تحتل الإمارات مرتبة متقدمة عالمياً في صناعة الطيران والنقل الجوي، وفي الأسبوع الماضي اختَتَم معرضُ دبي للطيران دورته الـ18، بعد أن سلّط الضوء على مؤشرات وقوة حضور الدولة في هذه الصناعة البارزة، حيث بلغ إجمالي صفقات المعرض 367 مليار درهم (أكثر من 100 مليار دولار)، وأثبت الحضور الدولي فيه احتفاظَ الإمارات بمميزات تنافسية ومرتبة متقدمة، جعلت منها وجهةً رائدة في صناعة الطيران، واجتذاب كبرى شركات التصنيع والملاحة الجوية.

الحضور الإماراتي في هذه الصناعة ذات البعدين المدني والعسكري يعد ثمرةً لمجموعة واسعة من المزايا، أبرزها الموقع الاستراتيجي والبنية التحتية المتطورة للطيران، ممثلةً بالمطارات الحديثة والشركات الناقلة الرائدة التي رسخت مكانةَ الإمارات في النقل الجوي منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، مما أسهم في توفير بيئة استثمارية وتجارية وسياحية جاذبة، عززت من فرص نمو وتوسّع شركات الطيران في المنطقة.

ولعل من أهم مؤشرات قوة الدولة في صناعة الطيران عالمياً أنها تمتلك 14 مطاراً دولياً، يأتي في مقدمتها مطار دبي الدولي، أكثر المطارات ازدحاماً في العالم من حيث حركة الركاب الدوليين، بالإضافة إلى امتلاك 6 شركات طيران وطنية، اثنتان منها تعدان من أكبر شركات الطيران في الشرق الأوسط وإفريقيا.

ومن مؤشرات نجاح الإمارات في قطاع الطيران أنها من الوجهات السياحية الأكثر شعبية في العالم، بدليل استقطابها ملايين السياح سنوياً، إلى جانب أن الإمارات مركز مهم وجاذب لحركة التجارة العالمية، وكل ذلك له صلة متينة بقطاع الطيران والنقل الجوي. ولم يقتصر دور الإمارات على مجال النقل الجوي فحسب، حيث دخلت الدولة مجال صناعة الطيران وإنتاج المحركات وتقديم خدمات الصيانة والإصلاح، من خلال مجموعة واسعة من الشركات المتخصصة في صناعة الصيانة، والخدمات التي تستفيد منها كبريات شركات الطيران العالمية.

ويمثل معرض دبي للطيران منصةً دولية مهمة للتعريف بما حققته الدولة في قطاع الطيران أمام الشركات العالمية، من خلال عرض ابتكارات عدد من الشركات الوطنية، مثل مجموعة «إيدج» للتكنولوجيا المتقدمة، وشركة «سندان»، وغيرهما من الشركات والمراكز المهتمة بإنتاج أحدث تقنيات قطاع الطيران وحلول الصناعة الجوية في البلاد.

وعلى المستوى بحث وتطوير الطيران العسكري، تمتلك الإمارات عدداً من المؤسسات المتخصصة في التصنيع والبحث والتطوير في مجال الطيران، أبرزها شركة «ستراتا» للتصنيع المتخصصة في صناعة الطائرات منذ انطلاقها عام 2009، وتعمل على تصنيع المواد المركبة لهياكل الطائرات، وقد حققت نجاحات من خلال إبرام عقود مع عدد من الشركات العالمية الكبرى في مجال تصنيع معدات الطائرات الأصلية، من بينها «بوينج» و«إيرباص» وغيرهما، بالإضافة إلى ما حققته الدولة من شهرة عالمية كمركز لتوقيع الصفقات التي تبرمها أهم شركات الطيران العالمية، ومن أحدث الصفقات إعلان صندوق تنمية القطاعات الاستراتيجية بالدولة، وشركة الطيران الرائدة في مجال طائرات الشحن من دون طيار «دروناميكس»، عن مشروع مشترك لإنتاج طائرة الشحن من دون طيار «بلاك سوان».

وبحسب المؤشرات العالمية تأتي الإمارات بين الدول العشرة الأولى في العالم من حيث حجم حركة الركاب، كما تعد من الدول الخمس الأولى في العالم من حيث حجم صناعة الطيران، مع توقعات عالمية بنمو صناعة الطيران في الدولة بمعدل 5.5% سنوياً خلال الفترة من 2023 إلى 2030، مدفوعاً بالنمو الاقتصادي الذي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الطلب على السفر.

وبالعودة إلى حضور الإمارات في النقل الجوي العالمي، تشير الأرقام إلى أن رحلات الناقلات الوطنية الإماراتية تصل إلى 108 دولة و224 مدينة حول العالم، وتضم أكبر أسطول من الطائرات بإجمالي استثمارات بلغت 270 مليار دولار.

*كاتب إماراتي