كثيراً ما يتعرض السياحُ العرب، لا سيما أثناء التمتع بالإجازة خلال فصل الصيف، للنصب والاحتيال والسرقة في بعض دول أوروبا.. فمرةً تُسرَق ملابسهم، ومرة أخرى سياراتهم، وأحياناً جوازاتُ سفرهم، وفي بعض المرات يُنصَبُ عليهم بحجوزات فندقية وهمية، أو بسحب أرصدتهم البنكية عن طريق شبكات الصراف الآلي من خلال القرصنة والتحايل الإلكتروني التقني، وقد يحدث أن يتعرضوا للسطو أمام ماكينات الصراف الآلي.. إلخ.
وفي العام الحالي تحديداً كثُرت ظاهرة سرقات السياح العرب والخليجيين في بعض الدول الأوروبية على أيدي لصوص محترفين في السرقة والنشل، يقومون بخطف الهواتف الثمينة والساعات الفاخرة من أيدي السياح عنوة وتحت التهديد على مرأى ومسمع من المارة في الشارع العام، بعد مراقبة ورصد لتحركات السائح والتأكد من نوعية هاتفه أو ساعته.

ولذلك السبب نجد أن بعض السفارات الخليجية في عواصم أوروبية حذَّرت مواطنيها المصطافين من كثرة السرقات هناك!
يحدث هذا اليوم في بلدان أوروبية عديدة كانت ذات يوم دولا عظيمةً لا تغيب عنها الشمس، وكثيراً ما روجت لنفسها على أنها الأجمل والأكثر أماناً وراحة، بغية جذب الزائر والسائح إلى مدنها ومنتجعاتها ومصايفها «الآمنة». لكن حين يذهب السائح إلى تلك المدن والمنتجعات والمصايف يجد نفسَه عرضةً للسرقة وربما الاعتداء في الشارع، من قبل جماعات مافيا متخصصة في سرقة الهواتف الشخصية والساعات اليدوية وحقائب النساء.. وكل المتعلقات الشخصية الفاخرة والثمينة التي يتم انتزاعها عنوةً من أصحابها كي تُباع بعد يوم أو يومين في المتاجر والأسواق، وفي وضح النهار.

وبالطبع فإن مرتكبي هذه الأفعال هم أشخاص يحملون جنسيةَ ذات البلد المقصود من قبل الزائر والسائح، والذي لم تفتأ زيارته محببةً لدى المصطافين العرب، رغم أنه أصبح مسرحاً لسرقة السياح والسطوع عليهم وتجريدهم من متعلقاتهم عنوةً وتحت طائلة التهديد في أحيان عديدة.

يَحدث ذلك في بلدان طالما روَّجت لنفسها متهمةً دولَنا العربية بالقصور والتأخر والفوضى وعدم احترام حقوق الإنسان.. لكن لماذا تعجز هذه الدول الأوروبية عن حماية ضيوفها وزائريها والسياح على أرضها من أفعال مافيا اللصوص والنشالين المحترفين الذين يتبخترون علناً في شوارع تلك المدن التي غصت بالإعلانات التسويقية والترويجية للسياحة فيها؟

لقد كسبت هذه الدولُ ومدُنُها إيراداتٍ طائلةً من السياحة ساعدتْ على تطوير اقتصاداتها، لكنها تبدو اليوم عاجزةً عن تنظيف شوارعها من السراق والنشالين واللصوص الذين أصبحوا أشباحاً مزعجة ومنفرةً ومهدِّدةً للسائح الأجنبي الذي يفد إليها معتقداً أنه يقضي إجازته الصيفية في بلد بارد وآمن ومريح، قبل أن يَخطف منه لصٌ هاتفَه الذي يحوي كلَّ معلوماته الشخصية أو ساعة اليد الثمينة التي يقتنيها وقد ضبطها على توقيت البلد المضيف لكي يصبح أكثر انسجاماً وتكيفاً!

عند ما يحدث ذلك، وكثيراً ما يحدث، يشعر السائح بالندم على اللحظة التي قرر فيها أن يسافر إلى بلد أوروبي لم يجد فيه الحمايةَ ولا الراحةَ ولا الأمنَ والأمان، كي يعود مثقلا بديونه بعد أن دفع تكاليفَ تذاكر السفر والإقامة الفندقية ثم فقد هاتفَه الخاصَّ وساعتَه الثمينةَ!

*كاتب سعودي