«مطلوب اقتصادي بارز لأكبر منظم للمنافسة (الإدارة العامة للمنافسة) في الاتحاد الأوروبي. يجب أن يكون بارعاً في عمله، ولكن الأهم من ذلك أن ينسجم مع إيمانويل ماكرون في وقت تريد فيه باريس وبرلين رؤية مؤيدين لكبرى شركات الاتحاد الأوروبي. ورجاء ألا يكون أميركياً». قد لا يكون هذا هو بالضبط ما سيتضمنه إعلان الوظيفة الذي ستنشره المفوضية الأوروبية.

ولكن بعد ما حدث هذا الأسبوع فيما يتعلق بالفشل الذريع في تعيين اقتصادي أميركي، والذي أدى إلى توجيه التوبيخ للعديد من المسؤولين، وصولاً إلى رئيس الدولة الفرنسي، فإن هذا هو المعنى الضمني الذي لن يخفى على أحد. قالت «فيونا سكوت مورتون»، أستاذة الاقتصاد بجامعة «يل»، التي رفضت شغل هذا المنصب قبل بضعة أيام، إن رد الفعل العنيف جعل الأمر مستحيلاً. وأضافت: «أصبح من الواضح أن عملي في اللجنة سيتعرض للخطر بسبب هذا الصراع السياسي على الجنسية. ليست لدي رغبة في أن أتورط في السياسة الأوروبية».

لماذا كان تعيين سكوت مورتون شديد السمية من الناحية السياسية، الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض الاتهامات الشديدة للغاية بـ«التبعية» الأوروبية وبأنها أقرب إلى تعيين خبير روسي لوظيفة في مجال الطاقة؟

هذا في جزء منه يمثل موقفاً، إذ لا يريد الاتحاد الأوروبي، الذي يشعر بالحرج من اعتماده على التكنولوجيا الأميركية مثل شركة «ألفابت»، أن يبدو معتمداً على الخبراء الاقتصاديين الأميركيين أيضاً، خاصةً إذا كان منع الشراكات في مجال الذكاء الاصطناعي أو الموافقة على دعم السيارات الكهربائية في يوم من الأيام يعني إثارة غضب واشنطن العاصمة.

وهو أيضاً، في جزء منه، تضارب في المصالح: فقد سبق أن شغلت «سكوت مورتون» منصباً استشارياً في شركات مثل مايكروسوفت، والتي تحظى الآن باهتمام أجهزة مكافحة الاحتكار لأنها تحاول الاستحواذ على شركة «أكتيفجن بليزارد»، وهي شركة ألعاب فيديو أميركية. قد تكون هذه المخاوف مشروعة، لكنها ليست سبباً لعدم الاتفاق.

يمكن إدارة النزاعات، كما يمكن التعامل مع جوازات السفر، إذا كان المرشح يستحق ذلك. كانت باريس سعيدة ذات مرة بتسليم جواز سفر للملياردير الأميركي إيفان شبيجل، المؤسس المشارك لشركة «سناب»، على الرغم من أنه غير حاصل على الإقامة الفرنسية وليس لديه أقارب في فرنسا. لكن المشكلة الحقيقية هي المعركة الأوروبية الشرسة طويلة الأمد حول اتجاه مكافحة الاحتكار نفسه، وهي دائماً واحدة من أقوى وظائف المفوضية الأوروبية وأكثرها تسييساً. تستعد باريس وبرلين للمغادرة الوشيكة لـ«مارجريت فيستاجر»، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية لشؤون المنافسة - التي أثارت غضبهما عندما منعت اندماج شركتي «ألستوم» و«سيمنز» - كفرصة لتنمية نفوذهما وترجيح كفة الميزان لصالح أبطالهما المحليين.

ورفض المنصب من قبل سكوت مورتون، التي ربما وجدت نفسها في خلاف مع ماكرون بشأن مساعدة الدولة أكثر من خلافاتها مع شركات التكنولوجيا الكبرى، هي دفعة ضمنية لتيري بريتون، زميل فيستاجر الأكثر أهمية، الذي تبنى السياسة الصناعية كأداة لإصلاح تباطؤ أوروبا مع الولايات المتحدة والصين.وتوجيه الانتقاد للمفوضية يعد بمثابة ضربة سياسية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل في سياق يتمتع فيه اليمين المتطرف بشعبية أكبر.

لقد صُدم العلماء والاقتصاديون، الذين يبدو أنهم كانوا يأملون بسذاجة أن يظل العمل الفني في جهاز مكافحة الاحتكار منطقة محايدة. كتب كريستوف كاروجاتي، من مركز أبحاث «بروجيل» Bruegel: «قد تشكل آراء البروفيسور سكوت مورتون مشكلة بالنسبة لسياسيي الدول الأعضاء ومفوضي الاتحاد الأوروبي الذين يعتقدون أن السياسة الصناعية الناجحة تتطلب بعض التخفيف من إنفاذ المنافسة. لكن هذا لا علاقة له بجنسيتها». في غضون ذلك، كتب الخبير الاقتصادي الفرنسي «أوليفييه بلانشارد» على تويتر: «أنا لست فخوراً ببلدي».

حتى لو كانت «فيستاجر» ورئيسة المفوضية «أورسولا فون دير لاين» يستحقان اللوم على سوء الحكم بشكل مذهل على المزاج السياسي - أو ربما لارتكابهما استفزازاً متعمداً - فإن الاقتصاديين على حق.

ستكون الوظيفة الفعلية لجهاز تنظيم المنافسة صعبة ومسيّسة، وربما تجتذب عدداً أقل من المرشحين ذوي القيمة العالية. من الواضح أنه كان هناك 11 متقدماً فقط للوظيفة الممنوحة لسكوت مورتون، وفقاً للمفوضية، مما يشير إلى وجود مجموعة صغيرة من ذوي المواهب الذين لديهم خيارات مهنية كثيرة خارج الاتحاد الأوروبي (وفي الولايات المتحدة ذات الأجور الأعلى). يجب أن تناقش أوروبا كيفية التنافس مع الولايات المتحدة على المواهب، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواطنيها الذين انتقلوا إلى هناك، هذا أقل احتمالاً أن يحدث الآن.

ليونيل لوران*

كاتب متخصص في شؤون الاتحاد الأوروبي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكشن»