منذ أن بدأت أسهم شركات التكنولوجيا في التراجع العام الماضي، سرّحت الصناعة التي يتصدرها ميتا بلاتفورم وألفابت وأمازون.. موظفين بالجملة، بعد نوبة انتعاش للتوظيف أثناء الجائحة. وتعرضت الشركات لضغوط لإرضاء المستثمرين الذين أصبحوا يركزون في الآونة الأخيرة على الأرباح وليس النمو والازدهار. وألقت عمليات التسريح بظلالها على سوق العمل بأكملها، مع قلق العمال من احتمال انتقال الانكماش من التكنولوجيا إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد، كما حدث أثناء أزمة الإنترنت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. لكنّ منقذاً غير متوقع جاء لينتشل عمال التكنولوجيا، على الأقل مؤقتاً. وتبالغ الشركات والمستثمرون في مدى ما يعنيه الذكاء الاصطناعي للأرباح مستقبلاً، وينتابهم قلق بشأن احتمال الاستغناء عنهم. صحيح أن الذكاء الاصطناعي قد ينسف في نهاية المطاف ملايين الوظائف، لكن المنتجات والخدمات المسؤولة عن ذلك لن تكون موجودةً حينَها. ويتعين على الشركات أن توفرها وستحتاج إلى عمال تقنيين من أجل ذلك. 
وبعد عام من تسريح العمال، قدمت لنا أرقامُ الشهر الماضي دليلاً على أن التوظيف في التكنولوجيا آخذ في الاستقرار، بل قد يتزايد قليلاً. ويتتبع موقع layoffs.fyi المعني بتسريح العمال على شبكة الإنترنت إقالة العمال من قطاع التكنولوجيا منذ بداية عام 2022. وبعد ارتفاعه خلال العام ليصل إلى ذروته في يناير، تراجعت عمليات التسريح لثلاثة أشهر متتالية. وشهد أبريل عدداً من عمليات التسريح كتلك التي شهدها أكتوبر الماضي. وإذا كان تقليص الوظائف ناتجاً عن التوظيف الزائد أثناء الجائحة وتراجع أسعار الأسهم، فهناك نقطة تكون فيها الشركات قد فعلت ما يكفي. والعامُ وقتٌ طويل إلى حد معقول لتصحيح عدد الأشخاص، وقد ارتفعت أسهم التكنولوجيا قليلاً في الأشهر القليلة الماضية، مما يشير إلى رضا المستثمرين عن التقدم. وقال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، في مؤتمر عبر الهاتف بشأن أرباح شركته الأسبوع الماضي، إن الشركة ستنفذ جولتها الثالثة من عمليات التسريح في مايو، لكن بعد ذلك، «ستكون لدينا بيئة أكثر استقراراً لموظفينا». 
ومع استقرار أسعار الأسهم ووصول عدد الموظفين إلى المستوى المناسب الآن، كان الموضوع الذي خرجت به شركات التكنولوجيا هو أن هذا الربع يدور حول الذكاء الاصطناعي. فما سيعنيه لأعمالهم وخططهم الاستثمارية للاستفادة منه؟ لا تصور عندي بشأن مزايا الاستثمارات التي سنرى أن شركات التكنولوجيا تقوم بها في هذا الاتجاه. ومع كل الخوارق التي طاردتها الصناعة في السنوات القليلة الماضية، من السيارات ذاتية القيادة والمساعدين الصوتيين إلى ميتافيرس، لستُ متأكداً من أن المستثمرين سيشعرون بالرضا عما سيحدث أيضاً. لكن يمكن للعاملين في مجال التكنولوجيا أن يتنفسوا الصعداء بشأن هذا التطور. ولن يقوم أحدٌ ببناء إمبراطورية ذكاء اصطناعي بالاستمرار في خفض الوظائف، أو على الأقل هذا ما سيفترضه المستثمرون. وإذا كنت ما تزال تلغي الوظائفَ في النصف الثاني من عام 2023، بينما تضخ مايكروسوفت وزوكربيرج استثمارات في الذكاء الاصطناعي، فربما تكون ساذجاً أو ليس لديك خطة للذكاء الاصطناعي. ولا يستطيع أي مدير تنفيذي تحمل مغبة هذا التصور. 
ومن المثير للاهتمام، أن هناك أدلة على أن هذا التحول من خفض الكلفة إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يظهر بالفعل في بيانات سوق العمل. ويتتبع موقع Indeed.com على الإنترنت إعلانات الوظائف، ومنذ منتصف أبريل، ارتفعت إعلانات طلب الموظفين- تلك المنشورة خلال الأيام السبعة الماضية - لمطوري البرمجيات بنسبة 30 بالمئة. إنها سلسلة بيانات متقلبة، لكن الزيادة الطفيفة وتوقيتها منطقيان نظراً للتعافي في أسعار الأسهم وتعليقات الشركات بشأن مستويات التوظيف وخطط الذكاء الاصطناعي. وإذا انتهى الأمر بالذكاء الاصطناعي إلى أن يصبح القوة المدمرة للوظائف التي يخشاها البعض، فسوف نعبر ذلك الجسر عندما نصل إليه. وعلى المدى القصير، فإن فورة الذكاء الاصطناعي ستحول سيكولوجية شركات التكنولوجيا من خفض الأرباح الكبيرة إلى سباق تسلح محتمل آخر تكافح فيه الشركات للفوز بالمستقبل. وقد تكون هذه أخبار جيدة للجميع. ويعد سوق العمل المستقر للعاملين في مجال التكنولوجيا حصناً آخر ضد الركود الذي ما زال يخشاه معظم الناس، لكنه مازال يتم دفعه نحو المستقبل. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»