في أتون الحروب يُقال، إنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولكنْ في هذا الزمن نجد أنه حان وقت صوت السلام ورسالة التسامح أكثر من أي وقت مضى، لنجعل صوت السلام غالبًا. وعلى العالم أن يعي تحولات الحضارة، ويدرك أن المستقبل حق لكل إنسان رأى النور على هذه الأرض، عليه أن يُوقِف أصوات المدافع، ويكتم أزيز الطائرات، ويكُفَّ عن القصف والقتل. أمَا حان أن يجلس الجميع إلى طاولة السلام المستدامة؟
حين نبحث عن الحلول لكل نزاع لا بدَّ أن نعي أن الحلول التي لا تقوم على أسس العدالة وحقوق الإنسان ليست حلولًا، حتى لو كانت مدعومة من أمم العالم ودوله. السلام الحقيقي يقوم على العدالة والمساواة، وإعادة الحقوق إلى أهلها. لا يمكن تحقيق السلام من دون عدالة ومساواة ووعي بحقوق الإنسان، وهذا هو مفتاح السلام المستدام.
وسط كل هذه النزاعات التي تشتعل في العالم، من القضية الفلسطينية إلى القضية اليمنية، والحرب الروسية-الأوكرانية، وغيرها، لا بدَّ أن تكون هناك أصوات حكيمة تبحث عن التوافق على أرضية من التفاوض السياسي المرن، وقيادات تؤمن بقيمة السلام، وتتعامل مع العلاقات الدولية بصفتها في خدمة الحضارة الإنسانية. وهنا يبرز عالميًّا دور دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله-، ذلك الدور الذي كان امتدادًا لما غرسه فينا حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيَّب الله ثراه-، ذلك الدور الذي اتكأ على ميراث الأخلاق والتسامح والإصرار على الوصول إلى صِيغ توافقية تعمل على رأب التصدعات التي تصيب العلاقات الدولية، وتخفف من حدَّة النزاعات بين مختلف دول العالم، وخاصة في منطقتنا الشرق أوسطية. 
ومع تصاعد الأزمة الفلسطينية يعلو صوت الأمل في السلام، مناديًا: أمَا حان الوقت أن يتوقف تدفق دماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء؟ منذ انطلاق الرصاصة الأولى علَتْ أصوات قيادتنا الرشيدة تنادي بالسلام، وضبط النفس، والحفاظ على مقدرات الإنسان، وحماية أرواح الأبرياء من دون تمييز بين جنسية وجنس ولون، فالجميع في النهاية بشر لهم الحق في الحياة. وعلى صعيد الجانب الإنساني حرصت دولة الإمارات -بجِد وصدق- على تقديم المساعدة الإنسانية، ودعم الجهود التي تسعى إلى إحلال السلام والاستقرار، والعمل نحو الحل العادل الذي يؤدي إلى تحقيق السلام والأمان للجميع.
وإلى جانب الدورَين الرسمي السياسي والإنساني يقف الدور الشعبي على قدر كبير من الأهمية، انطلاقًا من أن لكل فرد دورًا حيويًّا مؤثرًا في نشر رسالة التسامح والعمل من أجل السلام، فنحن جميعًا نملك صوتًا يمكن أن يسهم في بناء عالم أفضل، إذ يمكن للسلام أن يعلو فوق كل شيء. لتكنْ أصواتنا عبر منصات التواصل الاجتماعي وكل وسائل التواصل مع العالم بمختلف توجهاته أصواتًا منادية بالتسامح والسلام، مؤمنة بحقوق الإنسان من دون تحيز في الحياة، إيمانًا بأن هذا الكون لم يُخلَق لنوع أو جنس أو لون، بل متسع بالقدر الكافي الذي يضمُّنا جميعًا في حياة توافقية نجني منها السلام والسلم النفسي، وبناء الحضارة البشرية الخضراء التي لا نرى فيها إلا لون التنمية والتطور الأخضر، حضارة يغيب عنها لون الدماء، وتختفي فيها من عيون الأمهات دموع الألم، ومن عيون الأطفال نظرات الخوف والهلع.
رسالتي -أنا المواطنة الإماراتية شمَّا محمد- إلى كل زعماء العالم: أناديكم بكل خير في قلوبكم، دعوا الأطفال يعيشوا براءتهم، وامنحوا المستقبل لأجيال تبني الأمن والأمان... الموت هو الموت نفسه، والألم هو الألم نفسه في كل مكان، والطفل هو نفسه البريء هنا أو هناك. لا تشوِّهوا المستقبل بإصراركم على الصراع الزائف، فهناك دائمًا متسع للمحبة والسلام.
*باحثة إماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي، أستاذ زائر بكليات التقنية العليا للطالبات، أستاذ زائر بجامعة الإمارات العربية المتحدة