يتسابق أصحاب رؤوس الأموال في وادي السيليكون للدخول في شركات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المستثمرون الذين راهنوا ذات مرة على العملات المشفرة. وفي الربع الأخير من العام الماضي، أنفق أصحابُ رأس المال المغامر على شركات التشفير والأصول الرقمية أقل من أي وقت مضى منذ عام 2020، وفقاً لبيانات من شركة الأبحاث «بيتش بوك» PitchBook. وفي الوقت نفسه، كان إجمالي القيمة العالمية للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي خلال الفترة من أبريل إلى يونيو أعلى من حجم الاستثمارات في العملة المشفرة حتى في ذروتها.

وقال روبرت لو، محلل التشفير في شركة «بيتش بوك»، إن الأرقام تعكس الاتجاهَ الأحدث للعديد من مستثمري التكنولوجيا، حتى أولئك الذين كانوا في السابق يدعمون التشفير، للابتعاد عن صناعة الأصول الرقمية المليئة بالفضائح والاتجاه نحو أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأدت التطورات الجديدة في الذكاء الاصطناعي إلى جعله جذاباً جداً للمستثمرين، في نفس الوقت الذي أدى فيه وابل من الفضائح واللوائح الجديدة وانخفاض الأسعار إلى جعل العملة المشفرة ضارةً. قال «جو تشاو»، الشريك الإداري لشركة «ميلينيا كابيتال» Millennia Capital، إنه مستعد للتخلي عن الأصول الرقمية. وكان تشاو وشركة ميلينيا ذات يوم يدعمون شركات التشفير مثل «بلوك ستريم» و«لوميدا»، لكنهم الآن يتعمقون أكثر في الذكاء الاصطناعي. وبالفعل، فقد استثمرت ميلينيا في الشركات الناشئة التي تحظى بمتابعة، بما في ذلك شركة «ستابيليتي إيه آي» Stability AI. قال تشاو: «يقدم الذكاء الاصطناعي فرصاً أكثر بكثير من سلاسل الكتل «بلوك تشين». وتعرض بعض مستثمري العملات المشفرة لانتقادات لإثارة الاهتمام بالذكاء الاصطناعي.

وقامت شركة «باراديجم» (Paradigm)، وهي شركة رأسمال مغامر رفيعة المستوى في مجال التشفير، أسسها «فريد إهرسام»، المؤسس المشارك لشركة «كوين بيز جلوبال» و«مات هوانج»، الشريك السابق لشركة «سيكويا كابيتال» (Sequoia Capital)، بإزالة الإشارات إلى العملات المشفرة من موقعها على الويب وعززت اهتمامَها بالذكاء الاصطناعي بدلاً من ذلك، حسبما أفاد موقع أخبار التشفير «ذا بلوك» في مايو.

وكتب هوانج على تويتر هذا الشهر أن تحديث الموقع كان «خطأ» ووجه المستخدمين إلى نسخة جديدة من الصفحة الرئيسية للشركة تتضمن لافتات نيون خضراء وسوداء متحركة ومزينة بكلمة «تشفير» (CRYPTO). وقال هوانج في تغريدة في يونيو الماضي إن قطاعي التشفير والذكاء الاصطناعي «مثيران للاهتمام وسيشهدان الكثير من التداخل»، وإن «شركة باراديجم متحمسة لمواصلة الاستكشاف». وفي الآونة الأخيرة، بدأت ميشيل فرادين، المستثمرة بشركة «سيكويا كابيتال»، التي ساعدت الشركة ذاتها على اتخاذ قرار بالاستثمار في بورصة العملات المشفرة FTX المفلسة الآن، تنشر تغريدات حول الذكاء الاصطناعي أكثر من التشفير. كما شاركت مؤخراً في تأليف مقال للشركة بعنوان «نموذج اللغة الجديدة: كيف تبث الشركاتُ الحياةَ في تطبيقات الذكاء الاصطناعي». ولم ترد شركة سيكويا على طلب للتعليق.

ويعتقد بعض المستثمرين أن هناك طرقاً للاستثمار في كل من الذكاء الاصطناعي والأصول الرقمية. وقد قال «لو»: «هناك اهتمام كبير بتقاطع الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة»، وأشار إلى أن شركتين ناشئتين في هذه الصناعات، هما «تولز فور هيومانيتي» (Tools for Humanity) التي طورت شركة «وورلد كوين» (Worldcoin)، و«جينسين» (Gensyn)، جمعتَا جولات تمويل كبيرة خلال الربع الثاني.وقال علي يحيى، الشريك العام في «أندريسين هوروويتز» (Andreessen Horowitz)، الذي دعم كلاً من «تولز فور هيومانيتي» و«جينسين»، إن الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة هما ثقل موازن طبيعي لبعضهما البعض.

وأضاف: «ستعزز العملات المشفرة الذكاء الاصطناعي من خلال توفير بعض اللامركزية التي قد يحتاجها الذكاء الاصطناعي»، مشيراً إلى أن شركات مثل «أوبن إيه ىي» وجوجل التابعة لشركة ألفابت وميكروسوفت قد اكتسبت بالفعل سيطرة ًكبيرةً على الصناعة المتنامية. ومن جانبهما، قال كل من «بن فيلدينج» و«هاري جريف»، المؤسسين لشركة «جينسين»، إنهما كانا مهتمين بالتعلم الآلي أكثر من التشفير قبل تأسيس الشركة الناشئة. والآن، وعلى الرغم من دعم مستثمري المشاريع المشفرة بشكل أساسي، ترى شركةُ «جينسين» نفسَها على أنها شركة ناشئة في مجال البنية التحتية للتكنولوجيا. وقال جريف: «لا نعتبر أنفسَنا مشروعاً في مجال التشفير». وتقوم شركة جينسين ببناء بروتوكول «بلوك تشين» (blockchain) من شأنه أن يدعم السوقَ اللامركزيةَ لشراء وبيع قوة الحوسبة التي يمكن استخدامها لنماذج التعلم الآلي.

وقال فيلدينج إن النظام الأساسي يمكن أن يجعل سوقَ الحوسبة أكثر تنافسية، «نظراً لأن الموردين القلائل هم مؤسسات كبيرة للغاية جمعت مراكز بيانات ضخمة ثم قامت بتأجيرها». وكان تمويل المشاريع العالمية للذكاء الاصطناعي ثابتاً على مدى معظم الربع الثاني من العام السابق، على الرغم من وجود زيادة كبيرة في الاستثمارات في سوق الولايات المتحدة.

وعلى النقيض من ذلك، وخلال الفترة ذاتها، انخفض الاستثمار العالمي للشركات الناشئة في مجال الأصول الرقمية بنسبة 76% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما قالت شركة الأبحاث «بيتش بوك». وعلى الرغم من الانخفاض، فلا تزال صفقاتُ العملات المشفرة تحدث. وأشار «لو» إلى أن أسواق العملات المشفرة في أوروبا وهونج كونج وسنغافورة تُظهر قوةً أكبر مما هي عليه في الولايات المتحدة، حيث أثَّر التنظيمُ على هذه الصناعة بشدة.

 

هانا ميلر*

*صحفية لدى «بلومبيرج» تغطي قضايا العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»