خلال عشرين عاماً الماضية، وصلت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في بلدان رابطة جنوب شرق آسيا «آسيان» ما قيمته 75 مليار دولار، في حين بلغت استثمارات دول «الآسيان» في منطقة مجلس التعاون الخليجي نحو 24.8 مليار دولار، ولهذا السبب أصبحت العلاقة بين دول رابطة «الآسيان» ودول منطقة الخليج العربية علاقةً ذات وزن مميز، ومن هنا جاءت أهمية القمة التي احتضنتها الرياض الأسبوع الماضي بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الآسيان، بحضور زعماء وقادة ورؤساء الوفود من دول الخليج العربي ونظرائهم من دول الرابطة، سعياً في المقام الأول إلى اعتماد إطار التعاون المشترك للسنوات الخمس القادمة 2024-2028. ويشمل التعاونُ الاقتصادَ والاستثمارَ، إضافةً إلى مجالات السياحة والطاقة والأمن الغذائي والزراعي، وكذلك التعاونَ الاجتماعي والثقافي، إلى جانب التعاون في المجالين الأمني والسياسي.
وقد رحبت القمة في بدايتها ترحيباً حاراً بانضمام جميع دول مجلس التعاون الخليجي إلى معاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة جنوب شرق آسيا (الآسيان). 

وتهدف دول الخليج إلى بناء منظومة اقتصادية صلبة ومزدهرة من خلال تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع أكبر وأهم الشركاء الاقتصاديين في العالم، وضمنهم رابطة الآسيان، وخاصة على مستوى التبادل التجاري، وذلك لتقوية الجبهة الاقتصادية بمشاركة شتى القطاعات التجارية (العامة والخاصة)، فضلاً عن تعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف، واستكشاف سبل التعاون في ما يتعلق بالشراكة الاقتصادية الرئيسية، بما يحقق تكامل الأسواق الإقليمية، وإزالة الكربون، ودعم مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاعين العام والخاص، وتشجيع رواد الأعمال والشركات الناشئة في الجانبين، وتحقيق متطلبات الاستدامة لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة، وتأمين سلاسل إمداد البتروكيماويات، والاستفادة من الموارد اللوجستية والبنى التحتية، وتعزيز التعاون في المجالات السياحية والثقافية والتواصل بين الشعوب لإقامة شراكات متعددة على المستوى غير الرسمي، وتحقيق النماء والازدهار على المستويات الاقتصادية الدولية دعماً للمستهدفات بعيدة المدى، كما جاء في البيان الصادر عن القمة، والذي أكد كذلك على أهمية تشجيع تدفقات التجارة والاستثمار، وعلى تعزيز البنية التحتية المستدامة وعلى ضرورة العمل المشترك بين المجموعتين لتحقيق التحول نحو طاقة مستدامة وبأسعار معقولة. كما شدد البيان على ضرورة الاهتمام بالتصنيع، وبالرعاية الصحية، وبتنمية الزراعة الدائرية، وتعزيز الإنتاج الغذائي المستدام، وتنشيط قطاعات السياحة، بما فيها السياحة البيئية والسياحة المستدامة والسياحة الطبية والاستشفائية، وعلى تعزيز الروابط بين المنطقتين لضمان استدامة سلاسل التوريد وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وأمن الطاقة أيضاً.. ضماناً لشراكة واعدة بين المجموعتين. 
ومن المهم هنا الإشارة إلى دور كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وحرصهما الخاص على المشاركة في كل مناسبة تعزز مكانةَ الخليج الاقتصادية والسياسية، حيث تكمن أهمية انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان في كونها الأولى من نوعها على مستوى قادة الدول، فضلاً عن أنها تعكس انفتاح دول مجلس التعاون على الشراكة مع التكتلات الفاعلة في المجتمع الدولي بهدف تعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي عالمياً.
ونظراً لأهمية مشاركة دولنا في تنظيم المعارض الإقليمية والدولية، فقد رحبت القمة بترشح المملكة العربية السعودية لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، وباستضافة دولة الإمارات العربية المتحدة الدورةَ الثامنةَ والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28).

*كاتبة سعودية