاحات الحمض النووي الريبي المرسل من شأنها توزيع تكنولوجيا مفتوحة المصدر عبر القارة. 
اليوم، تراجع هذا الزخم قليلا. ولكن هناك مؤشرات على التقدم. غير أنه أصبح واضحاً أيضا مدى صعوبة العراقيل. 
والواقع أنه لا توجد طرق قصيرة ومختصرة كثيرة في عملية تطوير صناعة التكنولوجيا الحيوية المتطورة التي يمكن أن تصنع لقاحاً روتينياً معدا للتصدير، ناهيك عن تطوير حقنة للحماية من مرض جديد. 
الاتحاد الأفريقي حدّد لنفسه هدف إنتاج 60٪ من كل اللقاحات المستخدمة في القارة في الدول الأفريقية بحلول 2040 –مقارنة مع 1٪ الآن – وهي خطة طموحة للغاية بالنظر إلى مشهد الإنتاج الحالي. 
ولكن المشكلة الكبيرة، كما هو الحال دائما-هو المال. كما أن عملية صنع اللقاحات المؤلفة من عدة خطوات تحتاج إلى مستوى عال من الأمن الحيوي ومراقبة الجودة المكثفة. وعلاوة على ذلك، فإن تكلفة إنشاء كل شيء تعني أن اللقاحات المصنوعة في أفريقيا ستكون كلفتها أكبر بشكل مهم من تلك المستوردة من قطاع الصيدلة الهندي، الذي يُعد المورّد الرئيسي للقاحات الروتينية المستخدمة في أفريقيا. 
ذلك أن مصنعين مثل معهد الأمصال الهندي، الذي يُعتبر أكبر مصنِّع للقاحات في العالم، تمكنوا من تحقيق خفض التكلفة والاستحواذ على معظم حصة السوق التي كان يسيطر عليها المنتجون الأوروبيون. غير أن عملية طرح لقاح كوفيد أوضحت أنه على الرغم من انخفاض سعر اللقاحات المصنوعة في الهند، إلا أن القادة الأفارقة لا يمكنهم الاعتماد عليها. ففي مارس 2021، عندما كانت ملايين الجرعات من لقاح «أسترازينيكا» المصنوعة من قبل معهد الأمصال الهندي متجهة إلى أفريقيا، فرضت الحكومة الهندية حظراً على التصدير وأعادت توجيه تلك اللقاحات إلى الاستخدام المحلي. 
وتقول المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن قيمة سوق اللقاحات الحالي في القارة تقدر بحوالي 1.3 مليار دولار ومن المتوقع أن تنمو إلى نحو 2.4 مليار دولار بحلول 2030. ولكن الكثيرين ممن يعملون في الصحة العالمية يقولون إنه سيتعين على المشترين دفع «قسط المرونة» – أي سعر أعلى للقاحات المصنوعة في أفريقيا، والتي يساعد إنتاجُها على بناء الصناعة الأفريقية. كما أن هناك قدرا قليلا من الوضوح بشأن من سيكون مستعداً لدفع ذاك المبلغ الأكثر ارتفاعاً.
المرشح البديهي لدفعه هو «غافي»، المنظمة التي تستخدم الأموال التي تتبرع بها البلدان ذات الداخل الأعلى ومنظمات خيرية كبيرة من أجل شراء اللقاحات الروتينية ولقاحات الطوارئ للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وتشتري «غافي» نصف اللقاحات المستخدمة في أفريقيا اليوم. 
أوريليا نجوين، رئيسة استراتيجية البرامج في منظمة «غافي»، أوضحت أن هذه الأخيرة مستعدة لتوقيع عقود شراء متقدمة مع مصنّعي اللقاحات الجدد في البلدان النامية من أجل طمأنة أصحاب الشركات بتدفق دخل يموّل استثمارات في التوسع.
وقالت في هذا الصدد: «إن اقتصاديات السوق التقليدية التي أوصلتنا إلى مكان يوجد فيه مصنعون أقوياء من البلدان النامية في آسيا وأميركا اللاتينية لن توصلنا إلى مكان يكون لدينا فيه لاعبون إقليميون في القارة الأفريقية»، مضيفة «و»غافي«في وضع يمكّنها من معالجة فشل انهيار السوق».
وتقول نجوين إنها تشعر بالتشجيع بالنظر إلى عدد المبادرات الأفريقية التي تتبنى تقنيات جديدة من شأنها أن تسمح لها ب«تحقيق قفزة إلى الأمام». ويذكر هنا أن صنع اللقاحات، في الماضي، كان يتطلب وجوداً مادياً كبيراً جداً، وبالتالي كان ذلك يعني إنتاج كميات كبيرة جدا من أجل تمويله.
وتقول نجوين: أعتقدُ أن امتلاك وحدة صغيرة تستطيع بدء العمل وصنع 5 ملايين أو 10 ملايين جرعة ثم الانتقال إلى شيء آخر سيغيّر حقا السوق الموجودة.
الكثير من المبادرات الجديدة تعتمد اعتمادا كبيرا على التمويل من المنظمات الخيرية، ومعظمه يأتي من«مؤسسة بيل وميليندا غيتس» و «الائتلاف (متعدد الأطراف) لابتكارات التأهب للأوبئة»، إلى جانب قروض ثنائية منخفضة الكلفة. غير أنه من غير الواضح إلى متى سيستمر هذا الحماس. وفي هذا الإطار، قال مارتن فريد، الذي يرأس وحدة أبحاث اللقاحات بمنظمة الصحة العالمية:«إن الشعور بالذنب الذي رافق وباء كوفيد سينتهي قريبا مضيفا كل ما هناك أنني لا أتخيل جنوب أفريقيا توافق على شراء لقاحات من نيجيريا بسعر أعلى من لقاحات من الهند او أوروبا. إنه طلب تصعب تلبيته!».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة«نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2023/04/25/health/africa-vaccine-independence.html