واجه سكان ولاية أيوا هذا الأسبوع درجات حرارة شديدة البرودة مع بدء السباق للفوز بترشيح الحزب «الجمهوري» للرئاسة هذا العام. وكان حصول دونالد ترامب على فوز مريح سبباً في إرسال ارتعاشات سياسية إلى حلفاء أميركا الرئيسيين في أوروبا.

كان همهم المباشر هو ما قد تعنيه رئاسة ترامب الثانية لأوكرانيا. وجلبت نتيجة الانتخابات في ولاية أيوا إحساساً جديداً بالحاجة الملحة لبذل جهود من قبل أوروبا لإيجاد طريقة «مقاومة لترامب» لضمان حصول كييف على الأسلحة والذخيرة اللازمة حتى لو تراجعت واشنطن.

ولكن هناك أيضاً قلقاً أعمق بكثير. المشكلة أن نسيج التحالف عبر الأطلسي الذي دام عقوداً من الزمن - والذي يشمل التجارة والتعريفات الجمركية والدفاع والأمن - يمكن أن ينهار إذا أتبع ترامب فوزه في ولاية أيوا بمزيد من الانتصارات التمهيدية وعاد في النهاية إلى البيت الأبيض. مصدر القلق الرئيسي هو حلف شمال الأطلسي، التحالف العسكري الذي ظل لفترة طويلة يوفر الأمن الراسخ. ولا تزال أوروبا بعيدة كل البعد عن وضع خطة بديلة ذات مصداقية،  لحماية نفسها ضد قوى دولية ستصبح أكثر جرأة إذا تراجعت واشنطن عن التزاماتها لأوروبا.

قد يبدو كل هذا وكأنه نوع من السيناريو المروع الذي ينسجه النقاد بحثاً عن عنوان جذاب. لكن الزعماء السياسيين في جميع أنحاء أوروبا دقوا ناقوس الخطر في الأسابيع الأخيرة مع ترسيخ مكانة ترامب كالمرشح الأوفر حظاً للحصول على الترشيح. في صباح اليوم التالي للتصويت في ولاية «أيوا»، ألقى رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو خطاباً أمام برلمان الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، مع تولي بلاده الرئاسة الدورية للكتلة.

وحذر من أن العودة إلى سياسة «أميركا أولاً» في واشنطن من شأنها أن تترك أوروبا «وحدها». وكان آخرون أكثر صراحة. في أواخر العام الماضي، قال وزير الدفاع الألماني إن فوز ترامب سيكون «كارثة» على أوروبا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقل «تييري بريتون»، ممثل فرنسا في المفوضية الأوروبية، عن ترامب قوله: «عليك أن تفهم أنه إذا تعرضت أوروبا لهجوم، فلن نأتي أبداً لمساعدتك ودعمك». وأضاف: «بالمناسبة، لقد انتهى الناتو، وسنغادر، سننسحب من حلف شمال الأطلسي». في الأسبوع الماضي، خرجت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، عن تحفظها المعتاد بشأن المسائل السياسية لتطلق تحذيراً من جانبها. وقالت إنه انطلاقاً من الولاية الأولى للسيد ترامب، فإن عودته إلى السلطة ستكون «تهديداً واضحاً» لأوروبا. وقالت لاجارد: انظروا فقط إلى التعريفات التجارية التي فرضها، والتزامه الضعيف تجاه حلف شمال الأطلسي، ورفضه الانضمام إلى المعركة ضد تغير المناخ.

إن احتمال وجود حلف شمال أطلسي ضعيف أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة للدول الأقرب إلى روسيا وأوكرانيا: بولندا ودول البلطيق السوفييتية سابقاً، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. 

 كان الزخم وراء ترشيح ترامب للرئاسة سبباً في تركيز الاهتمام على الدور الحاسم الذي قد تحتاج الدول الأوروبية إلى الاضطلاع به في هذا الجهد. وهناك بعض الدلائل على أنهم يأخذون هذا التحدي على محمل الجد. وتعهد الاتحاد الأوروبي بتسليم مليون قذيفة مدفعية مطلوبة بشكل عاجل إلى أوكرانيا بحلول شهر مارس. شكلت الدول الأوروبية حوالي نصف الدعم الغربي لأوكرانيا منذ فبراير 2022. وقامت أيضاً بزيادة الإنفاق العسكري.

ولكن خارج حلف شمال الأطلسي، لا توجد آلية فعّالة لدول الاتحاد الأوروبي لتخطيط سياسة دفاعية مشتركة والاتفاق عليها وتنسيقها. وهذا أحد الأسباب التي تجعل من المرجح أن يعجز الاتحاد الأوروبي عن تلبية عدد قذائف المدفعية الذي وعد بتقديمه. لذا فإنه يتعين على الكتلة توسيع الإنتاج بسرعة أكبر.

علاوة على ذلك، فإن ما يقرب من نصف الأسلحة المصنعة في الاتحاد الأوروبي لا تزال تصدَّر إلى الخارج، إلى عملاء آخرين غير أوكرانيا. هناك مشكلة أخرى أيضاً. وهي أن أوروبا لا تستطيع في الوقت الحاضر توفير كمية الأسلحة الأكثر تقدماً التي تقول أوكرانيا إنها ضرورية لتحويل دفة الأمور لصالحها. وقال فيليب هيلدبراند إن عودة ترامب قد تكون بمثابة «نداء صحوة لأوروبا، وحافز لها لتصبح أكثر استقلالية».

ند تيمكو

*صحفي أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»