تشير دراسات إلى أن أفضل العلوم هي في الغالب تلك التي تجريها فرق بحث دولية، ربما لأن الباحثين يمكنهم الاختيار من بين مجموعة واسعة من الشركاء المحتملين. وبالتالي، فعندما نحثّ على الانصراف عن التعاون الدولي في غياب مخاوف واضحة بشأن الأمن القومي، فإننا نحدّ بذلك من عدد المتعاونين المحتملين، مما قد يُضعف البحث. 
وهذا يعتبر صحيحاً في حالة الصين بشكل خاص، والتي أضحت قوة علمية. 
فقد احتلت الصين المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير اعتبارا من 2018، وفقاً لأرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما ازداد النشر الصيني للأوراق البحثية، بأحد المعايير، إلى 25 في المائة في 2020، مقارنة مع أقل من 1 في المئة من الإجمالي العالمي قبل 1990. 
إجراء البحوث في الصين بات أصعب مما كان عليه قبل سنوات بسبب التركيزِ المتزايد هناك على الأيديولوجيا والأمن القومي، ونطاقٍ متزايد من الموضوعات التي تُعد حساسة، وتأثير قرابة ثلاث سنوات من سياسات «صفر كوفيد» - قبل أن يتم إنهاؤها في ديسمبر الماضي. 
فإذا فشلت أميركا في جذب أفضل المواهب البحثية الدولية، فإن ذلك يضر بالآفاق الأميركية للتقدم العلمي وبالقوة الاقتصادية والوطنية الأميركية في نهاية المطاف. 
ومما لا شك فيه أن الظروف الراهنة تقتضي مزيداً من الشفافية بين العلماء. وينبغي على الجامعات أن تقود هذا التغيير، الذي يصبح فيه العلماء مطالَبين بإيلاء قدر أكبر من الاهتمام لتداعيات التعاون مع العلماء الأجانب. وعلى سبيل المثال، فإن السويد طوّرت إطاراً لتقييم المخاطر من خلال مزيد من الاهتمام والانتباه المهيكل لشركاء البحث، بما في ذلك تقييم المضاعفات التي قد تنشأ عن التعاون مع علماء من دول أخرى. 
غير أنه لا يمكننا السماح لذلك بالتشويش على جهود ضمان أن تبقى الولايات المتحدة أفضل مكان في العالم لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإغراء الخريجين القادمين من الخارج بالبقاء هنا بعد الحصول على شهاداتهم. 
والحال أن عدد التأشيرات الأميركية الممنوحة للطلاب الصينيين انخفض. ولتغيير ذلك الاتجاه، يجب تسهيل إجراءات منح التأشيرات، وتصفية الطلبات المتراكمة وغير المعالَجة الناتجة عن التأخير، ومنح الأفراد الموهوبين فرصاً موسعة للحصول على «البطاقات الخضراء». فأميركا تدرِّب وتعلِّم بعضاً من ألمع الأشخاص في العالم، ونحن في حاجة لاستقبال المزيد منهم وإقناعهم بالبقاء هنا. 
وبالمثل، ينبغي على المزيد من الأميركيين التعرف على الصين. والواقع أن عدد الطلبة الأميركيين الذين يدرسون في الصين كان آخذاً في التراجع أصلاً منذ ذروة بلغت حوالي 15000 طالب في 2011-2012، وخلال الوباء انخفض ذاك العدد إلى أقل من 400. والحال أن الصين تُعتبر وستظل لاعباً عالمياً أساسياً. وفهم دينامياتها الداخلية سيكون مهماً للأشخاص المشتغلين في مجموعة متنوعة من المجالات. ومع ذلك، فإننا نواجه خطر جيل كامل من الأميركيين الذين لا يعرفون سوى القليل جداً عن الصين. 
ولهذا، ينبغي علينا استئناف «برنامج فولبرايت» في الصين فوراً، والذي أرسل الآلاف من الصينيين والأميركيين بين البلدين للبحث والتعلم إلى أن تم إيقافه خلال إدارة ترامب، وكذلك زيادة التمويل الفيدرالي لبرامج الدراسات الصينية في جامعاتنا. 
وخلاصة القول: إن الإبقاء على التعليم العالي الأميركي مفتوحاً على العالم لا يتعلق بمساعدة الصين على أن تصبح قوية، مثلما لا يعني الانخداع بشأن نوايا بكين، وإنما يتعلق بإظهار الثقة في قوة نظامنا وفضائله لضمان بقاء أميركا أفضل دولة في العالم للتعلم والبحث. 

دان مورفي

المدير التنفيذي لمركز موساوار رحماني للأعمال والإدارة الحكومية بكلية كينيدي التابعة لجامعة هارفرد، والمدير التنفيذي السابق لمركز فيربانك للدراسات الصينية بجامعة هارفارد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»