ربما يصبح للهيدروجين دور محوري في التخفيف من حدَّة أزمة الطاقة، ولا سيما في ظل استفحال أزمةِ المناخ، وازدياد الطلبِ على مصادر الطاقة البديلة، لأن الهيدروجين لا يتسبب بأي انبعاثات كربونية مباشرة. وقد أصبحت خلايا الوقود الهيدروجينية محل بحث ودراسة مكثفة هذه الأيام، إذ يسعى الباحثون إلى استخدام هذا المصدر الواعد من مصادر الطاقة على النحو الأمثل. وفي هذا الصدد تعد خلية وقود غشاء تبادل البروتونات مصدر طاقة لتشغيل مَركبات الجيل المقبل، بفضل كفاءتها العالية في تحويل الطاقة، وانخفاض مستوى ضجيجها، وثبات أدائها، ولكن لا يزال عُمْر استعمال هذا النوع من الخلايا من المسائل المهمة التي تتطلب الدراسة في ظل السعي إلى تطويرها، واستخدامها تجاريّاً على نطاق واسع. ويعود السبب الرئيسي لشيخوخة هذه الخلية، على وجه التحديد، إلى قُصور عملية التحفيز، والتشوه الميكانيكي للصفائح الثنائية القطب، وشيخوخة مواد الأقطاب الكهربائية الغشائية، إلى جانب عوامل أخرى، ولذلك فقد حَظيت استراتيجيات التنبؤ وإدارة الكفاءة، في الآونة الأخيرة، باهتمام بالغ، وبدأ الاعتمادُ عليها في التنبؤ بشيخوخة هذا النوع من الخلايا، وتقليل تكاليف صيانتها، والحفاظ عليها.
ويُعَد التنبؤ إحدى أهم هذه الاستراتيجيات، إذ يمكن عن طريقه توقع أنماط شيخوخة خلايا الوقود، ومدة نشاطها المتبقية، بناءً على بيانات الشيخوخة، مثل تدهور حالة الخلية بمرور الزمن، ويهدف ذلك إلى تجنب تعطل خلية الوقود فجأة قبل اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
ويوجد حاليّاً نوعان أساسيان من أساليب التنبؤ بشيخوخة الخلية: يقوم الأول على دراسة النماذج، في حين يقوم الثاني على تحليل البيانات، ويهتم الأسلوب الأول بدراسة الظواهر الفيزيائية الفعلية داخل خلية الوقود، فعلى سبيل المثال يُنشئ هذا الأسلوب نموذجاً رياضيّاً مُعقداً، ويستخدم معادلات تفاضلية جزئية في وصف خصائص المجالات الفيزيائية المتعددة، وتعتمد دقة التنبؤ فيه كثيراً على مدى تعقيد النموذج، وهو ما قد يَصْعُب تطويره، وتنفيذه، أما الأسلوب الثاني، الذي يُسْتَخدم على نطاق واسع في التنبؤ بشيخوخة الخلية، فيهتم بإعداد مدخَلات البيانات، ويتنبأ بأنماط الشيخوخة من منظور الإحصاءات الرياضية، والاحتمالات العشوائية (بمتغيرات عشوائية)، ولا يهتم بوصف الظواهر الفيزيائية المعقدة داخل خلية الوقود، متجنباً بذلك عمليات النمذجة المعقدة، غير أنه ينبغي الانتباه إلى أن العوامل التي تتسبب بشيخوخة خلية الوقود كثيرة، مثل التشوه الميكانيكي للصفائح الثنائية القطب، وتراكم المياه في مجرى التدفق، وقُصور عملية التحفيز، وتنامي المقاومة. إن اجتماع كل خصائص المجالات الفيزيائية المذكورة (المجال الميكانيكي، ومجال السوائل، والمجال المادي، والمجال الكهروكيميائي... وغيرها) هو ما يُصعِّب التنبؤ بشيخوخة خلية الوقود، ويجعل بيانات الشيخوخة مجرد مجموعة من العمليات العشوائية، غير المطردة، والمضطربة، ولذلك فإنه من غير الحكمة في هذا السياق اعتماد أسلوب واحد من الأساليب القائمة على تحليل البيانات، لأنه لا يمكن التنبؤ بكل بيانات الشيخوخة، ولا بدقة استخدام شبكة واحدة لتحليل البيانات.

*أستاذ في كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا