يزداد تطور الهند في مجال الفضاء بشكل سريع، إذ ما انفكت ترسل مهمات لاستكشاف جوانب مختلفة من الفضاء. ففي الأسبوع الماضي، مثلاً، أطلقت «منظمة أبحاث الفضاء» الهندية صاروخاً يبلغ وزنه 260 طناً، وعلى متنه مرصد فلكي متطور يهدف إلى دراسة الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، في ما يُعد إنجازاً جديداً لبرنامج الفضاء الهندي.

وبهذا الإطلاق، أصبحت الهند ثاني بلد بعد الولايات المتحدة يمتلك مثل هذا «المرصد» المتخصص لدراسة الثقوب السوداء، التي تمثل لغزاً كبيراً في الفضاء. القمر الاصطناعي «إكسبوسات» سيساعد في دراسة الإشعاعات الصادرة عن الثقوب السوداء القريبة والنجوم النيوترونية. وفي ما بات يمثّل اتجاهاً عاماً الآن، أطلقت الهند قمرها الاصطناعي بتكلفة تعادل جزءاً يسيراً من المبلغ الذي تكلّفه مهماتٌ مماثلةٌ بالنسبة للولايات المتحدة.

فقد أصبحت الهند معروفة ببرنامجها الفضائي منخفض التكلفة، إذ قامت بالعديد من عمليات الإطلاق بطريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالدول الأخرى. وعلى سبيل المثال، فإن تكلفة القمر الصناعي «إكسبوسات» تناهز 30 مليون دولار، ومن المتوقع أن تستمر مهمته لخمس سنوات على الأقل.

وهذا هو الإنجاز الأحدث ضمن سلسلة من الإنجازات التي حققتها الهند في ما يتعلق باستكشاف الفضاء، إذ سبق لها أن أطلقت بنجاح مهمة «تشاندريان» إلى القمر، كما تُعد البلد الوحيد الذي حقق هبوطاً سلساً بالقرب من القطب الجنوبي للقمر. وبهذا الهبوط الناجح، انضمت الهند إلى نادٍ نخبوي للبلدان التي حققت هبوطاً سلساً على سطح القمر بعد كل من الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي السابق، والصين.

ويُعد هذا إنجازاً كبيراً لوكالة الفضاء الهندية. وأعقبت الهند مهمتها الفضائية إلى القمر بمهمة مماثلة إلى الشمس بهدف مراقبة الشمس والقيام بدراسات علمية، وقد أُطلق عليها اسم «سوريياه». وتُعد هذه أيضاً مهمة بالغة الأهمية، إذ من المتوقع أن تزيد من فهمنا الحالي للشمس. كما قامت برحلة تجريبية مهمة قبل مهمتها المرتقبة لنقل رواد فضاء هنود إلى الفضاء في 2025. وأعلنت وكالة الفضاء الهندية أنها تخطّط لما لا يقل عن 12 مهمة في 2024. على أن هذا العدد قد يرتفع أكثر، على حسب قدرتنا على إنتاج الأجهزة وإكمال الاختبارات.

إذ تعتزم الهند إرسال رائد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية ضمن جهد مشترك مع وكالة «ناسا» في 2024. ومستقبلاً، حدّدت الهند لنفسها بعض الأهداف الطموحة جداً، إذ تتطلع إلى إرسال رائد فضاء إلى القمر بحلول 2040. كما يهدف مشروع «غاغانيان» إلى إرسال طاقم بشري إلى مدار على ارتفاع 400 كيلومتر عن سطح الأرض، ثم إعادته بأمان للهبوط في الهند. وفضلاً عن ذلك، أعلنت الحكومة اعتزامها إرسال 3 رواد فضاء إلى مدار أرضي منخفض لثلاثة أيام، وهي الأولوية العاجلة للبلاد، على الأقل في الوقت الراهن. كما تخطّط الدولة الواقعة في جنوب آسيا لإنشاء محطة فضائية بحلول 2035 إلى جانب مهمتين إلى كوكب الزهرة وكوكب المريخ. ويُعد برنامج الفضاء الهندي مبعث فخر وطني.

ففي مايو 2014، أصبحت الهند أول دولة آسيوية تصل إلى كوكب المريخ، وناهزت تكلفة مسبارها الفضائي 70 مليون دولار فقط مقارنة مع 671 مليون دولار التي أنفقتها «ناسا» على مركبة «مافن» الفضائية. وبفضل عمليات إطلاق الأقمار الصناعية منخفضة التكلفة، أطلقت الهند 342 قمراً اصطناعياً لفائدة 34 بلداً على مدى أكثر من عقدين من الزمن. ويشكّل هذا النجاح إنجازاً مهماً أيضاً في تطور برنامج الفضاء الذي توسع من إطلاق الأقمار الصناعية، ليشمل تحسين الاتصالات لمجموعة من الأغراض، مثل التنبؤ بأحوال الطقس واستكشاف الفضاء.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي