نهار الإثنين الماضي أعلن المرشح «الديمقراطي» الساعي في طريق الرئاسة الأميركية، روبرت أف كينيدي جونيور، ترشحَه لخوض السباق الانتخابي. المفاجأة الكبرى التي جاء بها سليل عائلة كينيدي الشهيرة، هي إعلانه الترشحَ للمنصب كمستقل وليس على لائحة الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه وأسرته تاريخياً. فما الذي دعا كينيدي جونيور لاتخاذ مثل هذا القرار؟ في تصريحاته على هامش الإعلان، أكد أنه يسعى لمواجهة ما أسماه «طغيان الفساد»، والذي بات يلف الداخل الأميركي، ويحرم المواطن العادي من حياة ميسورة التكاليف، ويقطع عليه الإيمان بطريق المستقبل، واحترام الأميركيين بعضهم البعض.
يبدو إقدام كينيدي جونيور على هذا القرار، جاء كمهرب أو مفر من أزمات الحزب الديمقراطي وبقية الأجواء الحزبية الداخلية الأميركية بوجه عام، أي المشهد الذي بات يشكو منه المواطن الأميركي بصورة عامة.
وهنا يعن لنا التساؤل عن حظوظ الرجل في الانتخابات القادمة، وهل هو قادر بالفعل على الفوز؟ بحسب استطلاع رأي أجرته شركة «إبسوس» و«رويترز» هذا الشهر، حول انتخابات الرئاسة لعام 2024، فقد أيّد 33% من المشاركين ترامب، وأيد 31% منهم بايدن، وأيد 14% منهم كينيدي. وتبدو النسبة في كل الأحوال مرتفعة عن العديد من الساعين للترشح من الجانب الجمهوري بالفعل، فيما التساؤل الأهم، والذي يطرح بقوة في الداخل الأميركي حالياً هو: هل يمكن للأميركيين اختيار كينيدي، كطريق ثالث، بعيداً عن الجمهوريين والديمقراطيين؟
الذين لهم علم بأحوال الأميركيين، يعلمون تماماً التقلبات التي تصيب الناخب الأميركي كل أربع سنوات، وفي هذه المرة تحديداً يبدو أن السأم قد بلغ منتهاه من المرشحَين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي)، أي ترامب المتقدم باكتساح بقية الجمهوريين، وبايدن الذي يكافح حزبُه من أجل التأكيد على لياقته الصحية والذهنية.
وهنا تبرز علامتا استفهام مهمتان: هل في سيرة روبرت كينيدي جونيور، ما يدعم السعي للحصول على هذا الترشيح؟ وهل يمكن أن تحدث المفاجأة بالفعل ويجد طريقه إلى البيت الأبيض؟
يحتل روبرت المرتبة الثالثة في تعداد أحد عشر طفلا، هم أبناء السيناتور والمدعي العام روبرت كينيدي، وإيثيل كينيدي. نشأ في منازل عائلته في فيرجينيا وكيب كود وماساتشوستس. كان عمره تسعة أعوام عندما اغتيل عمه الرئيس جون كينيدي عام 1963، وكان يبلغ من العمر 14 عاماً عندما اغتيل والده أثناء ترشحه للرئاسة في الانتخابات التمهيدية عام 1968.
ويعد روبرت كينيدي الابن من أهم المحامين الأميركيين العاملين في مجال القانون البيئي، لدرجة أنه يعرف باسم «حارس النهر».
من أهم السمات الشخصية لروبرت كينيدي الأبن، ميوله للدفاع عن الفقراء والمهمشين، عطفاً على السكان الأصليين للبلاد من قبائل الهنود الحمر تحديداً.
لم تكن السياسة مجالا بعيداً عن عالم روبرت كينيدي الابن، فهي تجري في عروقه مجرى الدم. على أنه وإن حمل اسم عائلة كينيدي، رمز الحلم الأميركي، فإنه من دون شك يفتقر إلى الألق الذي كان لوالده وعمه.
هل سيكون القدر بانتظار روبرت جونيور كما كان بانتظار عمه الرئيس المغدور ووالده المدعي العام؟
التاريخ لا يكرر ذاتَه. نعم، لكن مَن يعلم، ربما تتشابه أحداثه، وهو ما يدفع للخوف على حياة روبرت كينيدي الابن، بأكثر من الطموح في الوصول إلى البيت الأبيض، لا سيما أن بعض الأميركيين يعتبرونه طريقَهم الثالث للخلاص من أزمات المؤسسات الحزبية الأميركية براهنيتها الحالية.

*كاتب مصري