ربما تكون المحيطات هي أفضل فرصنا في التصدي للكارثة المناخية. لفترة من الوقت بدا أن التحول إلى الطاقة النظيفة قد يكون كافياً لدرء كارثة مناخية. ولكن على الرغم من أن الولايات المتحدة خفضت استخدام الكهرباء التي تعمل بالفحم من 50 في المائة إلى 19.5 في المائة في السنوات العشرين الماضية، فإن نمو الفحم في بقية أنحاء العالم والطلب المتزايد على الطاقة بشكل عام - ناهيك عن الطقس القاسي الذي نواجهه جميعاً - يوضح أننا بحاجة ماسة إلى حل آخر.
بقدر ما قد يبدو الأمر جنونياً، فإن معالجة المحيطات بتقنيات الهندسة الجيولوجية عن طريق إضافة الحديد - في الواقع، تسميدها - قد توفر الطريقة الأفضل والأكثر فعالية والأقل تكلفة، ليس فقط لإبطاء مسيرة ظاهرة الاحتباس الحراري، ولكن تغيير ما تتعرض له من تطورات عن طريق سحب الكربون مباشرة من الغلاف الجوي. ويتعين على حكومة الولايات المتحدة أن تبدأ في اختبار ذلك الآن، قبل أن يتحول النظام المناخي إلى حالة أكثر كارثية.
ومن شأن هذه الهندسة الجيولوجية أن تحاكي في كثير من النواحي العملية الطبيعية التي كانت قائمة منذ مليارات السنين على الأرجح. وإليك كيفية عملها: ينفجر الغبار الغني بالحديد من الأرض إلى البحار، مما يؤدي إلى تخصيب الطحالب والعوالق. وكلما زاد نموها، زاد تحويل ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء إلى كربون عضوي، والذي يغوص بعض منه في النهاية إلى الأعماق المائية. تشير الدراسات إلى أن هذه العملية الطبيعية، المتمثلة في زيادة الغبار الغني بالحديد في المحيطات، تسحب الكثير من الكربون من الغلاف الجوي، لدرجة أنه في مرحلة ما على طول الطريق ربما ساعدت في جلب العصور الجليدية. لكن البشر قطعوا تلك الدورة الطبيعية. على الرغم من أن الصحارى المتنامية ترسل المزيد من الغبار إلى المحيط، إلا أن الممارسات الزراعية للحفاظ على التربة السطحية لها تأثير عكسي، حيث تمنع الغبار من الوصول إلى المحيط ومن المحتمل، في رأينا، أن تساهم في المزيد من الاحتباس الحراري بشكل عام.

لقد كان هناك بالفعل عدد كبير من التجارب العلمية المباشرة في هذا النوع من الهندسة الجيولوجية. وخلال الفترة من 1993 إلى 2009، جرى تنفيذ 12 تجربة لترسيب الحديد في بقع المحيط التي يصل قطرها إلى حوالي 10 أميال من خلال السفن. وأظهرت النتائج أن هذا النهج قد يغير تبادل الكربون بين الهواء والبحر، مما يزيد من كمية الكربون المسحوبة من الغلاف الجوي. وأظهرت أيضاً التأثير الهائل الذي يمكن أن يحدثه هذا النهج بتكلفة منخفضة للغاية. وجدت إحدى الدراسات أن كل ذرة حديد يمكنها تحفيز التفاعلات التي تحول ما يصل إلى 8000 جزيء من ثاني أكسيد الكربون إلى العوالق أو الطحالب.

ومع ذلك، كل هذه التجارب السابقة كانت قصيرة المدى، لم تدم سوى أشهر، وصغيرة بالنسبة لاتساع المحيط وتقلبه. وتظل الأسئلة الرئيسية قائمة، بما في ذلك المدة التي سيبقى فيها الكربون في المحيط. تحتاج جولة جديدة من التجارب إلى تغطية مساحة أكبر بكثير، وبقع يبلغ قطرها ما لا يقل عن 200 إلى 500 ميل، وتستمر على مدى عدة سنوات. إذا أجرينا العديد من هذه التجارب بالتوازي، وفي محيطات متعددة، فمن المحتمل أن نحصل على إجابات في غضون عقد من الزمن أو أقل. وهذا من شأنه أن يمنحنا أفضل فرصة لمواجهة التأثيرات الكارثية لتغير المناخ.
من ناحية أخرى، أثار هذا النوع من الهندسة الجيولوجية نوعين من المخاوف، وكلاهما مشروع. أولاً، يخشى الناشطون والعلماء من أن الهندسة الجيولوجية قد تعطي الصناعات ذريعة لعدم اعتماد تكنولوجيات أنظف. كما كان هناك قلق بشأن الآثار غير المقصودة، بما في ذلك تكاثر الطحالب السامة وتأثيرها على أنواع الأسماك ذات الأهمية التجارية. في عام 2012، أضاف أحد رواد الأعمال 100 طن من الحديد إلى المحيط وخلق ازدهاراً كبيراً للعوالق على المدى القصير. كما يشعر العديد من العلماء وصناع السياسات بالقلق بشأن ما يمكن أن يحدث إذا توسعت الكيانات التجارية دون إشراف حكومي. بحلول عام 2013، تم فرض حظر فعلي على هذا البحث.

ولكن اليوم مع تزايد خطورة تأثيرات تغير المناخ في جميع أنحاء العالم، فإن السؤال الأكثر أهمية هو كيف يمكن مقارنة العواقب المحتملة لتخصيب المحيطات بالضرر الذي نلحقه بالفعل بالمحيطات وبقية الكوكب من خلال حرق كميات هائلة من أنواع الوقود الأحفوري. إن درجة حرارة المحيطات ترتفع بسرعة. وتشير تقديرات دراسة حديثة، نشرت في مجلة «نيتشر كلايميت تشينج» Nature Climate Change، إلى أنه حتى في ظل سيناريو منخفض الانبعاثات، فإن أكثر من نصف الأنواع البحرية معرضة لخطر الانقراض الشديد بحلول عام 2100. وتتعرض الشعاب المرجانية لخطر التحمض وارتفاع درجة حرارة سطح المحيط.

وقد أوصت الأكاديميات الوطنية مؤخراً بدراسة هذا النهج وغيره من الأساليب، وتتمتع حكومة الولايات المتحدة بالقدرة على دعم هذه الدراسات على نطاق واسع. الأمر يحتاج فقط إلى الإرادة والميزانية.

والنبأ السار هنا هو أن تكلفة تخصيب المحيطات لابد أن تكون أقل من تكلفة الخيارات الأخرى مثل إدارة الإشعاع الشمسي، وهو نهج الهندسة الجيولوجية الذي حظي بقدر أكبر كثيراً من الاهتمام، بما في ذلك تقرير حديث صادر عن البيت الأبيض. كما أن تخصيب المحيطات يقلل من تحمض المحيطات الذي يصيب الشعاب المرجانية والمحاريات، وينبغي أن يكون له تأثيرات أطول أمدا من إدارة الإشعاع الشمسي.

نحن في حاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير أكثر فعالية وقوة للحد من الكربون في الغلاف الجوي على نطاق واسع. وأياً كانت التساؤلات التي يطرحها تخصيب المحيطات، فإنها تتضاءل مقارنة بما نعرفه بالفعل عن الكارثة المناخية المتصاعدة إذا واصلنا مسارنا الحالي.

جون تي بريستون
مدير تطوير التكنولوجيا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»