قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة عمل إلى الهند هذا الأسبوع، حيث التقى برئيس الوزراء ناريندرا مودي وحضر «قمة غوجارات العالمية النابضة بالحياة». وخصّصت الهند لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان استقبالاً حاراً ترحيباً بسموه.
وكانت «قمة غوجارات العالمية النابضة بالحياة» أُسست من قبل ناريندرا مودي عندما كان يشغل منصب كبير وزراء ولاية غوجارات في 2003. نسخة هذه السنة هي العاشرة وقد اختير لها عنوان «بوابة إلى المستقبل». وقد كان في مقدمة مستقبلي ضيف الهند الكبير في المطار رئيسُ الوزراء ناريندرا مودي، وفي الطريق إلى مكان انعقاد القمة، اصطف عدد من أبناء الهند على جانبي الطريق في أحمد آباد، التي تُعد أكبر مدينة في الولاية، لتحية رئيس الدولة والترحيب به. 
الزعيمان بحثا سبل تعزيز العلاقات الثنائية لتحفيز تقدم وازدهار البلدين في إطار الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الشاملة بينهما. وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز العلاقات في مجالات الاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا والعمل المناخي والتنمية المستدامة. كما عقدا مباحثات حول مجموعة متنوعة من القضايا العالمية، مؤكدين دعمهما للجهود الرامية إلى تعزيز السلام والتعاون والاستقرار وحل النزاعات من خلال الحوار والتفاهم، ويشمل ذلك «إعادة التأكيد على ضرورة السعي وراء وقف لإطلاق النار في قطاع غزة».
الزعيمان ناقشا أيضاً الحاجة إلى ضمان حماية المدنيين وتوفير مساعدات إنسانية كافية وآمنة ومستدامة. كما شددا على أهمية الحؤول دون تصعيد الصراع الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين وضرورة إيجاد «مسار نحو سلام دائم وشامل في المنطقة». وفي الكلمة التي ألقاها في قمة غوجارات العالمية النابضة بالحياة، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أهمية العمل العالمي الجماعي لمواجهة التحديات المشتركة، مشيراً إلى أن القمة أصبحت منتدى دولياً لتبادل الخبرات في مجال النمو الاقتصادي والاستثمار.
كما وقّع الجانبان عدداً من مذكرات التفاهم، من بينها مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة الجديدة والمتجددة الهندية ووزارة الاستثمار الإماراتية للتعاون الاستثماري في مجال الطاقة المتجددة. وشملت الاتفاقيات الأخرى اتفاقية بين وزارة الصحة ورعاية الأسرة الهندية ووزارة الاستثمار الإماراتية للتعاون الاستثماري في مشاريع الرعاية الصحية المبتكرة، واتفاقية أخرى بين وزارة الصناعات الغذائية الهندية ووزارة الاستثمار الإماراتية للتعاون الاستثماري في مجال تطوير مجمعات الأغذية في الإمارات. 
وتربط بين الهند والإمارات العربية المتحدة علاقات متنامية وسط توافق وجهات النظر بشأن العديد من القضايا. وتُعد زيارة رئيس دولة الإمارات إلى الهند الأحدث ضمن سلسلة من تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، وهو ما يمثّل مؤشراً على التعاون الوثيق الذي يربط بين البلدين. كما يؤشّر ذلك على الأهمية التي توليها الهند لعلاقاتها مع دول الشرق الأوسط بشكل عام ومع الإمارات بشكل خاص. إذ تعتبر الهند الشرقَ الأوسط والإمارات العربية المتحدة جزءاً من الجوار الممتد للهند، وتوفّر منطقة الشرق الأوسط للهند قرابة 45 في المئة من احتياجاتها من الطاقة. كما أن هناك روابط وثيقة على المستوى الشعبي، إذ يقيم في بلدان الخليج العربي حوالي 9 ملايين هندي مع أُسرهم.
وعلى هامش «قمة غوجارات النابضة بالحياة»، عُقدت «قمة الأعمال الإماراتية- الهندية» تحت شعار «دولتين: رؤية واحدة». وفي هذا الإطار، عززت دولتا البريكس المتحالفتان علاقاتهما باتفاقية تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، ومن المقرر أن تشمل مشاريع كبرى مثل إنشاء محطات موانئ جديدة ومناطق اقتصادية في الولاية الهندية.
وضمن محطة أخرى مهمة، دشنت الهند والإمارات العربية المتحدة التجارة المباشرة بالعملتين المحليتين (الدرهم والروبية الهندية)، ويخطّط الجانبان لتوسيع التجارة الثنائية إلى 100 مليار دولار في إطار اتفاقية التجارة الحرة التي تجمع بينهما. وفي هذا الصدد، أعاد وزير التجارة والصناعة الهندي التأكيد على أن هناك توسعاً سريعاً في الشراكة الهندية - الإماراتية، سواء في مجال الأمن الغذائي أو في مجال التعليم، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 85 مليار دولار في 2022، مما يجعل الإمارات ثالثَ أكبر شريك تجاري للهند في السنة المالية 2022 وثاني أكبر وجهة للصادرات الهندية. وكانت مذكرة تفاهم بشأن إنشاء إطار لاستخدام العملتين المحليتين في المعاملات عبر الحدود وُقّعت بين البلدين في يوليو 2023.
وتشمل المبادلات التجارية بين البلدين سلة متنوعة من السلع، إذ تشمل الصادرات الهندية الرئيسية إلى الإمارات المنتجات النفطية والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة والمجوهرات والمعادن والمواد الغذائية مثل الحبوب والسكر والمنسوجات والمنتجات الهندسية والآلات والمواد الكيميائية. هذا، في حين تشمل واردات الهند الرئيسية من الإمارات النفط والمنتجات النفطية والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة والمجوهرات والمعادن والكيماويات والخشب والمنتجات الخشبية. 
ومما لا شك فيه أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند تشكّل محطة رئيسية في العلاقات الثنائية وتساهم فعلياً في الارتقاء بالشراكة بين البلدين إلى مستوى رفيع.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي