عندما أعلن معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف «كوب 28»، التوصلَ بنجاح إلى اتفاق حول المناخ، قوبل إعلانه بتصفيق كل الحاضرين، لأنه بمثابة إنجاز تاريخي لم يتحقق منذ عقود، ولأن الوضع المناخي ليس بخير، ولأن هناك ضرورة للضغط على الدول بغية تعزيز جهود مكافحة الاحتباس الحراري وخصوصاً الدول الأكثر تلويثاً للبيئة في العالَم، ولأن البشرية باتت أمام خيار العمل معاً أو «الانتحار الجماعي».. إلخ.
وقد أصاب معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر عندما قال، إن «العالم كان بحاجة إلى مسار جديد للعمل، ومن خلال التركيز على هدفنا الرئيسي توصلنا إلى ذلك المسار، حيث عمِلنا بجِد وإخلاص لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا وكوكبنا، وبإمكاننا أن نفخر بإنجازنا التاريخي».
وقد سبق وأن كتبنا هنا أنه في الإعلانات الختامية السابقة للقمم حول المناخ كانت الدول الغنية تعبر عن «أسفها العميق» لفشلها في جمع مبلغ سنوي منفصل قدره 100 مليار دولار وعدت بها منذ سنوات قبل ذلك، لنتساءل: وماذا يعني هذا الكلام؟ إنه اعتراف ضمني بفشل العمل العالمي المشترك، فالجانب المالي، لا سيما مساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة (ذات المسؤولية المحدودة جداً على صعيد انبعاثات غازات الدفيئة) من أكثر الملفات الصعبة في هذه المؤتمرات. أما مع «اتفاق الإمارات»، فإلى جانب تقديم استجابة فعالة للحصيلة العالمية الأولى لتقييم التقدّم في تنفيذ أهداف «اتفاق باريس»، فقد حقّق «كوب 28» نتائج تفاوضية ملموسة لتفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار، ونجح في جمع وتحفيز 792 مليون دولار من التعهّدات المبكرة للصندوق، وتوفير إطار للهدف العالمي بشأن التكيّف، وإضفاء الطابع الرسمي لدور رائد المناخ للمؤتمر، لدعم احتواء الشباب في أعمال مؤتمرات الأطراف المستقبلية.
وقد اختتم «كوب 28» أعمالَه بعد أن أقر ممثلو حوالي 200 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في مدينة إكسبو دبي، «اتفاق الإمارات» للمناخ، والذي يتضمن خطة عمل مناخية للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وأكد الاتفاق على ضرورة تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي إلى منظومة طاقة خالية من مصادر الوقود التقليدي بغية تخفيف انبعاثاته، والهدف هو تحقيق الحياد المناخي، وتشجيع جميع الدول في أنحاء العالم على تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية. كما يستهدف الاتفاق زيادةَ القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، وبناء زخم لتأسيس هيكل جديد للتمويل المناخي.
لقد أوفت دولة الإمارات بالوعد الذي قطعته يوم انطلاق فعاليات «كوب 28»، بتنظيم مؤتمر للأطراف يختلف عن سابقِيه، ويجمع كافة المعنيين، من القطاعين الخاص والحكومي، وممثلي المجتمع المدني، والقيادات الدينية، والشباب، والشعوب الأصلية.. فهنيئا لدولة الإمارات بهذا النجاح الباهر.

*أكاديمي مغربي