في مقابلة خاصة أجرتها قناة «العربية» الفضائية، وبثتها يوم الخميس 15 فبراير 2024، مع أرملة أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، ذكرت تلك المرأة أن البغدادي قام بتحويل «دولة داعش» إلى دولة نساء، وأنها شخصياً كانت الزوجة العراقية الأولى له في عام 1999، لكن منذ خروجه من سجن القوات الأميركية في العراق وحتى مقتله في عام 2017، تزوج بعدة نساء غيرها، كان من ضمنهن امرأة أميركية، وأصبح مجموع ما لديه من أولاد من كل زوجاته أحدَ عشر طفلاً. وكشفت أرملة البغدادي في تلك المقابلة أسرارَ وخفايا علاقات البغدادي الاجتماعية، العائلية والنسائية، وتنقلاته السرية منذ عام 2005 لغاية عام 2017، ابتداءً من العاصمة العراقية بغداد، وانتهاءً بالرقة في سوريا، مروراً بمدن التاجي وسامراء والموصل في العراق.

كما تعرضت لبعض ما حصل للنساء والفتيات القاصرات اللائي كنّ ضحايا لذلك التنظيم العنيف. ويحق لنا التساؤل هنا عن السر في بقاء البغدادي طليقاً طوال تلك الفترة الزمنية دون استهداف حقيقي، لا مِن قِبل قوات التحالف الدولي، ولا من قِبل الميليشيات المسلحة التي تختلف معه طائفياً؟

وعن مصدر التمويل والدعم الذي كان يحصل عليه؟ كان البغدادي يَظهر علناً في أكبر مساجد الموصل، مرتدياً العلامات التجارية العالمية، معلناً في خطبته المعروفة عن قيام دولته في العراق وسوريا، أمام العالَم أجمع، ورغم ذلك لم يعترضه أحد أو يعتقله أو يقصفه، كما قُصفت الفنانة العراقية ليلى العطار، عام 1993، بسبب لوحتها التي رسمت فيها الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب، والتي وُضعت على الأرض أمام مدخل فندق الرشيد في بغداد، انتقاماً من بوش الأب، بعد ضربه العراق عام 1990. بعد ذلك تم اغتيال الفنانة العراقية ليلى بصاروخ موجه إلى منزلها ليلاً، انطلق من إحدى البوارج الحربية الأميركية في البحر الأحمر.

وقامت الحكومة العراقية آنذاك بتشييع رسمي للفنانة ليلى العطار.كان الجميع يتساءل مستغرباً عن حالة البغدادي المثيرة للشك، إذ كان يصول ويجول علناً، ويحتل بمقاتليه عدةَ مدن في العراق وسوريا، على نحو سهل ويسير، وكأن جهةً خفيّةً تعينه على ذلك. كما كان يعيّن الولاة للمدن، ويصدر الفتاوى والتعليمات والتشريعات الغريبة، من سبي للنساء، وتحطيم للتماثيل، وتدمير للآثار.

كانت أرتال سيارات تنظيمه ذات اللون الأبيض، والتي ترفع راياته السود، تتحرك علناً وفي وضح النهار، في جميع مناطق العراق المكشوفة التي تسيطر عليها أميركا بدباباتها وقواتها المسلحة طولاً وعرضاً، ناهيك عن الطائرات الحربية الأميركية المجهزة بأحدث تقنيات الرصد التي تغطي سماء العراق وأرضه، لكنها رغم ذلك عجزت عن اكتشاف البغدادي وأرتاله التي تتحرك بكل وضوح وعلنية!

لقد بات معروفاً للجميع أن تنظيم «داعش» الذي ظهر فجأةً واختفى فجأةً، وكأنه فصل في مسرحية تديرها وتخرجها جهات خارجية، وتقوم بتمثيلها دمى متحركة على خشبة المسرح، لم يكن تنظيماً إرهابياً عادياً.

ما شاهدناه في تلك المقابلة التلفزيونية، وما كشفته مِن عراك نسائي ساذج إلى حد كبير، جاء في وقت وظرف خاصين للغاية.

*كاتب سعودي