تستضيف دولة الإمارات في نوفمبر القادم أهم مؤتمر عالمي للمناخ، وهو قمة «مؤتمر الأطراف COP28» التي ستكون في مدينة دبي، في ما يعد حدثاً عالمياً مهماً للغاية، لاسيما أنه سيهتم أيضاً بمتابعة نتائج اتفاقية باريس للمناخ وما تحقق منها حتى الآن.

تعد استضافة الإمارات لهذا الحدث المهم تتويجاً لجهودها التي بدأت منذ قيامها عندما قرر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تسخيرَ كل الإمكانيت والجهود من أجل التغلب على جو الصحراء القاسي وتحويل الصحاري إلى جنان خضراء، ومنذ ذلك الوقت أصبحت دولة الإمارات مثالاً نموذجياً للنجاح في الحفاظ على البيئة والتغلب على مصاعبها.

إن ذلك التوجه المبكر والمستمر في العناية بالبيئة والاهتمام بسلامة المناخ يعزز المكانةَ العالمية للإمارات ودورها الحضاري في هذا المجال، بعيداً عن الجدل المتواصل بين القوى الكبرى حول أيها أكثر تسبباً في التلوث البيئي المؤدي للاحتباس الحراري. وعلى سبيل فإن الدول الإفريقية ترى أن الدول الأوروبية أسهمت وتسهم منذ بداية الثورة الصناعية في الأزمة المناخية التي يدفع ثمنَها العالَمُ اليوم.

وخطورة التحدي المناخي تكمن أيضاً في الثمن المترتب على مكافحته، فدولة مثل الهند قد تضطر لدفع ثمن باهظ إذا ما استجابات لكل بنود الاتفاقيات الدولية حول المناخ، ومن ذلك حدوث بطالة كبيرة قد تؤدي إلى فشل اقتصادي مريع لا تستطيع الهند تحمُّله. وهو احتمال مطروح كذلك للصين التي تحاول الموازنةَ بين الحفاظ على البيئة والحفاظ على العمالة في المجال الصناعي.

إن هذا التشابك في المصالح جعل المناخَ على صفيح ساخن منذ معاهدة كيوتو إلى اليوم. أما الإمارات فهي ماضية بلا توقف نحو «الأجندة الوطنية الخضراء - 2030» التي تستهدف التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة إلى أقل من 100 كيلو واط/ساعة، تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، ولجعل اقتصاد الدولة أكثر صداقة للبيئة.

وفي هذا الصدد فقد بدأت الإمارات قبل نحو عشرين عاماً العمل من أجل الاعتماد على مزيج الطاقة وإنتاج الطاقة الشمسية، ضماناً للتوافق مع المعاهدات الدولية من دون الإضرار بالمتطلبات التنموية. ورغم سعي الدول الصناعية إلى التقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحويل السيارات إلى سيارات كهربائية، فقد ظهرت أزمة جديدة تخص بطاريات الليثيوم التي تعد ملوثاً خطِراً ولا تمثل بديلاً أنظف من سيارات الوقود.

وهو ما أثار الجدل مجدداً حول المناخ وانعكاساته على السياسة والاقتصاد والتجارة وباقي مناحي الحياة. العالم يحتاج إلى مناخ نظيف، وعلى الأطراف أن تحتذي النموذج الإماراتي في مجال الاستدامة، وأن يصلوا جميعاً إلى قرارات حاسمة خلال المؤتمر القادم، متأسِّينَ بما حققته دولة الإمارات في هذا المجال.

*كاتبة إماراتية