عندما وجدت «بريسيلا ياور» وظيفة أحلامها التي كانت تعني الانتقال إلى العاصمة النيجيرية أبوجا، كانت هناك عقبة واحدة فقط: لم تكن هناك طريقة تمكنها من تحمل قيمة الإيجار في أغلى مدينة في البلاد. وبالنسبة لعملها كأمينة صندوق في سوبر ماركت، كان من الصعب عليها جمع مبلغ 300 ألف نايرا (390 دولاراً) التي تحتاجها لكراء شقة من غرفة واحدة على مشارف المدينة. ومثلها كمثل معظم المستأجرين، كان من المتوقع منها أن تدفع إيجارها السنوي بالكامل دفعة واحدة كما هو المعتاد بين أصحاب العقارات النيجيريين.
ومع ذلك، ومع حصولها على وظيفة جديدة، اعتقدت ياور أنها تستطيع الحصول على قرض من البنك. وتتذكر قائلة: «تم إعطائي الكثير من النماذج لملئها، وطُلب مني إحضار ضامنين، وسُئلت عما إذا كان لدي أي ممتلكات يمكنني استخدامها كضمان».
لم يكن أي من هذا مفاجئاً. في نيجيريا، لا تستطيع 98% من النساء الوصول إلى الائتمان الرسمي، مما يقلل قدرتهن على إدارة الأعمال التجارية، ودفع تكاليف الدراسة، وشراء منزل. لم تعد ياور إلى البنك أبداً. وحتى لو كانت قد استوفت الشروط المطلوبة، فإنها لم تكن قادرة على تحمل الفائدة البالغة 18.75% على قرض مصرفي، وهي رسوم نموذجية.
وبدلاً من ذلك، جاءت النعمة المنقذة وشريان الحياة لعدد متزايد من النساء في الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في أفريقيا، وذلك في شكل مجموعة واتساب للنساء فقط تمت دعوتها إليها من قبل أحد أبناء عمومتها. يقوم أعضاء المجموعة بتجميع مبلغ متساو كل شهر ويتناوبون على من يتلقى الدفع. تقول السيدة ياور: «عندما أخبرني ابن عمي عن المجموعة، وكيف أنني لن أضطر إلى تحمل كل الضغوط التي كان البنك يجعلني أتحملها، شعرت أن عبئاً ثقيلاً قد أُزيل عن كاهلي».
لم تكن هناك أي رسوم للانضمام، وتم تعيين عضو موثوق به في المجموعة كمسؤول. وبعد شهر من انضمامها، تلقت ياور 400 ألف نايرا (506 دولارات).
وسرعان ما انضمت إلى مجموعة أخرى لجمع الأموال لتغطية الرسوم المدرسية لأخيها الأصغر. كما ساعدتها المجموعات أيضاً في شراء ثلاجة لشقتها ثم مولداً كهربائياً للإبقاء على الأضواء مُنارةً أثناء انقطاع التيار الكهربائي يومياً.
توفر برامج الادخار بالتناوب، كما يطلق عليها رسمياً، شبكة أمان في معظم أنحاء أفريقيا. في جنوب أفريقيا تُعرف باسم «ستوكفيلز»، وفي شرق أفريقيا تلعب برامج «الشاما» نفس الدور. وفي الصومال تعمل برامج «هاجباد» أو «أيوتو» التي تعني «المساعدة» على جمع النساء معاً في اتحادات ائتمانية غير رسمية.
وقد تزايد استخدام هذه البرامج بشكل كبير في نيجيريا في الآونة الأخيرة بمساعدة تكنولوجيا مثل واتساب، وبسبب التضخم الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن.
وفي العام الماضي، وقع نحو أربعة ملايين نيجيري في براثن الفقر بسبب التضخم الذي تسبب في ارتفاع أسعار كل شيء من المواد الغذائية الأساسية إلى وسائل النقل. وتحملت النساء وطأة أزمة الديون في البلاد.
تتمتع نيجيريا بأحد أدنى تصنيفات المساواة بين الجنسين في العالم، حيث تحتل المرتبة 130 من بين 146 دولة مصنفة. فالفرص المتاحة للنساء متخلفة في العديد من المجالات التي تتراوح بين التعليم والدخل، وفي المتوسط فإن أجورهن أقل بنسبة 22% من أجور الرجال. وفي الوقت نفسه، أخضعت الثقافةُ والتقاليدُ المرأةَ لدور مقدم الرعاية في المنزل، دون أن تحصل على أجر في المقابل.
وعلاوة على ذلك، تواجه النساء تحيزات تاريخية متأصلة في النظام المصرفي الرسمي، كما تقول «أوكبيتوريتسي أكبري»، الخبيرة المالية في شركة متعددة الجنسيات مقرها في نيجيريا.
وكما هو الحال في العديد من البلدان النامية الأخرى، تكافح النساء النيجيريات للحصول على القروض لأن «الجدارة الائتمانية يتم الحكم عليها عادة من خلال القدرة على السداد.. وتقاس باستخدام أشياء مثل الدخل والممتلكات»، كما تشير «أكبري». كما أن البنوك التقليدية لديها فروع قليلة في الريف، وهذا يعني أن 55% من البالغين في نيجيريا البالغ عددهم 106 ملايين نسمة ليس لديهم حسابات مصرفية رسمية. وحتى عندما تكون الخدمات المصرفية متاحة، فإنها لا تكون في متناول نصف النساء اللاتي يدرن أعمالاً تجارية، ويتعين عليهن الاعتماد على النقد في جميع المعاملات.
لكن هذا يتغير ببطء، إذ تكتسب شركات الائتمان عبر الهاتف المحمول مثل «برانش» و«فير موني»، التي تضم مجتمعةً 20 مليون عملية تنزيل على متجر جوجل بلاي، شعبيةً بسبب لوائح الإقراض المتساهلة لديها.
يقول «أيونولوا بيكودا»، المحلل المالي في شركة «موني أفريكا» ومقرها لاجوس: «تسمح التكنولوجيا الآن بإجراء تقييمات ائتمانية بديلة، مما يساعد النساء في الوصول إلى الخدمات المالية دون الحواجز التقليدية». ومع ذلك، فإن استخدام مجموعات الإقراض على تطبيق «واتس آب» يسمح للمستخدمين بتجاوز الإجراءات الرسمية تماماً.
وقد كافحت «جويس تيرفير» لعدة أشهر للعثور على وظيفة، وانضمت إلى صفوف ما يقرب من ربع النيجيريين العاطلين عن العمل. وفي نهاية المطاف، قررت تيرفر أن تصبح خبيرة تجميل. لكنها كافحت لجمع الأموال لشراء المعدات التي تحتاجها لبدء مشروعها الخاص. ووجدت نفسها ترفض الزبائن بسبب نقص أدوات التجميل.
وفي أحد الأيام، نشرت صديقة أخرى رابطاً على تطبيق واتس آب يطلب من النساء الانضمام إلى مجموعة حيث ستجمع كل واحدة منهن 25.000 نايرا شهرياً. قامت بالتسجيل، وطلبت تحصيل الشهر الثاني، وسرعان ما حصلت على ما تحتاجه لرعاية العملاء. ورغم أن البرنامج لا يخلو من جوانب سلبية قليلة بشكل عام، فإن المخاطر الموجودة فيه لا يستهان بها. تقول ياور عن إحدى هذه التجارب: «لقد كان لدينا سبب لإبلاغ الشرطة عن مديرة المجموعة لأنها رفضت الإفراج عن الأموال بعد أن أرسل الجميع أموالهم». لكن نظراً لأن كل فرد في المجموعة معروف لشخص واحد آخر على الأقل، فعادةً ما يتم حل مثل هذه الأمور بسرعة. وفي حالة ياور، تم الإفراج عن الأموال في نهاية المطاف وظلت المرأة جزءاً من المجموعة.
تقول الخبيرة المالية «أكبري»: «التكاتف معاً وسيلة للبدء، على الأقل، في تمكين المرأة».
أوجار مونداي
صحفي متخصص في الشؤون الأفريقية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»