كان أحد أبرز التطورات في القرن الجديد هو تركيز السلطة اليمينية والتملق في رجلين. دونالد ترامب هو الملك الواضح لليمين الأميركي بلا منازع. ولكن إذا كنت خارج عالم شعار «ماجا» (أو دعونا نجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، ربما يفوتك الأهمية المحورية لإيلون ماسك.
نحن على دراية بقصة ترامب بالطبع. ولكن لماذا يعد «ماسك» مهماً جداً بالنسبة لليمين؟ لماذا يتم الاحتفاء بمتعاطي مخدرات وأب غير متزوج ل 11 طفلاً من ثلاث نساء، وهو الرجل الذي امتلأ موقع التواصل الاجتماعي الخاص به، إكس، (أو تويتر سابقاً)، بالكراهية والمواد المنافية للآداب، في كل أنحاء اليمين الجديد، بما في ذلك أجزاء من اليمين المسيحي؟

الجواب هو أنه إذا كان ترامب هو بطل «ماجا»، فإن ماسك هو حارس بوابتها. إنه لا يستخدم فقط العدد الهائل من متابعيه (لديه 174 مليون متابع على منصة إكس) لمحاربة «اليسار»، بل إنه أيضاً يملك الساحة العامة للجناح اليميني. هذا لأنه خارج منصة «إكس»، لا يقرأ الجمهور أخبار اليمين. ونتيجة لذلك، أصبحت منصة «إكس» الآن تشكل اليمين بقدر ما تشكله حتى قناة فوكس نيوز.

في 22 فبراير، أصدر موقع يسمى «ذا رايتينج» تحليلاً باستخدام بيانات شركة الإنترنت «كومسكور» لمقارنة حركة المرور على الإنترنت في أهم المواقع اليمينية من يناير 2020 إلى يناير 2024. وكانت النتائج مفاجئة: يبدو أن وسائل الإعلام اليمينية تكافح أكثر من وسائل إعلام التيار الرئيس. من بين أفضل المواقع اليمينية في عام 2020، اكتسب موقع «نيوز ماكس» فقط جمهوراً على مدار السنوات الأربع الماضية. فقدت جميع المواقع اليمينية الأخرى زوارها، وفقد معظمها نسبة مذهلة منهم.
على سبيل المثال، ذكر موقع «ذا رايتينج» أن المنفذ الإخباري «واشنطن إكزامينر» فقد 66% من زواره. وخسرت صحيفة واشنطن تايمز 82% من زوارها. وخسرت شبكة أخبار «بريتبارت» 87%، وموقع «ذا ديلي واير» 73%. فباستثناء موقع نيوزماكس وقناة فوكس نيوز (التي خسرت 24% فقط من زوارها)، فقدت كل المواقع اليمينية الأخرى ما لا يقل عن نصف زوارها خلال أربع سنوات. وفقد بعضهم الكثير لدرجة أن موقع «ذا رايتينج» لم يعد قادراً على قياس أعداد قرائه.

في الواقع، الخسارة عميقة جداً لدرجة أن هناك مقالات وأعمدة فردية في صحيفة نيويورك تايمز تحصل على عدد من الزوار أكبر من إجمالي المحتوى الذي تنشره العديد من هذه المواقع لمدة شهر كامل. ومن الناحية العملية، هذا يعني أن وسائل التواصل الاجتماعي - وخاصة منصة «إكس» التي يمتلكها ماسك - تصبح الطريقة الرئيسة التي يصل من خلالها العديد من الشخصيات اليمينية إلى الجمهور.

هناك عدة عواقب لهذا الواقع. إذ ٌنه يغير الطريقة التي يتحدث بها اليمين. سيكون الناس بطبيعة الحال عرضة لتركيز معظم جهودهم على الوسيلة التي يتفاعلون من خلالها مع معظم الناس. على سبيل المثال، الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يتفاعلون مع أعمالي يفعلون ذلك من خلال قراءة مقالاتي، وليس من خلال مشاهدة منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي. فأعمالي المكتوبة هي المحور الرئيس لحياتي المهنية، في حين أن منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي هي في الأساس فكرة تخطر بالبال.

ولكن ماذا لو تم عكس هذا التوازن؟ إن هذا من شأنه أن يركز تفكير الشخص (أو الحركة) على مواقف وسائل التواصل الاجتماعي وابتعاده عن أنواع الحجج التي تتطلب طول عمود أو مقال. لا تخلق وسائل التواصل الاجتماعي سوقاً للأفكار بقدر ما تخلق معرضاً للمقاطع، حيث يمكنك قضاء ساعات في تصفح مقاطع الفيديو القصيرة والردود السريعة.

هذه هي الطريقة التي تنقل بها الحركة ولاءها من أفكار رجل مثل المفكر الأميركي والكاتب المحافظ «ويليام فرانك باكلي الابن» إلى مؤثر على منصة إكس @Catturd2 ومتابعيه البالغ عددهم 2.4 مليون. 

وهذا التحول له تأثير في زيادة تطرف اليمين. في العالم غير المتصل بالإنترنت، يعتبر جنون العظمة عائقاً يمنعك من رؤية العالم بوضوح. في أجزاء من عالم الإنترنت، تعتبر شخصاً محتالاً إذا لم تكن مصاباً بجنون العظمة، وإذا كنت لا ترى مؤامرة يسارية في كل زاوية.

وأخيراً، يعمل هذا الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل موقف اليمين من حرية التعبير. ومع فقدان المنصات التي قاموا بإنشائها لحركة المرور، يصبح من المهم للغاية أن تضمن الشخصيات اليمينية مكانها على المنصات التي لم ينشئوها. وبالتالي، فإن نفس الحزب «الجمهوري» الذي دافع عن نفسه لحماية خطاب الشركات وممارسة الشركات للدين في قضايا المحكمة العليا التي تشمل سيتيزنز يونايتد، وهوبي لوبي، و303 كرييتف، أصدر الآن قوانين في فلوريدا وتكساس تحاول إملاء سياسات الاعتدال على الشركات الخاصة.

لكي نكون واضحين: إن ديناميكيات وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى تآكل اليمين واليسار على حد سواء، وليست المواقع اليمينية فقط هي التي تفقد القراء. (ذكر موقع ذا رايتنج أيضاً أن شبكة سي إن إن فقدت 20% من زوارها، على سبيل المثال). وقد يكون الناشطون اليساريون على وسائل التواصل الاجتماعي متآمرين وانتقاميين مثل أسوأ من يعبرون عن اليمين. ولكن كان هناك اختلاف كبير. في حين أن موقع «تويتر» قبل «ماسك» كان ذات يوم مركزاً لعالم الصحفيين والناشطين ذوي الميول اليسارية، إلا أنهم تخلوا عن الموقع بشكل كبير باعتباره عرضاً جانبياً. وفي الوقت نفسه، بالنسبة إلى اليمين، أصبح «إكس» الخاص الذي يمتلكه ماسك هو المسرح الرئيس.

ليس هناك أسوأ من دونالد ترامب وإيلون ماسك لتشكيل شخصية حركة «ماجا». ومع ذلك، ها نحن ذا، حيث يسيطر ترامب على وصول اليمين إلى السلطة، ويتحكم ماسك بشكل متزايد في وصول اليمين إلى عامة الناس.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»