يتواجد في أوروبا العديدون من فلول «الإخوان» بعد أن لفظتهم البلاد العربية، وهؤلاء إما أنهم فارون من أوطانهم الأصلية أو لاجئون بحجج شتى أو باحثين عن العمل. لكنهم في جميع الحالات صاروا مزعجين للسلطات وللشعوب الأوروبية بسبب ممارساتهم السلبية التي صارت تشكل خطراً على المجتمعات التي يعيشون فيها، مما دفع السلطات في البلاد المعنية مؤخراً إلى البحث الجاد عن الطرق والوسائل الصحيحة لكيفية التعامل معهم لدرء المخاطر الآتية منهم على الدولة والمجتمع.

وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار بأن العديد من دول أوروبا حتى عهد قريب كانت تنظر بإيجابية نحو جماعة «الإخوان» على أساس أنه يمكن التعامل معها من منطلقات المصالح الأوروبية في الدول العربية، أو هكذا على الأقل ما تمكن «الإخوان» من زرعه بأذهان السلطات والشعوب الأوروبية.

والحقيقة أن منبع هذا الموقف غير واضح لدينا نحن كعرب الخليج العربي على الأقل، لكن القارة العجوز هي أقدم وأكثر مناطق العالم الخارجي معرفة وتعاملاً مع جماعة «الإخوان» داخل المنطقة العربية منذ الأيام الأولى لتأسيس الجماعة في مصر، أثناء التواجد العسكري والسياسي البريطاني فيها.

من هذا المنطلق، فإن الحديث والحوار مع الأوروبيين من المهم أن يتم التركيز فيه على الحديث حول الجوانب العملية - الموضوعية للمسألة عن طريق تناول الجوانب السلبية لفكر الجماعة وممارساتها العملياتية السرية سواء في دولة الإمارات كما تم اكتشافها وفضحها أو في غيرها من الدول العربية أولاً، ثم بعد ذلك التركيز على ما يحدث من ممارسات إرهاب وعنف وقتل تقف وراءها الجماعة في العديد من الدول العربية، خاصة ما يحدث في جمهورية مصر العربية.

وبالإضافة إلى ذلك من المطلوب التركيز على أن النظر إلى جماعة «الإخوان» بإيجابية مضر جداً بالمصالح الأوروبية على المدى البعيد، سواء كان ذلك في داخل القارة الأوروبية ذاتها أو في الدول العربية أو في غيرها من الدول والمناطق وهذه مسألة أمنية صرفة تقع في خارج نطاق قدرة أي باحث أو مفكر أو كاتب وتحتاج إلى توفير المعلومات والحقائق العملية والواقعية التي ترتبط بممارسات «الإخوان» وفكرهم في كل مكان، خاصة في ما يتعلق بالتجنيد السري للأعضاء وبالممارسات الإرهابية والتخطيط لها وتنفيذها وبتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وهي أمور يجب أن تستند على أدلة قانونية وقرينية ورسمية وواقعية مقنعة توضح الجوانب السلبية في فكر «الإخوان» وممارساتهم. ومنذ البداية يجب التنبه والإدراك من جانب دول العالم العربي في حوارها مع الأوروبيين حول خطر «الإخوان» في قارتهم بأن الحوار قد يخرج بنتائج إيجابية أو بنتائج سلبية من وجهة نظر مصالحنا كعرب نحارب التطرف والغلو والإرهاب، بمعنى أنه بالنظر إلى الإرث الأوروبي فيما يتعلق بتواجد المنظمات والجماعات السياسية والأفراد اللاجئين، لا يتم النظر إليهم أو التعامل معهم من وجهة نظر مصالح ومواقف الدول الأخرى، بل من وجهة النظر الأوروبية الصرفة وبارتباط ذلك التواجد بالمصالح الأوروبية العليا وبالإرث الاجتماعي - السياسي الأوروبي وبالثقافة السياسية الأوروبية الضاربة الجذور في المجتمع.

ما نرمي إليه أن الدول العربية لا يجب أن تصدم إذا ما خرجت نتائج الحوار على غير ما تشتهي سفنهم، فهذه مسألة متوقعة نتيجة لمواقف شرائح من المجتمع والساسة الأوروبيين حول المسألة.

من المخاطر الملموسة يمكن التنبيه بخطر تواجد جماعة «الإخوان» على العملية التعليمية، خاصة في مدن أوروبا الكبرى، وذلك من واقع تجربة دولة الإمارات التي حدثت مع بداية عقد ثمانينيات القرن العشرين وأضرت بالتعليم العام كثيراً حيث سعى «الإخوان» إلى السيطرة على العملية التعليمية بكاملها بدءاً بالمرحلة الابتدائية مروراً بالثانوية وانتهاء بالمرحلة الجامعية، فقد شرعوا حال تسلحهم للتعليم، وفي غفلة من الزمن، في غسيل الأدمغة وزرع الفكر المتطرف والتزمت، ثم بعد ذلك في التجنيد السياسي والإرهابي، السري بهدف خلق البلبلة والفوضى في المجتمع سعياً للوصول إلى السلطة، عندما تم كشف محاولتهم الانقلابية الدنيئة في نهاية المطاف.

*كاتب إماراتي